أعلن حزب "الليكود" بزعامة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مساء الأربعاء، رفضه اقتراح الوزير بمجلس الحرب بيني غانتس إجراء انتخابات عامة مبكرة في سبتمبر المقبل.

وقال الحزب في بيان: "في لحظة مصيرية لإسرائيل وفي خضم الحرب، يجب على غانتس التوقف عن الانخراط في سياسة تافهة يلجأ إليها فقط بسبب تفكك تحالفه السياسي".

وفي 12 مارس الماضي، أعلن غدعون ساعر رئيس حزب "أمل جديد" إنهاء شراكته السياسية مع غانتس وحل تحالف "معسكر الدولة"، ليخرج ساعر بمقاعد حزبه الـ4 في الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي، تاركًا حزب غانتس "أزرق-أبيض" مع 8 مقاعد.

وزعم الليكود أن إجراء "انتخابات الآن سيؤدي حتمًا إلى الشلل والانقسام والإضرار بالقتال في مدينة رفح (جنوبي قطاع غزة) والإضرار الخطير بفرص التوصل إلى صفقة لإطلاق سراح المختطفين (الأسرى الإسرائيليين في غزة)".

وختم بقوله: "ستستمر الحكومة حتى تحقيق كافة أهداف الحرب".

من جانبها، قالت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية إن نتنياهو سبق وأبلغ غانتس في لقاء جمعهما الأربعاء، بأنه يرفض بشكل قاطع تبكير الانتخابات.

مع ذلك، نقلت الهيئة عن مسؤول في حزب "أزرق-أبيض" إن غانتس، وهو أحد المنافسين السياسيين الرئيسيين لنتنياهو، لا يفكر في الانسحاب من الحكومة الآن بعد رفض نتنياهو تبكير الانتخابات.

 

مظاهرات تطالب بتنحي نتنياهو وإجراء انتخابات مبكرة

ومن جهة أخرى، عادت الاحتجاجات المعارضة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (74 عامًا) إلى الشوارع، مطالبةً إياه صراحةً بالتنحي وإجراء انتخابات مبكرة فورًا.

وهذه الاحتجاجات، التي عادت إلى مدينتي تل أبيب والقدس الغربية، تشبه في حشودها الكبيرة تلك التي توقفت مع بدء الحرب الإسرائيلية المدمرة على غزة في 7 أكتوبر 2023.

وبينما أطلقت المظاهرات السابقة الدعوات نفسها، وهي تنحي نتنياهو وإجراء انتخابات مبكرة، كان السبب مختلفًا، وهو مشاريع قوانين دفعت بها الحكومة لـ"تهميش السلطة القضائية"، وفق المعارضة.

وفي الاحتجاجات الحالية، فتشارك عائلات الأسرى الإسرائيليين في غزة، وتدعو إلى إبرام صفقة لتبادل أسرى مع حركة "حماس"، وإجراء انتخابات مبكرة.

وتحتجز تل أبيب في سجونها ما لا يقل عن 9 آلاف و100 فلسطيني، بينما تقدر وجود نحو 134 أسيرًا إسرائيليًا في غزة، فيما أعلنت "حماس" مقتل 70 منهم في غارات إسرائيلية عشوائية.

ومساء الأحد، شارك عشرات آلاف الإسرائيليين في احتجاجات بالقدس الغربية؛ للمطالبة بصفقة تبادل أسرى وانتخابات مبكرة فورًا، وحاول المئات منهم الوصول إلى مقر إقامة نتنياهو، لكن الشرطة منعتهم.

وتتهم المعارضة نتنياهو باتباع سياسات تخدم مصالحه الشخصية، ولا سيما الاستمرار في السلطة، والفشل في تحقيق أهداف الحرب على غزة، وخاصة القضاء على "حماس" وإعادة الأسرى الإسرائيليين.

ونتنياهو هو رئيس الوزراء الإسرائيلي الأطول بقاء في السلطة، ويقود الحكومة الائتلافية الراهنة منذ 29 ديسمبر 2022.

 

صافرة البداية

المحلل السياسي في صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية ناحوم بارنياع، اعتبر، الاثنين الماضي، أن الاحتجاجات الراهنة بمثابة "صافرة البداية لموسم جديد من الاحتجاجات".

وقال إن مظاهرة الأحد "كانت مثيرة للإعجاب بحجمها. كان شارع كابلان في القدس ممتلئًا (بالمحتجين) من وزارة الخارجية إلى وزارة المالية. وكان القطار مزدحمًا أيضًا".

وتابع: "القطارات كانت ممتلئة للغاية، لدرجة أن الركاب اضطروا إلى الانتظار على الرصيف للقطار التالي والذي يليه، تمامًا كما كان الحال في أيام الاحتجاج الجيدة، قبل أكتوبر".

بارنياع رأى أنه "الليلة الماضية، في القدس، أُطلقت صافرة البداية لموسم جديد من احتجاجات أكثر منطقية ترتكز على سلسلة إخفاقات الحكومة قبل وفي وبعد 7 أكتوبر".

وفي 7 أكتوبر الماضي، شنت "حماس" هجمات على قواعد عسكرية ومستوطنات بمحاذاة غزة؛ ردا على "جرائم الاحتلال اليومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، ولاسيما المسجد الأقصى"، حسب الحركة.

