حذر تقرير حقوقي أصدرته "المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان - شاهد"، وهي مؤسسة حقوقية مقرها بيروت، من أن تعليق تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" يشكل عقابًا جماعيًا لملايين اللاجئين الفلسطينيين.

وقالت "شاهد" في تقريرها، إن "توقيت هذا التعليق في جاء ظل احتياج كبير للاجئين الفلسطينيين عمومًا واللاجئين منهم في قطاع غزة، خصوصا في ظل حرب الإبادة التي يشنها جيش الاحتلال هناك".

وأوضح مدير مؤسسة "شاهد"، محمود الحنفي، خلال مؤتمر صحفي، عقد في العاصمة بيروت، اليوم الثلاثاء، أن "التقرير "هدف إلى تسليط الضوء على الولاية القانونية للأونروا بموجب القرار الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 302/1948، وكذلك تمكين الوكالة الدولية من الإيفاء بالتزاماتها الدولية تجاه اللاجئين الفلسطينيين في الأقطار الخمسة"، في إشارة إلى الضفة الغربية وغزة والأردن وسوريا ولبنان.

وحذر التقرير الدول المانحة وكذلك الدول المضيفة من أن هذا القرار "سوف يكون له انعكاسات خطيرة في الأفق القريب".

وبحسب التقرير، فإن وكالة "أونروا" تعد "الشاهد الحي على النكبة، ورئة يتنفس منها 5.9 مليون لاجئ فلسطيني يندرجون تحت ولايتها في مناطق عملها، وتتعرض الوكالة لاستهداف مباشر وواضح المعالم منذ سنوات، رغم أهمية دورها بالنسبة لملايين اللاجئين".

وأظهر التقرير أن "تعليق تمويل الأونروا له انعكاسات جوهرية تتعلق بحياة اللاجئين الفلسطينيين في جميع أماكن تواجدهم تشمل التعليم والصحة والإغاثة والبنى التحتية، وسوف يؤدي إلى زيادة نسبة الفقر والأمية والبطالة".

كما بيّن التقرير أن "عجز الوكالة الدولية عن الإيفاء بالتزاماتها الدولية تجاه اللاجئين سوف ينعكس إلى حد بعيد على الدول المضيفة التي تعاني أساسًا من أزمات اقتصادية واجتماعية حادة ومتراكمة".

وأشار التقرير إلى أن تعليق تمويل الوكالة الأممية "هو فعل محظور حسب القانون الدولي، ويصنف على أنه شكل من أشكال العقوبات الجماعية وبتالي قد يرقى إلى مستوى جريمة حرب" بحسب منظور التقرير.

وكشف التقرير عن أنه "ثمة مؤشرات ومعلومات إلى أن إسرائيل ومنذ اتفاق أوسلو عام 1993 بدأت بالترويج إلى أن الأونروا لم يعد لها حاجة فعلية، وأن على العالم أن يهتم بقيام دولة فلسطينية، وقد وضعت خططًا لذلك، كما صرح أكثر من مسؤول بذلك علانية، وقد استغلت إسرائيل حرب الإبادة التي تشنها على قطاع غزة لتتابع حملتها ضد الأونروا".

كما أشار التقرير إلى أن قرار وقف تمويل "أونروا" من بعض الدول المانحة "يتزامن مع قرار محكمة العدل الدولية الذي أثار استياء إسرائيل، مما يعتبر رد فعل واضح من هذه الدول لصالح إسرائيل".

وبيّن التقرير أن "إسهامات الدول العربية المادية والعينية تبلغ نسبة 5.1 بالمئة لصندوق الأونروا لا تسهم في سد احتياجات اللاجئين، كما أن هذه النسبة لا يمكن أن تعوض النقص الكبير فيما لو مضت الدول الكبيرة في قرارها بتعليق التمويل، الذي تصل نسبته إلى 78 بالمئة".

وأوصى التقرير، بأن يقوم المجتمع الدولي بالطلب من الدول التي علقت تمويلها بـ "إعادة النظر في قرارها بشكل فوري، بل وزيادة إسهاماتها المالية لسد العجز المزمن ولضمان استمرار عمل الوكالة وتقديم خدماتها الحيوية للاجئين".

وأُوقِف تمويل وكالة "أونروا" من قبل أكثر من 16 دولة مانحة، بما في ذلك الولايات المتحدة، بعدما قدمت "إسرائيل" ادعاءات بأن العديد من موظفي الوكالة الأممية شاركوا في عملية "طوفان الأقصى" التي نفذتها "حماس" في الـ7 من أكتوبر الماضي.

