"تحسبهم جميعًا وقلوبهم شتى".. هكذا وصف القرآن الكريم اليهود في سورة الحشر، وكأنها رسالة ربانية لفهم طبيعة الإسرائيليين، مهما بدوا أمام الإعلام أو الرأي العام أنهم يد واحدة على من سواهم.

وعبر خمسة أشهر ماضية، ظهرت هذه الحقيقة ماثلة أمام الجميع، من خلال الأزمات التي تشتعل بين قياداتهم السياسية من جهة، وجنرالاتهم العسكريين من جهة أخرى.

وتشير الأنباء إلى أن الحكومة الإسرائيلية تواجه 4 أزمات حادة معًا، تؤشر على أجواء مشحونة من المنتظر أن تعمّق حالة عدم الاستقرار السائدة منذ بدء الحملة العسكرية على قطاع غزة.

ويقف سفر عضو مجلس الحرب، بيني غانتس، إلى واشنطن، من دون الحصول على مصادقة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، على رأس هذه الأزمات.

وفي أزمة ثانية، تردد في الساعات الأخيرة أن قرارًا صدر بحظر إطلاع وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير على الإفادات والتقارير الاستخبارية.

كما يقف قانون التجنيد الجديد في قلب حالة من الجدل الحاد داخل الحكومة والجيش، وبين الأوساط "الحريدية"، المتشددة دينيًا.

ومؤخرًا قدم عدد من طاقم متحدث الجيش الإسرائيلي استقالاتهم على خلفية نتائج الحرب في قطاع غزة.

 

غانتس يُعامل في واشنطن معاملة رئيس الوزراء

موقع واللا الإخباري الإسرائيلي ذكر، يوم الاثنين، أن جدول أعمال غانتس في واشنطن، المكتظ بالاجتماعات المهمة، يؤشر على أن البيت الأبيض يتعامل معه على أنه رئيس الوزراء.

ولفت إلى أن الاجتماعات التي سيشارك فيها تشبه تلك التي يعقدها نتنياهو حال سفره، وأن جدول أعمال زعيم "معسكر الدولة" لا يتناسب مع كتلة لديها 12 نائبًا فقط في الكنيست.

وفسَّر الموقع ذلك بأن الإدارة الأمريكية أدركت أنه من غير الممكن إدارة العلاقات بين البلدين عبر نتنياهو وحده، وكشف أن شخصيات أمريكية رسمية طلبت مقابلة غانتس، وأن الأخير وافق.

وتابع أن لدى البيت الأبيض إدراكًا بأن جدول أعمال غانتس في واشنطن يعدّ رسالة إلى نتنياهو بأنه "لن يحتكر العلاقات بين البلدين"، وأن هذه الرسالة موجهة أيضًا للشعب الإسرائيلي، وفقًا لموقع "إرم".

وكانت الزيارة قد أثارت غضب نتنياهو، لا سيما أنها لم تُنسَّق معه، وصرح بأن "إسرائيل لديها رئيس وزراء واحد"، كما أمر سفير تل أبيب في واشنطن بعدم التعاطي مع تلك الزيارة.

ومن المتوقع أن يصل الوزير غانتس، الذي يزور واشنطن حاليًا، إلى لندن حيث سيلتقي بوزير الخارجية ديفيد كاميرون في مسعى لمنع حظر توريد الأسلحة على إسرائيل، بحسب المصدر ذاته.

وتابعت القناة (12)، أن مكتب غانتس يقوم بتنسيق زيارته المرتقبة إلى لندن من تلقاء نفسه بشكل كامل، سواء من الناحية اللوجستية أو الإعلامية، لأنه لا يتلقى أي مساعدة على الإطلاق من السفارة الإسرائيلية.

