لم يكتف الجيش الإسرائيلي بالإصابات البليغة للجرحى الفلسطينيين من أهل غزة، والتي تفرقت في أجزاء متفرقة من أجسادهم، فزاد عليهم الطين بلة وقام بمنع العلاج عن بعضهم حتى تعفنت أقدامهم واضطروا إلى بتر أجزاء منها، وسحل آخرين في طرقات المستشفى الإندونيسي حتى عانوا مرارة الجرح وآلام التعذيب.

سماح أبو عودة، واحدة من الجرحى الذين أجبرهم الجيش الإسرائيلي على مغادرة المستشفى الإندونيسي شمالي القطاع باتجاه الجنوب، تقول إن البتر الجزئي في قدمها لم يعفها من ممارسات "جيش الاحتلال" بحق الجرحى أثناء رحلة النزوح.

وفي 24 نوفمبر الجاري، أفاد تلفزيون فلسطين بـ"اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي للمستشفى الإندونيسي، عقب قصفه ومحاصرته، وسط إطلاق نار مكثف؛ ما أسفر عن مقتل جريحة وإصابة 3 آخرين، واعتقال مثلهم".

وقالت مصادر طبية لوكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) إن "ما ينفذه الاحتلال في المستشفى الإندونيسي جريمة حرب أفظع وأشد مما قام به في مجمع الشفاء الطبي".

الجرحى، الذين يقيمون في مدرسة للنازحين جنوبي القطاع، طالبوا بنقلهم إلى مستشفيات خارج القطاع أو داخله، لتقديم الرعاية الطبية الضرورية لهم، وفقًا لـ"الأناضول".

ونظرًا لعدم توفر سعة سريرية كافية في المستشفيات الجنوبية، اضطر المرضى إلى الاستقرار داخل مدارس لا تحتوي على معدات طبية كافية لمعالجة المرضى، وذلك في ظل وجود آلاف النازحين.

صحة غزة: نطالب بممر إنساني عاجل وفوري لنقل الجرحى خارج القطاع - قناة  الكوفية الفضائية

بتر جزء من القدم

وقالت الجريحة سماح أبو عودة، من بلدة بيت حانون شمالي القطاع: "تعرضت لبتر جزء من قدمي بسبب القصف الإسرائيلي، وقضيت فترة في المستشفى الإندونيسي الذي تعرض للقصف، وأجبرنا الجيش الإسرائيلي على مغادرته للانتقال إلى جنوب القطاع".

وأضافت أبو عودة: "أحتاج للانتقال إلى مستشفى لتلقي العلاج الضروري، بعد بتر جزء من قدمي نتيجة لقصف الاحتلال على مدرسة الفاخورة".

وفي 18 أكتوبر الماضي، قُتل وأصيب عشرات الفلسطينيين في قصف إسرائيلي استهدف مدرسة الفاخورة التابعة لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة.

وأوضحت أبو عودة، أن "مستشفيات الجنوب تفتقر إلى السعة الكافية، خاصة في ظل وجود الإصابات الخطيرة فيها".

وتابعت: "مرت عشرة أيام منذ أن توقفتُ عن تناول العلاج، وأعاني كثيرًا، وأجد صعوبة في النوم ليلًا، حيث يتم تسكين الألم فقط ببعض المسكنات".

وأردفت: "كان نقلي من الشمال إلى الجنوب صعبًا، حيث قام الجيش الإسرائيلي بإيقافي لـ6 ساعات على الحاجز، وقام بتفتيش الجميع فرديًا، وأجرى تحقيقًا معنا، ولم يُراع وضعي الصحي".

وطالبت أبو عودة، بتوفير الأدوية ونقلها إلى مستشفى لتلقي العلاج الضروري.

وفيما يتعلق بإصابتها، قالت أبوعودة: "بعد قصف الاحتلال لمدرسة الفاخورة، استمر نزيف الدم نحو 3 ساعات، نتيجة عدم قدرة سيارات الإسعاف على الوصول إلى المكان".

