يواجه الفلسطينيون في الضفة الغربية حربًا موازية لنظيرتها الجارية في قطاع غزة، منذ شهر، عبر عمليات اقتحام واعتقالات وتنكيل وفصل بين المدن والبلدات بالحواجز العسكرية والسواتر الترابية.

وتواصل قوات الاحتلال حملات الاعتقال في بلدات ومدن ومخيمات ومحافظات الضفة، وسط اشتباكات ومواجهات عنيفة، أسفرت عن وقوع 18 شهيداً أمس الخميس.

حيث أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية استشهاد 18 مواطناً بالضفة الغربية، 14 منهم في جنين فقط، فيما أصيب مستوطنان بجروح خطرة في عملية إطلاق نار قرب مدينة نابلس، شماليّ الضفة الغربية، في الوقت الذي يواصل فيه جيش الاحتلال اقتحاماته للمدن منذ بدء الحرب على غزة. وتتخلل الاقتحامات حملات اعتقال واسعة واستهدافات لمقاومين، وخصوصاً في الشمال.

ونفذت قوات الاحتلال الإسرائيلي فجر اليوم الجمعة، حملة اعتقالات طاولت أكثر من 60 فلسطينياً من مناطق مختلفة من الضفة الغربية.

وأعلن الهلال الأحمر الفلسطيني، صباح اليوم الجمعة، عن استشهاد شاب فلسطيني بعد إصابته بجروح برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال مواجهات شهدها مخيم عايدة، شمال بيت لحم، جنوبي الضفة الغربية.

كمااقتحمت قوات الاحتلال، صباح اليوم الجمعة، مخيم عين السلطان في مدينة أريحا، شرقي الضفة الغربية، واعتقلت ثلاثة شبان.

وفجرت قوات الاحتلال الاسرائيلي، فجر اليوم الجمعة، منزلي الأسيرين الفلسطينيين محمد وصقر الشنتير، بعد ساعات من اقتحام مدينة الخليل، جنوبي الضفة الغربية، واندلاع مواجهات بين الشبان وتلك القوات.

وبعد مداهمة منزلي عائلة الشنتير وهما عبارة عن شقتين سكنيتين في مبنيين، قامت قوات الاحتلال بإخلائهما بالقوة، ثم زرعتهما بالمتفجرات وفجرتهما، صباح اليوم، قبل أن تستكمل هدم ما تبقى.

ونفذت قوات الاحتلال الإسرائيلي حملة اعتقالات في الخليل، جنوبي الضفة، فجر اليوم الجمعة. واعتقلت قوات الاحتلال أكثر من عشرة فلسطينيين حتى الآن في مخيم العروب بالخليل، وخربت منازلهم. 

واقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي مخيم العروب شمال الخليل جنوبي الضفة من مدخله الرئيسي ومن بلدة بيت فجار المجاورة، بقوات كبيرة من جيش الاحتلال، وداهمت منازل المواطنين.
 
واعتقل فجر اليوم الجمعة، سامي شبانة ونجله قسام (16 عاماً)، من بلدة سنجل، شمال شرقي رام الله، بعد الاعتداء عليهما بالضرب المبرح.
كما اقتحمت قوات الاحتلال، فجر اليوم الجمعة، بلدة حزما، شرق القدس المحتلة، واعتدت على شاب قبل أن تعتقله.

وتستخدم إسرائيل الرصاص الحي والقصف بطائرات مُسيرة لقتل الفلسطينيين في الضفة الغربية، وخاصة في مخيمي جنين ونور شمس.

 

دعوة للمواجهة

من جانبه قال المتحدث باسم حركة حماس فوزي برهوم، الخميس، إنّ "العدوان الذي تتعرض له جنين ومخيمها بالتزامن مع الإرهاب النازي على غزة، هو استمرار للحرب المتواصلة على شعبنا في كل مكان في فلسطين".

وأضاف: "هذه محاولة بائسة لتحقيق واستعادة الردع المفقود الذي بددته ضربات المقاومة النوعية وحطمت كل معادلات العدو". 

