قال مراقبون ومختصون بالشأن الفلسطيني على الجانبين إن إعلان جيش الاحتلال الذي بدأ في 5 ديسمبر وتكرر قبل أيام من  اعتزام جيش الاحتلال تطوير عملياته والدخول إلى المرحلة الثالثة من الحرب على غزة ليس أكثر من مجرد دعاية كاذبة وبورباجندا.

وعبر موقع قناة "الحدث" قال إسماعيل مسلماني المختص بالشأن "الإسرائيلي": بعد مرور 80 يوماً على الحرب في غزة وبعد الضغط الدولي والضغط العربي بدأت "إسرائيل" تدخل المرحلة الثالثة من الحرب وربما تفشل هذه المرحلة لأن الجيش "الإسرائيلي" برياً ليس لديه الخبرة الكافية في التعامل مع جغرافية المناطق بقطاع غزة خاصة في فصل الشتاء".


أما الطبيب والباحث الفلسطيني سعيد وليد الحاج فقال إن "ما يطرحه الاحتلال اليوم تحت مسمى "المرحلة الثالثة" ليس تطوراً في الحرب بناء على نجاح ما سبق، أي المرحلتين الأولى  والثانية، ‏وإنما خطة بديلة وتعديل جوهري في الحرب بسبب فشل ما سبق في تحقيق الأهداف المعلنة وغير المعلنة"، موضحا أن "الفارق كبير".


وقال محللون إنه في حين إننا وصلنا لليوم 84 من الحرب وإلى اليوم لم يسيطر جيش الاحتلال على بيت حانون وبيت لاهيا، وهي أول المناطق التي دخلتها أثناء الحرب.

وفي 22 ديسمبر جدد جيش الاحتلال من خلال إذاعته أن الجيش يستعد للانتقال إلى المرحلة الثالثة من الحرب في قطاع غزة خلال أسابيع، وأن المرحلة الثالثة تتضمن إنهاء العملية البرية وتقليص القوات وتشكيل منطقة عازلة وتنفيذ هجمات مركزة!


في حين كان رئيس الأركان الصهيوني أعلن في 5 ديسمبر "بدأنا المرحلة الثالثة من العملية العسكرية البرية .. سيطرنا على معاقل هامة لحركة حماس شمال قطاع غزة ونستعد لفعل ذلك في الجنوب"!!


الخميس 28 ديسمبر قال مدير مكتب "العربية" في فلسطين زياد حلبي إن: "خلافات داخل مجلس الحرب الإسرائيلي بسبب رغبة جانتس وأيزنكوت في الانتقال للمرحلة الثالثة أمام رفض نتنياهو وغالانت"!


المثير للدهشة إعلان صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن: "المرحلة الثالثة من الحرب ستستمر من تسعة شهور إلى سنتين".

وشهدت المرحلة الأولى من العدوان الصهيوني الغاشم على غزة؛ غارات جوية وبرية وبحرية مكثفة، فيما شملت المرحلة الثانية اجتياحا بريا موسعا باستخدام الدبابات. وقالت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية إن "التغييرات مرتبطة بإعادة انتشار مئات آلاف جنود الاحتياط بسبب العبء على الاقتصاد والجنود وعائلاتهم".


اللواء فايز الدويري تحدث عن المرحلة الثالثة للعملية العسكرية في غزة قائلا: "اسرائيل" تسعى لانشاء منطقة عازلة في قطاع غزة تستولي فيه على نصف المساحة من القطاع " وبمساحة تصل الى 120 كم.


مستقبل غامض ..
ورجح الباحث الفلسطيني عماد جباوي Imad Jibawi على فيسبوك أن "الحرب سوف تتوقف عاجلاً وليس آجلاً وخاصة بعد المرحلة الثالثة التي يتحدث عنها الاسرائيليين حيث ستتصاعد خسائرهم بشكل دراماتيكي".


وأضاف أن "صفقة التبادل ستأخذ بعض الوقت ولكنها ستحصل الاهم في الموضوع هو الأفق السياسي الغير موجود والذي وصل الى حائط مسدود، بالرغم من الحديث الطاغي عن حل الدولتين إلا أن مفهوم الدولتين مختلف اختلاف كلي بين الطرفين.


وأوضح أن "الفلسطينيين لن يقبلوا الرؤية الاسرائيلية للدولة الفلسطينية والعكس صحيح اما اي حكومة وحدة وطنية فلن تكون سوى إدارة شؤون مدنية وعلى أساس تكنوقراط ولا صلاحيات سياسية تشرف على إغاثة غزة".

رؤية تحليلية

واستعرض متابعون على (اكس) ما طرحه المحلل العسكري والعقيد المتقاعد إيري جوسير Eray Güçüer على قناة Haber global التركية، والذي قال إنه في حرب المناطق السكنية أهم عنصر يمتكله المهاجم هو القوة النارية.


وربط بين ذلك وإعلان الكيان الصهيوني البدء بالمرحلة الثالثة من الحرب، وأنه في هذه المرحلة سيتم إنقاص شدة القصف الجوي وسيتم التركيز على عمليات نوعية وزيادة إستخدام الهليكوبتر.