وأضافت "تم نقلي إلى مستشفى الإندونيسي في شمال القطاع دون تقديم العلاج لـ4 ساعات، بسبب المجازر الإسرائيلية والعدد الكبير من المصابين والشهداء".

ولفتت أبو عودة، إلى أن "تأخر تقديم العلاج أدى إلى حدوث عفن في قدمي، مما اضطر الأطباء إلى إجراء عملية بتر لجزء من قدمي".

مدير مستشفيات غزة: إسرائيل تعدم الجرحى والمرضى بمستشفيات القطاع - Mehr News  Agency

بحاجة إلى رعاية

فيما قال المصاب محمود حسنات: "تم نقلنا من المستشفى الإندونيسي إلى جنوب قطاع غزة، وكانت الرحلة متعبة، وأجبرنا الجيش الإسرائيلي على المغادرة والانتظار في البرد لفترة طويلة".

وأضاف: "أجرى ضابط الجيش تحقيقًا معنا، وكان يقول لنا (ساخرًا): هل تريدون تحرير الأسرى الفلسطينيين الذين اختطفتهم حماس؟.. لقد أُصبت وقُتلت زوجتي وابنتي جراء قصف منزلنا".

وتابع: "اصطحبت ابني البالغ من العمر 8 سنوات، وكان يسير لوحده على الطريق الطويلة، وكان البرد شديدًا، والجيش يضيء جهاز الليزر علينا لمنعنا من التحرك".

وعن مطالب المصابين، قال حسنات: "نحن بحاجة إلى مستشفيات ورعاية طبية أفضل.. إصابتي تشمل جميع أنحاء جسدي، ومكثت في المدرسة منذ 4 أيام".

 

الجيش سحلني

أما المصاب علي المغربي، فقال: "تعرضنا للقصف، وكنت أشارك في دفن الشهداء، وأصبت بكسور في قدمي، وتم نقلي إلى المستشفى الإندونيسي".

وأضاف: "تم إجبارنا على مغادرة المستشفى الإندونيسي بعد القصف، واستشهد كل الأشخاص الذين كانوا معي في الغرفة، وعددهم 7 أفراد".

وأردف "أثناء مغادرتنا من شمال غزة إلى جنوبها، قام الجيش الإسرائيلي بإجراء تحقيق معنا استمر ساعة، وقام بسحلي على الأرض".

وطالب "المغربي" بـ"رعاية طبية عاجلة، بسبب المعاناة من وجع شديد".

بدوره، قال الطبيب النازح محمد شعبان، رئيس قسم الطوارئ بالمستشفى الإندونيسي: "حاصر الجيش الإسرائيلي المستشفى، وقطع كل إمداداته، وقام بقصف محطة الأكسجين".

وأضاف شعبان: "أدى ذلك إلى وفاة ما بين 5 إلى 6 أشخاص يوميًا داخل وحدات العناية المركزة".

وأوضح أن الجيش الإسرائيلي "طلب إخلاء المستشفى ونقل المصابين إلى المناطق الجنوبية، وقمنا بالتواصل مع الصليب الأحمر، وتم إخلاء المستشفى على مراحل، باستخدام حافلات غير مجهزة لنقل المرضى، ما أضاف إلى معاناتهم".

الطبيب، أكد أن "الجيش قصف البوابة الشمالية، وأطلق الرصاص على نوافذ وجدران المستشفى".

وعن أعداد المتواجدين هناك، قال: "تبقى داخل المستشفى نحو 100 مريض".

وأضاف: "خلال نزوحنا إلى الجنوب، قضينا 5 ساعات ومعنا مرضى يحتاجون إلى رعاية طبية، وقام الجيش بتفتيشنا والاعتداء علينا، وأجرى تحقيقًا ميدانيًا معنا بطريقة وحشية".

وأشار شعبان، إلى أنه "الجيش الإسرائيلي اعتقل اثنين من المسعفين".