كشفت سلطة جودة البيئة الفلسطينية، اليوم الخميس، أن 66 بالمئة من سكان قطاع غزة يعانون انتشار الأمراض المنقولة بواسطة المياه الملوثة، ومنها الكوليرا والإسهال المزمن والأمراض المعوية.

وقالت المؤسسة (رسمية) في بيان إن "نقص المياه الصالحة للشرب وإغلاق جميع محطات تحلية المياه، نتيجة عدوان الاحتلال الإسرائيلي المتواصل، أسفر عن معاناة 66 بالمئة من أهالي قطاع غزة انتشار الأمراض المنقولة بوساطة المياه الملوثة، كالكوليرا والإسهال المزمن والأمراض المعوية"، حسبما نقلت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا".

وحذرت "جودة البيئة" من مخاطر "قصف الاحتلال الإسرائيلي لخطوط الصرف الصحي" في القطاع، مشيرة إلى أن هذه الممارسات "تؤدي إلى كارثة صحية وبيئية".

 

جياع غزة يشاركون الحيوانات أعلافها

علف الحيوانات دقيق للخبز في غزة | | صحيفة العرب

وأحدث ما لجأ إليه سكان غزة هو تناول الأعلاف الخاصة بالحيوانات أو استخدامها لصنع خبز يسدون به جوعهم وجوع أبنائهم.

وفي المقابل، تنهش الحيوانات جثث القتلى الفلسطينيين المتحللة في شوارع القطاع، بسبب تعذر دفنها جراء الحرب الشرسة.

وأمام هذا الوضع المأساوي، انتشر وسم GazaStarving# (غزة تتضور جوعًا) على منصات التواصل الاجتماعي، مرفقًا بمقاطع فيديو تظهر الجياع في غزة وهم يأكلون أطعمة حيوانات، فيما أظهرت مشاهد أخرى حيوانات تنهش جثث القتلى المتحللة في شوارع القطاع.

وبعد أيام قليلة من إطلاقه، اقترب الوسم من 5 ملايين تفاعل تقريبًا على منصة "إكس"، بينما يُستخدم على نطاق واسع على منصات التواصل الاجتماعي الأخرى، بما في ذلك تيك توك وإنستجرام، لتسليط الضوء على المجاعة ومعاناة أهالي القطاع الذي يرزح منذ أشهر تحت حصار مشدد بالتزامن مع الحرب.

الوسم يسلط الضوء على الخوف المتزايد من المجاعة في غزة، حيث أظهرت تقارير على وسائل التواصل الاجتماعي، الفلسطينيين في غزة وهم يطحنون علف الحيوانات بسبب نقص الطحين اللازم لإعداد الخبز.

كما أظهرت عدة مقاطع فيديو فلسطينيين جائعين يتناولون طعام الحيوانات، بينما كانت القطط والكلاب تنهش الجثث البشرية المتحللة والملقاة في الشوارع لعدم التمكن من دفنها في ظل القصف الشرس الذي يتعرض له القطاع.

وأكد شهود عيان، الأربعاء، استمرار ممارسات جيش الاحتلال الإسرائيلي اللاإنسانية، والاستهتار بجثث الفلسطينيين المتحللة غير المدفونة في جنوب مدينة خانيونس، ومنع الأهالي من انتشالها من تحت الأنقاض، وفقًا لـ"الأناضول".

وأضاف الشهود أن بعض الفلسطينيين عادوا إلى المناطق التي انسحبت منها القوات الإسرائيلية للعثور على جثث ذويهم، بينهم أطفال ونساء، والذين استهدفتهم الدبابات الإسرائيلية بينما كانوا يحاولون الفرار من مدينة خانيونس إلى رفح أقصى جنوب قطاع غزة.

وبحسب الشهود فإن سيارات الإسعاف نقلت بعض هذه الجثث إلى مجمّع ناصر الطبي وسط خانيونس، لكن عندما فتحت الدبابات الإسرائيلية النار على كل من كان في المنطقة، اضطر المسعفون إلى الفرار.

وأضافوا أن بعض الجثث بدأت تتحلل، وأكلت القطط والكلاب أجزاء منها.