وأضاف أنه من خلال عودة "اسرائيل" إلى إستراتيجية العمليات النوعية في المرحلة الثالثة من الحرب ومن وجهة نظر عسكرية "هذا معناه أنها خسرت الحرب".

وأشار إلى أنه "أحيانا لا نحتاج لانتهاء الحرب لمعرفة نتيجة المنتصر فيها .. هناك فترات في الحرب من خلال مشاهدتها .. يمكنك ان تحدد نتيجة المنتصر فيها قبل إنتهاء الحرب.. لذا حسب إعتقادي سيتم عقد طاولة مفاوضات.. ليست طاولة مفاوضات فقط بل ستكون طاولة لحل سياسي لهذه الحرب .. ومن المحتمل أن تبدء هذه الطاوله في أقل من شهر حسب إعتقادي".

وعن ذهاب نتنياهو لغزه والفيديو الذي ظهر فيه يتحدث عن مركز استخباراتي فضائي سخر المحلل أيراي قائلا: "تخيلوا يقول لقادة حماس نحن نراقبكم .. في حين إننا وصلنا لليوم 82 من الحرب ولا زال لم تسيطر اسرائيل على بيت حانون وبيت لاهيا.. وهي اول المناطق التي دخلتها اثناء الحرب.. برأيي هذه قد تكون آخر بروبغاندا الدعائيه قبل الذهاب لطاولة المفاوضات".

وتابع: "أقول رأيي هذا كخبير عسكري محايد .."اسرائيل" بعيدة كل البعد عن تحقيق أي هدف عسكري أعلنته منذ بداية الحرب".

مرواحة في المكان

المحرر السياسي في صحيفة "يديعوت احرونوت" الصهيونية، ناحوم برنيع قال: ".. من المفترض أن تؤدي المرحلة الثالثة إلى تقليص حجم  قوات الجيش  الإسرائيلي في قطاع غزة. والأسباب واضحة: هناك ما يقرب من خمس فرق تعمل هناك اليوم. وهناك حاجة لبعض القوات في الشمال، في حالة تدهور الوضع هناك إلى حرب. وبعضهم  من عناصر قوات   الاحتياط الذين يتعين عليهم  العودة إلى منازلهم واعمالهم.".

وأضاف أن السبب الرئيسي والحاسم للمرحلة الجديدة، هو إحداث التغيير المطلوب في القتال في غزة. تجري هناك عملية كان من الممكن توقعها مسبقًا: الجدوى  العسكرية المتمثلة في تطهير  كل فتحة نفق ، وكل نفق، وكل منزل مشبوه تنحسر يوما بعد يوم ، والخسائر البشرية تزداد يوما بعد يوم .

وأشار إلى أن ".. في الجيش الإسرائيلي من  يقدر أننا دمرنا حتى الآن 20% من القوة العسكرية لحماس. وهناك تقديرات أكبر بكثير أيضاً، لكن لا أحد منهم يتحدث عن  تدمير شامل . معظم قادتها العسكريين بقوا على قيد الحياة ، وربما يتمتعون بالحماية بوجود المختطفين، خسرت المنظمة  معظم معاقلها ، لكنها لم تفقد السيطرة على غالبية سكان غزة، واستمرار القتال يتطلب أساليب أخرى، وحجما  مختلفا، وتوقعات اخرى".

وخلص بريناع إلى أن "النتيجة هي ما أطلقنا عليه  في الحروب السابقة «المراوحة في المكان » وفي الحرب الحالية «الجمود في المكان وعدم القدرة على اتخاذ القرار ». الحرب صعبة وتؤدي الى  المزيد من  الخسائر البشرية ، لكن ليس فيها  بشريات عظيمة . وحتى لو قُتل أو أُعتقل  يحيى السنوار أو محمد ضيف أو مروان عيسى، قادة التنظيم( الإرهابي )الثلاثة، فإن الوضع الأساسي لن يتغير".

وأكد أن "فجوة بين التوقعات والواقع. وبطبيعة الحال، فإن الانتقال من المرحلة ب إلى المرحلة ج يستدعي تقديم  جرد حساب  مؤقت، واجراء مقارنة بين الأهداف التي تم عرضها  وتلك التي تم تحقيقها على ارض الواقع . ويواجه نتنياهو وجالانت صعوبة في الوصول إلى هذه اللحظة".


وأشار إلى نتنياهو وفريقه "خلقوا توقعات لدى الجمهور وبين الجنود  على حد سواء بان الحرب ستؤدي الى الانتصار على حماس والقضاء عليها وتدميرها بشكل يؤدي الى مسح  إخفاقات 7 أكتوبر. انهم يواصلون قول ذلك   حتى الآن، كل بطريقته الخاصة .  سقف التوقعات  هذا غير واقعي . التصريحات  هي أيضا غير واقعية. وهي تنضوي تحت  مظلة المفاهيم التي سبقت هجوم حماس.. لقد ابتلعت البلاغة الكلامية  الاستراتيجيا؛ واصبحت الشعبوية هي الجوهر. إنها حالة مأساوية".