أوضحت شبكة "الجزيرة" أن المئات من الرعايا الأجانب تمكنوا من الخروج من غزة عبر معبر رفح، لكن بعض الفلسطينيين المصريين ما زالوا عالقين مع احتدام الحرب الإسرائيلية.

في أكتوبر، سافرت "ريم رسمي" من منزلها في مصر إلى قطاع غزة لزيارة عائلة شقيقتها بعد خمس سنوات، حيث كانت العائلة تحتفل بزفاف ابن اختها. والآن بعد مرور شهر، لا تزال المرأة البالغة من العمر 55 عامًا عالقة في الجيب المحاصر، نازحة بسبب الحرب التي اندلعت في 7 أكتوبر والتي منعتها من العودة إلى زوجها وأطفالها في مصر.

"ريم" مواطنة مصرية، ولهذا فالمعضلة مضاعفة: حتى لو تمكنت من العبور من حدود رفح، فستحتاج إلى ترك عائلة أختها وراءها، وسط قصف متواصل من إسرائيل.

وقالت "ريم" للجزيرة: "كان من المفترض أن أغادر في 10 أكتوبر، وما زلت أنتظر. لم أشهد حربَا كهذه من قبل. الانفجارات في كل مكان. لا أستطيع حتى أن أصف مستوى الرعب الذي نعيشه".

واضطرت "ريم" وعائلة شقيقتها إلى الفرار من منزل شقيقتها في حي الزيتون شرق مدينة غزة إلى منزل قريب آخر في مدينة خان يونس جنوب البلاد بسبب القصف. وقالت إن زوجها وأطفالها يسألونها باستمرار عما إذا كانت قد سمعت أي شيء من مسؤولي معبر رفح بشأن الموعد الذي يمكنها فيه العبور. ولكن ليس لديها إجابة قاطعة لهم.

وتابعت: "أطفالي أنهكهم الخوف والقلق، ولا أستطيع أن أطمئنهم وأقول لهم إنني بخير لأنهم يشاهدون الأخبار على شاشة التلفزيون. تظهر الصور الرعب والتشريد الذي تعرض له الناس في هذه الحرب. في بعض الأحيان لا أستطيع أن أفهم ما يحدث".

معبر رفح هو نقطة الخروج الوحيدة للفلسطينيين والأجانب. وقد قصفته إسرائيل عدة مرات وأغلقته مصر تمامًا.

وقالت مصر، إنها ستساعد في تأمين إجلاء حوالي 7 آلاف أجنبي ومزدوج الجنسية من قطاع غزة. وفي الأول من نوفمبر، تم فتح المعبر الحدودي للخروج أخيرًا بعد عدة أسابيع، ولكن فقط لإجلاء الأجانب ومزدوجي الجنسية، والنقل المنسق لعشرات الجرحى الفلسطينيين.

وتوجد قائمة يومية بأسماء الأشخاص من غزة الذين سمح لهم بالمغادرة. ويفحص الاحتلال الإسرائيلي القائمة ويمنع مئات الأشخاص الذين توافدوا إلى المعبر خلال الأسبوع الماضي من الخروج، ومن بينهم "ريم".

ولفتت الجزيرة إلى أن ما يقدر بنحو 50 ألف مواطن يحملون الجنسية الفلسطينية والمصرية يعيشون في قطاع غزة، بحسب "علاء الدين عبيد"، عضو المركز الثقافي للجالية المصرية في غزة.

وقال "عبيد" للجزيرة متحدثاً من رفح: "هناك 8 آلاف امرأة مصرية متزوجة من فلسطيني، ويمكن لهؤلاء الأمهات نقل جنسيتهن مباشرة إلى أطفالهن ولكن ليس إلى أزواجهن".

وأضاف أن الفلسطينيين الذين لديهم جدة مصرية يمكنهم أيضًا الحصول على الجنسية المصرية بموجب أوامر قضائية.

وأوضح "عبيد" أنه قبل الحرب، كان المركز يقوم بجمع المعلومات لإجراء تعداد محدث.

أضاف: "لهذا السبب يصعب معرفة عدد المصريين الفلسطينيين مزدوجي الجنسية الذين تمكنوا من الخروج عبر رفح"، مشيرًا إلى أن العدد يقدر بنحو 300 شخص.

وعلى الجانب الفلسطيني من معبر رفح، يتساءل بعض الفلسطينيين المصريين عما إذا كانت السلطات المصرية تفعل ما يكفي لمساعدتهم على المغادرة.

وقالت "خالدة حسن" للجزيرة، إنها وأطفالها الأربعة ينتظرون عند المعبر منذ افتتاحه قبل أكثر من أسبوع.

وأضاف المرأة البالغة من العمر 45 عامًا: "لقد رأينا الموت بأعيننا. كل يوم نسلم جوازات سفرنا وتؤخذ حقائبنا وننتظر العبور إلى الجانب المصري، لكنهم يواصلون إغلاق الحدود ويعيدون حقائبنا ووثائقنا".

وتابعت: "نحن جميعًا نحمل جوازات سفر أجنبية، لذا لا ينبغي أن يكون هناك فرق بين الحصول على جواز سفر مصري أو جواز سفر أمريكي".

وقال مسؤول سابق في الأونروا، إن غزة تتحول إلى أكبر معسكر موت في الهواء الطلق، وأولئك الذين تمكنوا من عبور الحدود لديهم مشاعر مختلطة.

ويحمل "محمد دحمان" جواز سفر مصري، وتمكن أخيرًا من الخروج عبر معبر رفح الأسبوع الماضي مع زوجته الحامل وطفليه.

وقال "دحمان": "تركت منزلي في حي الرمال بمدينة غزة، الذي كان يحمل كل ذكرياتي مع عائلتي، وتحت القصف هربت إلى خان يونس لأقيم مع أصدقائي. فكرة النزوح صعبة القبول، لأنني لم أرغب في مغادرة المدينة التي أحبها".

قرر "دحمان" الرحيل لأنه رأى مدى معاناة أطفاله الصغار.

وأضاف في حديثه للجزيرة: "عندما لا تستطيع كأب أن توفر لأطفالك الراحة والأمان، عليك أن تتخذ قرار المغادرة الصعب. أطفالي لا يتوقفون عن الارتعاش بين ذراعي عندما أحملهم في الليل".

كان "دحمان" وعائلته يشقون طريقهم إلى معبر رفح يوميًا لمدة أسبوع، وينتظرون ساعات طويلة قبل أن يعودوا إلى "خان يونس" مهزومين. كان السفر من وإلى رفح خطرًا في حد ذاته، وكان يجد صعوبة في العثور على سائق مستعد لنقل عائلته إلى هناك مع مرور كل يوم. وفي نهاية المطاف، تمكنت عائلة "دحمان" من العبور إلى مصر، حيث يقيمون الآن في القاهرة.

وقال: "ليس من السهل أن تكون في مكان آمن وأن تقلق باستمرار بشأن الأشخاص الذين تركتهم وراءك تحت القصف. آمل أن نتمكن من العودة إلى غزة قريبًا وأن يتمكن كل من أعرفه هناك من البقاء على قيد الحياة".

https://www.aljazeera.com/features/2023/11/9/we-saw-death-egyptian-nationals-trying-to-leave-gaza-stuck-at-rafah