في المقابل، أظهر العديد من مقاطع الفيديو التي استخدمت الوسم نفسه، فلسطينيين وهم يأكلون الخبز المصنوع من العلف.

ولوحظ بيع الأعلاف الحيوانية في أسواق شمال قطاع غزة للاستهلاك البشري، بسبب نقص الطحين، وفقًا لمراسل "الأناضول".

وكانت الأمم المتحدة حذرت من أن 2.2 مليون شخص في قطاع غزة، الذين يتعرضون لهجمات إسرائيلية مكثفة، معرّضون لخطر المجاعة.

وفي حين تسمح إسرائيل بدخول عدد قليل من شاحنات المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، والتي تتوزع بشكل رئيس في المناطق الجنوبية، بينما تظل مناطق شمال غزة محرومة بسبب الحصار الإسرائيلي الخانق.

 

العدوان الإسرائيلي يعمل على تدمير مكونات البيئة

وفي السياق، لفتت سلطة جودة البيئة الفلسطينية، إلى أن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة "تسببت باقتلاع نحو 50 ألف شجرة، وتجريف آلاف الدونمات الزراعية والمشاتل والحدائق المنزلية، ما يؤدي إلى زيادة التصحر وفقدان التنوع البيولوجي وتدهور جودة التربة".

واعتبرت أن "العدوان الإسرائيلي لا يشكل كارثة إنسانية فقط، بل يعمل على تدمير مكونات البيئة، بسبب تراكم النفايات الصلبة والطبية، وتوليد الانبعاثات الكربونية"، بحسب المصدر ذاته.

ودعت "جودة البيئة" المجتمع الدولي إلى "التدخل الفوري لمواجهة التحديات البيئية الهائلة، وضرورة اتخاذ إجراءات فورية للحفاظ على البيئة والتصدي لتداول الأضرار البيئية الناتجة عن العدوان الإسرائيلي".

وتُضاف المشكلات البيئية التي خلفتها الحرب الإسرائيلية ضد قطاع غزة إلى عدد من الكوارث الإنسانية الضخمة التي تلاحق سكان القطاع بينها النقص الحاد في إمدادات الغذاء والماء والدواء، مع نزوح نحو 1.9 مليون شخص، بحسب الأمم المتحدة.

وتهدد هذه المشكلات حياة الآلاف ممكن تمكنوا من النجاة من النيران الإسرائيلية.

 

أوضاع معيشية كارثية وأغذية غير متوفرة

 

ومن جهتها، وصفت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، اليوم الخميس، الأوضاع المعيشية بقطاع غزة وتحديدا بمحافظتي غزة والشمال بـ"الكارثية جدًا" بسبب الحرب الإسرائيلية، وفي ظل "عدم توفر المواد الغذائية الأساسية".

وقالت إيناس حمدان، القائم بأعمال مدير مكتب الإعلام بـ"أونروا" في غزة: "الأوضاع المعيشية في قطاع غزة ككل وبالأخص في محافظتي غزة والشمال كارثية جدًا".

وأضافت: "أقل ما يمكن أن يقال هو أن الوضع مأساوي للغاية، فالمواد الغذائية الأساسية مثل الطحين والأرز غير متوفرة، والسكان هناك بالفعل لا يجدون ما يكفي لسد جوعهم".

وأوضحت حمدان، أن نقص الأغذية في القطاع ومحافظتي غزة والشمال يفاقم من "الوضع المأساوي هناك ويؤدي إلى مزيد من المشاكل الصحية في ظل انعدام ظروف حياتية ملائمة".

وبيّنت أن عملية إرسال المساعدات الإنسانية لمحافظة غزة أصبحت من "المهام الصعبة للغاية والأكثر تعقيدًا بسبب القيود الإسرائيلية المفروضة".

وتابعت حمدان أن "مناطق عديدة في محافظتي غزة والشمال يتعذر إيصال المساعدات الإغاثية إليها بفعل القيود".

وأشارت إلى وجود حاجة ملحة لـ"إرسال مزيد من المساعدات الغذائية والإغاثية مثل البطانيات خصوصًا في هذه الأجواء الباردة جدًا، فضلًا عن إرسال الدواء للمحافظتين".