وشكلت التبرعات المقدمة من 3 دول أعلنت تجميد تمويلها، وهي الولايات المتحدة وألمانيا واليابان، ما يقرب نصف إجمالي الإسهامات للوكالة في عام 2022، وفقًا لـ"أونروا".

وحذرت "الأونروا" من جانبها، من أنها "قد تضطر إلى إيقاف خدماتها في قطاع غزة مع نهاية الشهر الحالي، بسبب تعليق عدد من الدول مساعداتها".

 

شطب حق العودة

ويقول الكاتب الصحفي عبد الله كميل، في صحيفة "القدس" الفلسطينية تحت عنوان "الأونروا".. الشاهد على النكبة"، إن "وكالة الأونروا تأسست في أعقاب حرب 1948م بهدف مساعدة اللاجئين الفلسطينيين "إلى حين حل مشكلتهم"، واعتمدت الوكالة على التبرعات الطوعية للدول الأعضاء في الأمم المتحدة، وركزت أنشطتها في "مجالات التعليم والصحة والرعاية الصحية والبنى التحتية".

ويرى الكاتب أن الوكالة ومخيماتها في الضفة والقطاع وخارجهما "شواهد حية على جريمة العصر التي تمثلت في النكبة الناتجة عن المجازر والجرائم التي ارتكبتها العصابات الصهيونية قبل النكبة.. ثم دولة الاحتلال.. من بعدها". ولهذا السبب، كما يقول " فكرت إسرائيل وما زالت في التخلص منها".

وفي هذا السياق جاء ادعاء إسرائيل السابق - بحسب رأيه - لتشويه صورة "الأونروا"، واستجابة بعض الدول له، وعلى رأسها الولايات المتحدة، "دون تأكد مهني من صحة الرواية الإسرائيلية.. بهدف شطب حق العودة، مع العلم بأن الوكالة لديها أكثر من 30 ألف موظف، ولو افترضنا جدلًا أن 12 أو حتى 100 شخص اخترقوا نظام العمل في الوكالة فهل هذا يعني أنها متعاونة مع "حماس"؟

ويلقي كميل الكرة في ملعب إسرائيل فيقول: "هل تعني التقارير الإسرائيلية التي أفادت بإلقاء القبض على أعداد كبيرة من الضباط والجنود الإسرائيليين بتهمة بيع وتهريبهم السلاح للفلسطينيين تعاونهم مع المقاومة الفلسطينية؟".

ويرى كميل في نهاية مقالته أن تجميد واشنطن لتمويل الوكالة "سيزيد عزلتها ويعمق شعور الشعوب بالكراهية تجاه الولايات المتحدة.. وسيجهض مصداقية النظام الدولي".

 

"الأونروا": ما تبقى من تمويلنا يكفي بالكاد حتى نهاية الشهر

ومن جهته، قال عدنان أبو حسنة، الناطق باسم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، أمس الاثنين، إن "التمويل الذي تملكه الأونروا بالكاد يكفي حتى نهاية الشهر الجاري، ما يعني أننا أمام كارثة إنسانية خطيرة".

وأضاف أبو حسنة لـ"إرم نيوز" أن "نحو 1.2 مليون مواطن فقدوا منازلهم بشكل نهائي وأضرار جزئية أصابت منازل مئات الآلاف الآخرين، فضلًا عن ارتفاع نسبة الأمراض والأوبئة الخطيرة بين النازحين في مراكز الإيواء".

وأردف أن "استمرار تعليق تمويل بعض الدول للوكالة سيكون له آثار كارثية ومدمرة على حياة 2.4 مليون إنسان يعيشون ظروفًا قاسية جدًا".

وتابع: "قطاع غزة تعرض إلى نكبة أسوأ من نكبة 1948، واستقبلنا خلال أسبوعين 50 ألف نازح من خان يونس إلى رفح التي باتت تضم 1.4 مليون نازح".

ونوه إلى أن "إسرائيل مطالبة بتقديم معلومات كاملة بشأن الاتهامات الموجهة للأونروا"، موضحًا أن "التحقيق بخصوص وكالة الأونروا يتم من خلال أعلى هيئة رقابية في الأمم المتحدة، ولا يمكن لأحد أن يلقي الاتهامات جزافًا".

وأفاد أبو حسنة بأن "رفح باتت ملاذ مئات الآلاف من النازحين يعيشون فيها ظروفًا مأساوية في ظل النقص الحاد للدواء والغذاء فضلًا عن تلوث المياه الذي يمكن أن يتسبب في مقتل آلاف الأطفال".

وحذر من أن "أي عملية عسكرية إسرائيلية في رفح ستكون بمثابة كارثة كبرى ستودي بحياة الآلاف".