 

حظر إطلاع إيتمار بن غفير على الإفادات والتقارير الاستخبارية

في غضون ذلك، وردت أنباء عن حظر إطلاع الوزير بن غفير على الإفادات الاستخبارية، خشية تسريبه لها، حسب ما أفادت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية، الاثنين، مشيرة إلى أنه متهم بتسريب وثائق حساسة أكثر من مرة، وقام بتصوير الجلسات السرية التي ناقشت ملفات حساسة.

وقالت إن بن غفير انتهك التعليمات الأمنية مرارًا، وإن هيئة الأمن القومي بدأت مقاطعته، بعد أن كان قد التقط صورًا لشخصيات أمنية مشاركة في اجتماعات مغلقة، لا يتعين الكشف عن هويتها.

وقالت "القناة 12" العبرية، مساء الأربعاء الماضي، إن مجلس الحرب سحب الصلاحيات التي تخص المسجد الأقصى من وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير.

وأضافت أنه لن تكون هناك قيود على دخول فلسطينيي الداخل والمقدسيين إلى المسجد الأقصى خلال شهر رمضان.

من جانبه، طالب بن غفير، رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بنفي ما أوردته "القناة 12"، وقال في منشور له عبر حسابه على منصة "إكس": "أتوقع من رئيس الوزراء أن ينفي التقرير الذي يفيد بأنه، فيما يتعلق بموضوع جبل الهيكل، قرر اتباع مفهوم بيني غانتس القائل بأن السلام يُشترى بالخضوع والخضوع للإرهاب، وعن نية نقل الصلاحيات التي يملكها وزير الدولة".

وكان مسؤول في الشرطة الإسرائيلية قد حذّر من فرض قيود على دخول الفلسطينيين إلى المسجد الأقصى خلال شهر رمضان، باعتبار ذلك قد يشعل القدس ومدنًا فلسطينية أخرى، وفق ما أوردته "القناة 12".

وأعلن بن غفير في وقت سابق، نيته منع دخول الفلسطينيين من الضفة إلى المسجد الأقصى في رمضان وتقييد دخول فلسطيني 48.

 

قانون التجنيد الجديد

وفي الملف الثالث، تسود حالة من الغضب في الشارع الحريدي، على خلفية قانون التجنيد الجديد، الذي يدعو إلى دمجهم في الخدمة العسكرية.

وذكرت صحيفة "يسرائيل هايوم"، الاثنين، أن وزير الدفاع يوآف غالانت تعهد بعدم تقديم القانون إلا بموافقة كل مكونات الائتلاف، بما في ذلك "معسكر الدولة"، فيما يدعم نتنياهو والتيار الحريدي إعفاء الشبان الحريديم وتفرغهم للدراسة الدينية.

وذكرت الصحيفة أن عشرات الشبان الحريديم المتطرفين شاركوا في تظاهرة، الأحد، وقطعوا الطريق السريع رقم 4؛ احتجاجًا على القانون الذي يساوي بين الجميع في الأعباء، ورفع المتظاهرون لافتات ضد القانون، من بينها لافتات كُتب عليها "نموت ولا نخدم في الجيش".

 

استقالات واسعة في طاقم متحدث الجيش الإسرائيلي

قالت قناة (14) الإسرائيلية الخاصة، الأحد، عن استقالات واسعة مؤخرًا في طاقم المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري، على خلفية نتائج الحرب في قطاع غزة.

وحسب القناة، فإنّ "الرجل الثاني في طاقم هاغاري، موران كاتس، وعددًا كبيرًا من المسؤولين في نظام المعلومات التابع له، قدموا استقالاتهم، على خلفية الحرب في غزة".

"ومن بين الذين أعلنوا تقاعدهم أيضًا، الجنرال ريتشارد هيشت، المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي لشؤون الإعلام الأجنبي"، وفق القناة ذاتها.

وأوردت تقارير إسرائيلية خلال الشهور الأخيرة، أنباء عن خلافات عميقة بين المستوى السياسي في إسرائيل، والجيش الإسرائيلي، بسبب إدارة الحكومة للحرب، وخطتها لما بعد الحرب في قطاع غزة.

