كشفت صحيفة "هآرتس" العبرية، اليوم الاثنين، عن وجود مخاوف لدى جهاز الأمن والنيابة العامة في الكيان الإسرائيلي من أن توجه محكمة العدل الدولية لجيش الاحتلال تهمة الإبادة الجماعية بحق أهالي قطاع غزة.

وقالت الصحيفة، "إن المنظومة الأمنية الإسرائيلية والنيابة تتخوف من تداعيات تقديم جنوب إفريقيا دعوى قضائية ضد الاحتلال لدى محكمة العدل الدولية في لاهاي، والتي تطالب بإدانة الكيان بتنفيذ عمليات إبادة جماعية بحق الفلسطينيين".

وحذّر قانوني إسرائيلي في كتاب أرسله إلى قائد أركان جيش الاحتلال "هرتسي هليفي" من أن تصدر محكمة العدل الدولية قرارًا بإلزام الكيان بوقف الحرب على قطاع غزة بشكل فوري، لافتًا إلى أن الكيان سيكون ملزمًا بتطبيق القرار.

وأشارت الصحيفة إلى بدء جيش الاحتلال والنيابة الإسرائيلية الاستعداد لتداعيات الشكوى التي قدمتها جنوب إفريقيا، إذ تقرر عقد جلسة في وزارة الخارجية يوم الاثنين لتدارس سبل التعاطي مع الدعوى وإمكانية دخول المحكمة الدولية على خط المواجهة.

 

لماذا لجأت جنوب إفريقيا لمحكمة العدل الدولية؟

 

ونبه الموقع الإخباري الفرنسي "ميديا بارت" إلى اختصاص هذه المحكمة - وهي مختلفة عن محكمة الجنايات الدولية – في الفصل في النزاعات بين الدول.

وأشار إلى أن صلاحيات هذه المحكمة محدودة بسبب سيادة الدول، التي لا تخضع لولايتها القضائية إلا منذ اللحظة التي تعطي فيها موافقتها، أو في حال توقيعها على بند اختياري يتعلق بالولاية القضائية الإجبارية، وهو ما لم يفعله سوى ثلث الدول الأعضاء في الأمم المتحدة.

وبسبب محدودية هذه الولاية - كما يقول الموقع في تقرير لأنطوان بيرو - سلكت جنوب أفريقيا طريقًا ثالثًا، وهو اللجوء إلى المحكمة على أساس معاهدة دولية تتضمن شرط الاختصاص القضائي، وهي اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بالإجماع في التاسع من ديسمبر عام 1948.

ومن ثم، تريد بريتوريا إدانة ومنع "الإبادة الجماعية" فيما يتصل بحرب إسرائيل على حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي تحولت إلى حرب على الشعب الفلسطيني؛ لأن هذه الجريمة يجب منعها أو قمعها منذ اللحظة التي يتم فيها الكشف عن القصد الذي يحددها، وهو ارتكاب أفعال معينة "بقصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية".

 

تخوفات إسرائيلية

 

ويتخوف قانونيون إسرائيليون من أن تؤدي هذه الدعوى إلى عزلة دولية للكيان، وفرض عقوبات ضد شركات إسرائيلية.

وفي عام 2004، أصدرت محكمة العدل الدولية رأيا استشاريًا واضحًا ضد "الجدار العازل" الذي بنته إسرائيل والذي يشكل، بحسب مؤسسة الأمم المتحدة، عنصرًا من عناصر إعاقة حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير.

وأوصى الرأي الاستشاري بهدم الجدار وتعويض الأضرار ومنع الشركات من مواصلة البناء، لكن إسرائيل وجدت صعوبة في تحمل مثل هذا التفسير لسياستها المنهجية.

ومنذ ذلك الحين، فقدت المحكمة 15 من أكثر قضاتها الدوليين حكمة وحنكة وفقًا لأحد المراقبين، وحل محلهم في يوم واحد دبلوماسيون من خبراء فن الانقسام المدفوعين بالرغبة في عدم الإساءة إلى أي شخص.

وكانت جنوب إفريقيا، قد قدمت، الجمعة الماضية، طلبًا لرفع دعوى ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، على خلفية تورطها في "أعمال إبادة جماعية" ضد الفلسطينيين بقطاع غزة.

وقالت محكمة العدل الدولية، في بيان، إن "الطلب المقدم يتعلق بانتهاكات إسرائيل المزعومة لالتزاماتها، بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية، والمعاقبة عليها، فيما يتعلق بالفلسطينيين في قطاع غزة".

وأضاف البيان نقلًا عن الطلب: "إن سلوك إسرائيل، من خلال أجهزة الدولة ووكلاء الدولة وغيرهم من الأشخاص والكيانات التي تعمل بناءً على تعليماتها أو تحت توجيهاتها أو سيطرتها أو نفوذها، فيما يتعلق بالفلسطينيين في غزة، يعد انتهاكًا لالتزاماتها بموجب ميثاق الأمم المتحدة".

واتهمت جنوب إفريقيا إسرائيل بـ"الانخراط والتورط في أعمال إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني في غزة".

كما طلبت جنوب إفريقيا من محكمة العدل الدولية "الإشارة إلى تدابير مؤقتة من أجل الحماية من الضرر الإضافي الجسيم وغير القابل للإصلاح لحقوق الشعب الفلسطيني بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية ولضمان امتثال إسرائيل لالتزاماتها بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية بعدم المشاركة في الإبادة الجماعية، ومنعها، والمعاقبة عليها".

 

إسرائيل تهاجم جنوب إفريقيا

 

ومن جهتها، هاجمت إسرائيل، دولة جنوب إفريقيا بعد رفع الأخيرة دعوى قضائية أمام محكمة العدل الدولية تتهم فيها تل أبيب بارتكاب "جرائم إبادة جماعية" في قطاع غزة.

وقالت وزارة الخارجية الإسرائيلية في بيان، ترفض إسرائيل "باشمئزاز" ما وصفتها بـ"مؤامرة الدم التي قامت بها جنوب إفريقيا في طلبها المقدم إلى محكمة العدل الدولية".

وزعمت أن "حجة جنوب إفريقيا تفتقر إلى أساس واقعي وقانوني وتشكل استغلالًا رخيصًا لمحكمة العدل الدولية".

وادعت الخارجية الإسرائيلية بأن جنوب إفريقيا "تتعاون مع منظمة إرهابية تدعو إلى تدمير دولة إسرائيل (في إشارة إلى حركة حماس)".

ودعا البيان محكمة العدل الدولية والمجتمع الدولي، إلى "رفض ادعاءات جنوب إفريقيا".

وعلى الصعيد ذاته، نقلت هيئة البث الإسرائيلي (رسمية) عن سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة جلعاد أردان زعمه أن رفع جنوب إفريقيا دعوى قضائية أمام محكمة العدل الدولية "مؤامرة دموية وتعاون ­مع منظمة إرهابية".