ولفتت حمدان إلى أن قافلتين كانت "أونروا" قد أرسلتهما مؤخرًا (لم توضح الموعد بالتحديد) إلى شمال قطاع غزة، تعرضتا لـ"إطلاق نار أثناء عودتهما إلى الجنوب".

وقالت عن ذلك: "هذا أمر غير مقبول حيث يجب حماية الطواقم الإنسانية التي تعمل في مجال إيصال المساعدات للنازحين، كما يجب تسهيل وصول كافة المساعدات الإنسانية وبكميات مناسبة".

 

أهالي أسرى إسرائيليين "يعرقلون" دخول المساعدات إلى غزة

 

وفي الإطار ذاته، عرقل أهالي أسرى إسرائيليين في قطاع غزة، دخول مساعدات إنسانية إلى الفلسطينيين في القطاع.

وقالت صحيفة "هآرتس" العبرية، "هذا اليوم الثاني على التوالي الذي يعرقلون (أهالي الأسرى) مع نشطاء يمينيين، دخول المساعدات إلى غزة عبر معبر كرم أبو سالم".

وأغلق المحتجون الطريق الى المعبر، ومنعوا الشاحنات المحملة بالمساعدات الإنسانية من المرور.

ونقلت الصحيفة عن داني الغيرت، شقيق الأسير ايتسيك اليغرت، قوله "نحن هنا اليوم لنظهر لرئيس الوزراء (بنيامين نتنياهو) أنه قادر على إيقاف الشاحنات مثلما نوقف نحن الشاحنات الآن".

وأضاف اليغرت، "أدعو كافة المواطنين: تعالوا إلى الحاجز وأوقفوا هذه المساعدات الإنسانية بأجسادكم، فهي ليست إنسانية على الإطلاق لأنها تخدم فقط شريحة واحدة من السكان الموجودين هناك، فالرهائن (الأسرى) الموجودون هناك لا يحصلون على أي مساعدات إنسانية"، على حد زعمه.

أما تسوفيت ليبمان، زوجة شقيق الأسير إلياكيم ليبمان، فقالت للصحيفة: "كنا هنا أمس الأربعاء، وفعلنا المستحيل، وأوقفنا هذه الشاحنات. إذا كان هناك آلاف الأشخاص يقفون هنا ويحتجون، فلن تمر الشاحنات".

وأضافت أن "هذه المساعدات الإنسانية إغفال أخلاقي. هؤلاء المدنيون الأبرياء (سكان غزة) يساعدون حماس، واختاروا حماس. ولا يوجد سبب يجعلهم يتلقون أي شيء، وأي شيء على الإطلاق من الحكومة الإسرائيلية"، على حد قولها.

يذكر أن المساعدات تأتي من الخارج ويتم نقلها من خلال إسرائيل التي أعلنت في 7 أكتوبر الماضي، إغلاق المعابر إلى قطاع غزة.

ويربط غزة بإسرائيل معبر بيت حانون (إيريز) المخصص لمرور الأفراد، ومعبر كرم ابو سالم (كبرم شالوم) لمرور البضائع.

ويقدر مسؤولون إسرائيليون وجود حوالي "136 رهينة ما زالوا محتجزين في قطاع غزة"، منذ شن "حماس" في 7 أكتوبر، هجومًا على نقاط عسكرية ومستوطنات إسرائيلية في غلاف القطاع.

وقُتل في الهجوم نحو 1200 إسرائيلي، وأصيب حوالي 5431، وأسرت الحركة 239 على الأقل، أُفرج عن العشرات منهم في صفقة تبادل جرت في ديسمبر الماضي.

ومنذ 7 أكتوبر الماضي، يشن الجيش الإسرائيلي حربًا مدمرة على قطاع غزة، خلفت حتى الأربعاء، "25 ألفًا و700 شهيد و63 ألفًا و740 مصابًا معظمهم أطفال ونساء"، وفق السلطات الفلسطينية، وتسببت في "دمار هائل وكارثة إنسانية غير مسبوقة"، بحسب الأمم المتحدة.