واعتبر بارنياع أن "فترة ضبط النفس بسبب الحرب انتهت، وكانت الانتقادات ضد نتنياهو (في الاحتجاجات) صارخة وقاسية للغاية".

وأردف أن "عائلات الأسرى اعتلت المسرح (في الاحتجاجات). ممثلو حوالي 80 عائلة اختاروا خوض معركة أكثر عدوانية ضد سلوك نتنياهو (المتعنت) في المفاوضات مع حماس".

وموجهةً حديثها إلى نتنياهو، قالت كارميت بيلاتي كازير، وهي محتجة لها شقيق أسير في غزة: "إذا لم تكن قادرًا على التوصل إلى اتفاق، فامنح مقعدك لشخص آخر"، وفق بارنياع.

 

انتخابات فورية

"طالما أننا دولة ديمقراطية، فهناك أداة للتغير تسمى: الانتخابات. (نريد) الانتخابات الآن".. هكذا تحدث زعيم المعارضة ائير لابيد خلال مظاهرة القدس الغربية الأحد.

وتابع لابيد: "لا يمكن الاستمرار على هذا النحو. يمكننا تشكيل حكومة أخرى خلال أسابيع قليلة. حكومة جيدة ولائقة وفعالة. حكومة أولويتها عودة المختطفين.. نحن بحاجة إلى انتخابات الآن".

كما قالت الزعيمة السابقة لحزب "ميرتس" زهافا غلؤون، في مقال بصحيفة "هآرتس" الأحد: "نتنياهو فشل، وإذا أردنا المستقبل، فعلينا العودة إلى الشوارع".

ومنتقدةً خلافات حكومة نتنياهو مع إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، أضافت أنه "بدون شحنات الذخيرة الأمريكية، لم يكن بوسع إسرائيل أن تقاتل في غزة أو تقصف لبنان".

وحذرت من أن "العملية الإسرائيلية المرتقبة في رفح هي وهم خطير؛ فلا توجد خطط إسرائيلية لإجلاء الأعداد الكبيرة من النازحين، على عكس رغبة واشنطن".

وبزعم أنها "المعقل الأخير لحماس،" أعلن نتنياهو الأحد الموافقة على خطط عملياتية لاجتياح رفح، رغم التحذيرات الدولية من تداعيات كارثية، في ظل وجود نحو 1.4 مليون نازح.

غلؤون شددت على أن "إسرائيل تفتقر إلى مخزون من الذخيرة يمَكنها من التحرك دون شرعية دولية (دون دعم أمريكي).. لقد نفد خط الائتمان الذي منحه العالم لنتنياهو. وحان الوقت لنوقف خط الائتمان الذي قدمناه له".

وقالت إنه "في الأشهر الستة منذ 7 أكتوبر الماضي، فشل نتنياهو. فهو لم يعد الرهائن ولم يقض على حماس، وقدم فقط ما يعرف الحديث عنه: الأكاذيب والدماء".

وزادت بأنه "إذا أردنا المستقبل، فعلينا العودة إلى الشارع، وأن يكون مطلبنا واضحًا: لجنة تحقيق حكومية (في الإخفاقات) وانتخابات الآن، طالما أنه توجد فرصة لإعادة الرهائن أحياء".

وتُصر "حماس" في المفاوضات، بوساطة مصر وقطر والولايات المتحدة، على وقف الحرب، وانسحاب القوات الإسرائيلية من قطاع غزة، وحرية عودة النازحين إلى مناطقهم لاسيما في الشمال، وإدخال مساعدات إنسانية كافية إلى القطاع المحاصر منذ 17 عامًا.

 

الضغط على نتنياهو

أما المحلل الإسرائيلي عاموس هارئيل، فانتقد في "هآرتس" عن استمرار "الركود" في المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل و"حماس" منذ أشهر.

وقال إنه "يبدو أن العديد من عائلات الرهائن فهمت أنه إذا كانت هناك أي فرصة لتحريك المفاوضات، فهي في أيديهم إلى حد كبير، عبر زيادة الضغط على نتنياهو".

وأردف أن "المفاوضات الراهنة تُجرى في ظل مظاهرات تشكل، لأول مرة منذ بدء الحرب، تحديا لنتنياهو. ويبقى أن نرى ما هي الاستنتاجات التي ستستخلصها منها حماس، التي تتابع الأحداث في إسرائيل عن كثب".

لكن نتنياهو بدا معاندًا ومصممًا على رفض الانتخابات، إذ قال في مؤتمر صحفي بالقدس الغربية مساء الأحد، إن "الدعوات إلى اجراء انتخابات الآن في أوج الحرب، وقبل لحظة من تحقيق النصر، ستشل إسرائيل لمدة ثمانية أشهر".

وأضاف أن "هذا سيشل (تجميد) المفاوضات الخاصة بإطلاق سراح مختطفينا، وينهي الحرب قبل تحقيق أهدافها، والطرف الأول الذي سيرحب بذلك سيكون حماس".

وخلفت الحرب الإسرائيلية على غزة عشرات آلاف الضحايا المدنيين، معظمهم أطفال ونساء، ودمارًا هائلًا في البنى التحتية والممتلكات ومجاعة أودت بحياة عشرات الأطفال، حسب بيانات فلسطينية وأممية.

وتواصل إسرائيل الحرب رغم صدور قرار من مجلس الأمن الدولي يطالب بوقف فوري لإطلاق النار خلال رمضان، ورغم مثولها للمرة الأولى أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب "إبادة جماعية".