 

نتنياهو لم يعد مؤهلًا لإدارة دولة

ومن جهته، أكد زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد، أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو "لم يعد مؤهلًا لإدارة الدولة"، داعيًا لإجراء الانتخابات بشكل "فوري".

وأضاف في منشور على منصة "إكس"، الاثنين الماضي: "رئيس وزراء لم يعد مؤهلًا لإدارة دولة. ومن أجل الأمن، ومن أجل النصر، نحتاج إلى انتخابات الآن".

وكان نتنياهو أكد مرارًا في الأسابيع الأخيرة رفضه إجراء الانتخابات في ظل الحرب، بينما تطاله انتقادات محلية ودولية بشأن موقفه من استمرار الحرب بينما يتساقط المحتجزون الإسرائيليون قتلى في قطاع غزة دون مؤشرات واضحة عن اتفاق يضمن عودتهم.

وتابع لابيد: " قال نتنياهو هذا الأسبوع إن الانتخابات الآن هي حلم أعدائنا. عكس ذلك يا سيدي، إن حلم عدونا هو أن تستمر في الخدمة"، وفقًا لـ"الأناضول".

واعتبر لابيد أن إسرائيل أمامها خياران "حكومة سيئة وخطيرة ومتفككة وسامة، أو انتخابات تؤدي إلى حكومة جيدة ستعيد الأمن لشعب إسرائيل".

وتابع: "ليس هناك ما يخيف يحيى السنوار وإسماعيل هنية أكثر من حقيقة أن تكون هناك حكومة إسرائيلية فعالة وآمنة وفاعلة".

ووجه لابيد الاتهام لنتنياهو بـ"إدارة حملة ضد قادة الأمن الإسرائيلي لتوجيه اللوم لهم" بالمسؤولة عن إخفاق 7 أكتوبر 2023 في غرف قطاع غزة.

ورفض نتنياهو مرارًا في الأشهر الماضية تحمل أي مسؤولية عن إخفاق 7 أكتوبر الماضي.

وكان عدد من القادة الأمنيين والعسكريين والسياسيين الإسرائيليين أعلنوا في الأشهر الماضية تحملهم المسؤولية الشخصية عما قالوا إنه "اخفاق استخباري وعسكري وسياسي" نتج عنه هجوم "حماس" المفاجئ على 22 بلدة و11 قاعدة عسكرية بمحاذاة قطاع غزة يوم 7 أكتوبر.

 

نتنياهو فرض سيطرته على مجلس الحرب

وقال الكاتب المختص بالشأن الإسرائيلي إيهاب جبارين، إن نتنياهو كان قد فرض سيطرته على مجلس الحرب والائتلاف الحكومي والكنيست في فبراير الماضي لأول مرة منذ توليه زمام القيادة نهاية عام 2022.

وأشار جبارين -في حديثه لبرنامج "غزة.. ماذا بعد؟"- إلى أن الأمور خرجت عن السيطرة خاصة مع تصريحات وزير الدفاع يوآف غالانت بشأن تجنيد اليهود المتشددين وإخراج الجيش شريطًا يظهر قتل أسيرين في غزة "ليتضح مدى وعمق الفجوة بين طموحات نتنياهو وقدرات إسرائيل العسكرية في الميدان".

ونبه إلى أن هاليفي كان منذ اليوم الأول للحرب بموضع سهام شركاء نتنياهو الحكوميين، وللمرة الأولى بتاريخ إسرائيل يتهكم أعضاء كنيست ويهاجمون رئيس الأركان في خضم حرب.

وأكد أن نتنياهو لم يسيطر على المشهد الميداني رغم سيطرته سياسيًا "لذلك أكثر ما يخافه هم نخبة رجال الأمن كونه خريج السلك الدبلوماسي وحربه ضد هذه الشخصيات ليست وهمية، لأنهم قادرون على إظهاره كالرجل الضعيف".