أكد آلاف النازحين الفلسطينيين بعد المجزرة الإسرائيلية في مدينة رفح، رفضهم لكل محاولات تهجيرهم خارج قطاع غزة، وأكدوا تمسكهم بأراضيهم، وتفضيل "الموت في غزة على الهجرة إلى سيناء".

وتعتبر رفح حالياً من أكثر المناطق اكتظاظا بالسكان في قطاع غزة، بعد إجبار الجيش الإسرائيلي الفلسطينيين من سكان شمالي القطاع، على النزوح إلى هناك.

وفي اليوم الـ129 من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، شنّ الاحتلال قصفًا عنيفًا على رفح أدى إلى استشهاد نحو 164 شخص بينهم أطفال وإصابة مئات آخرين، في حين زعم الاحتلال أنه شن هجمات على أهداف "نوعية" في منطقة الشابورة برفح، وإنه تمكّن من تحرير إسرائيليين اثنين في عملية خاصة.

وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية عن تعرض الجيش الإسرائيلي لكمين محكم جنوب شرق خان يونس، وأكدت أن نقل القتلى والجرحى من الجنود استغرق عدة ساعات.

وبينما قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن "عدم دخول رفح سيؤدي إلى خسارة الحرب والإبقاء على حماس"، أكد الرئيس الأمريكي جو بايدن -في اتصال هاتفي مع نتنياهو- أن العملية العسكرية في رفح لا ينبغي لها أن تستمر من دون خطة موثوقة وقابلة للتنفيذ.

 

رفض التهجير

وبنبرة غاضبة ونظرة حادة، يقول المسن رائد الشرفا (62 عامًا): "بموت هان في رفح ولا بطلع على سيناء، بالقوة وبالقصف لما طلعنا ونزحنا من دارنا، قصفوا مدرسة أبو بكر الصديق، وابني استشهد".

ويضيف: "أنا نزحت من غزة إلى رفح رغم أنني كنت أرفض الخروج لكنني أجبرت من أجل أولاد ابني كانوا عندي وابني اعتقله الجيش الإسرائيلي".

ويستكمل حديثه: "لو قتلوني هان مش طالع من رفح، مستحيل ومن سابع المستحيلات، وهاد حال الشعب كله مش بس أنا"، متسائلًا باستهجان: "كيف بدنا نطلع على سيناء ونسيب أرضنا!".

وتتفق أزهار حمدي النازحة من غزة مع سابقها حول رفض فكرة التهجير إلى سيناء، وتقول: "أموت على أرض قطاع غزة العزة ولا بفكر أطلع".

وتضيف: "ألا يكفي انه تم تهجيرنا داخل أراضينا؟! لا ولن نقبل التهجير إلى سيناء، هم يرتكبون جرائم بحقنا أينما كنا او ذهبنا ولا يهمهم شيء"، وفقًا لـ"الأناضول".

وتستغرب إصرار الجيش الإسرائيلي على ارتكاب مجازر وجرائم إبادة في كل مكان داخل قطاع غزة دون انصياع لمحكمة العدل الدولية أو الاستجابة للضغوط الدولية.

 

مجازر وجرائم إبادة

ويقول الحاج المسن إبراهيم عواد (63 عامًا): "لو توغل الجيش الإسرائيلي في رفح، سيرتكب مجازر وجرائم إبادة جماعية بحق المدنيين الأبرياء".

وبلهجة غاضبة، يضيف الحاج عواد: "والله احنا بنسمع أن الجيش الاسرائيلي يتوعد ببدء عملية عسكرية في رفح بعد ما نزحنا من الشمال".

ويتساءل بقوله: "يعني وين بدنا نروح لم يبق بالعمر حياة، والأفضل أن نموت هنا في بلادنا"، رافضًا فكرة تهجير الفلسطينيين إلى شبه جزيرة سيناء شمال شرق مصر.

ويتركز نحو 1.5 مليون فلسطيني في محافظة رفح بعد أن وصلوا إليها من شمال ووسط قطاع غزة بعد بدء الحرب الإسرائيلية في السابع من أكتوبر الماضي.

وزاد عدد المتواجدين في رفح بعدما وصل عشرات الآلاف إليها في الأيام الماضية إثر تصعيد إسرائيل العمليات العسكرية في خانيونس.

ومنذ 22 من يناير الماضي، يشن الجيش الإسرائيلي سلسلة غارات مكثفة جوية ومدفعية على خانيونس، وفي محيط المستشفيات المتواجدة فيها، وسط تقدم بري لآلياته بالمناطق الجنوبية والغربية من المدينة، ما دفع آلاف الفلسطينيين للنزوح منها.

ومنذ 7 أكتوبر 2023، يشن الجيش الإسرائيلي حربًا مدمرة على قطاع غزة، خلفت حتى اليوم الاثنين "28 ألفًا و340 شهيدًا و67 ألفًا و984 مصابًا، معظمهم أطفال ونساء"، بالإضافة إلى آلاف المفقودين تحت الأنقاض، وفق بيانات فلسطينية وأممية.

 

لم تبق أي بقعة آمنة في قطاع غزة

وترفض الفلسطينية وفاء أحمد (58 عامًا)، فكرة التهجير إلى سيناء أو أي مكان آخر خارج الأراض الفلسطينية.

وتقول أحمد النازحة من مدينة غزة: "إنّ الأوضاع في رفح أصبحت صعبة للغاية، بعد تكثيف الجيش الإسرائيلي غاراته وقصفه في الأيام الماضية".

وتخشى من وقوع مجازر وجرائم إبادة بحق السكان والنازحين الذين تمتلئ بهم شوارع المدينة، مشيرةً إلى نزوحها في بداية الحرب باتجاه بلدة الزوايدة وسط قطاع غزة قبل الانتقال إلى رفح.

ويتفق الشاب قصي عبد اللطيف (19 عاماً)، مع سابقيه من حيث خشيته من بدء أي عملية عسكرية إسرائيلية في رفح، في ظل حالة التكدس الكبير وغير المسبوق داخل المحافظة.

ويقول عبد اللطيف: "رفح تمتلئ عن بكرة أبيها بالنازحين وهناك تكدس في كل مكان، ولم تبق أي بقعة آمنة في قطاع غزة".

ويشدد على رفضه فكرة التهجير إلى سيناء، مستغربًا صمت العالم أجمع تجاه عمليات التهجير القسري الذي ترتكبه إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني.

ويتوزع النازحون في مخيمات ومراكز الإيواء والشوارع والأزقة والساحات العامة والحدائق في رفح، بحثًا عن خيارات للنجاة من القصف.

وبينما تتساءل الفلسطينية إنشراح حمد عن الكيفية التي سينفذ فيها الجيش الإسرائيلي عمليته العسكرية في رفح رغم التكدس البشري الكبير فيها، تؤكد رفضها فكرة التهجير خارج قطاع غزة.

وتؤكد النازحة من بلدة بيت حانون شمال قطاع غزة، أنه في حال أقدم الجيش على تنفيذ عمليته العسكرية سيرتكب مجازر فظيعة وسيسقط أعداد كبيرة من الشهداء، مستغربة رفض إسرائيل إعادة النازحين الى شمال قطاع غزة.

وتفضل حمد الموت في قطاع غزة على التهجير إلى سيناء أو أي مكان آخر، متسائلة: "ماذا نفعل في بلد ليست وطننا؟!".