دعت حركة حماس جماهير الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وكل من يستطيع حمل السلاح إلى "النفير لفكّ الحصار عن مخيم جنين والاشتباك مع جيش الاحتلال، وتصعيد المقاومة معه بكل الأشكال والأدوات المتاحة".

وقالت حركة حماس في بيان، إن "الاحتلال الذي يتجرع الهزيمة في غزة، سيتجرعها أيضاً في جنين القسّام، ولن يُفلح في كسر إرادة شعبنا من غزة إلى الضفة، فالمقاومة روح تسري فينا وفي شعبنا المرابط وسنبقى نلاحق المحتلين حتى النصر والتحرير".

 

إسرائيل حولت الضفة إلى معازل

من جانبه، قال أمين عام حزب الشعب الفلسطيني بسام الصالحي، إن إسرائيل تشن حربًا على الضفة الغربية، تزامنًا مع حربها على قطاع غزة.

وأضاف الصالحي، أن إسرائيل "حولت الضفة الغربية إلى ما يشبه المعازل، عبر فصلها بحواجز عسكرية وبوابات حديدية، وسواتر ترابية.

واتهم الصالحي الإدارة الأمريكية، بدعم إسرائيل في حربها الشعب الفلسطيني، سواء في الضفة الغربية أو قطاع غزة.

وأشار إلى أن إسرائيل "تستغل الانشغال الدولي بالحرب على غزة، وتنفذ سياسات وانتهاكات في الضفة الغربية".

 

اعتقالات

يقول نادي الأسير الفلسطيني (غير حكومي)، إن إسرائيل اعتقلت منذ 7 أكتوبر ما يزيد عن 2280 فلسطينيًا منذ 7 أكتوبر الماضي، منهم 870 ناشطا من حركة "حماس"، و"رافقت الاعتقالات أعمال تنكيل ممنهجة بحق المعتقلين وعائلاتهم"، وفق البيان.

وأشار إلى أن هذه الحصيلة تشمل من جرى اعتقالهم من المنازل وعبر الحواجز العسكرية، ومن اضطروا لتسليم أنفسهم تحت الضغط، واحتجاز أفراد من عائلاتهم كرهائن.

وبين أن حملات الاعتقال "تشكّل أبرز السّياسات الثّابتة، والممنهجة التي تستخدمها إسرائيل، بهدف تقويض أي حالة مواجهة متصاعدة، كما أنها من أبرز أدوات سياسة العقاب الجماعي، التي تشكّل كذلك أداة مركزية لدى الاحتلال في استهداف المواطنين".

ووثق نادي الأسير شهادات أولية، من معتقلين جرى الإفراج عنهم بعد اعتقالهم بفترة وجيزة، وكذلك عائلات المعتقلين الذين استهدفوا خلال حملات الاعتقال بعد 7 أكتوبر.

وعكست تلك الشهادات "مستوى عاليًا من الاعتداءات والانتهاكات والجرائم الممنهجة، والتي وصلت إلى حد تهديدهم بإطلاق النار بشكل مباشر، والضرب المبرح، والتحقيق الميداني معهم، والتهديد بالاغتصاب، واستخدام الكلاب البوليسية، واستخدام المواطنين كدروع بشرية وغيرها من الانتهاكات الوحشية".

وأشارت المعطيات إلى أن معتقلين اثنين قتلا بعد اعتقالهم بفعل التعذيب، فيما أصيب عدد كبير بجروح.

 

اعتداءات المستوطنين

وبالتوازي مع الحرب، يشن المستوطنون اعتداءات على الفلسطينيين وممتلكاتهم، حيث وثقت هيئة مقاومة الجدار والاستيطان (تابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية)، ما يزيد عن 400 اعتداء منذ 7 أكتوبر الماضي، ما أدى إلى مقتل 9 فلسطينيين.

كما أسفرت هجمات المستوطنين عن تهجير 9 تجمعات فلسطينية بدوية، تتكون من 100 عائلة، تشمل 810 أفراد من أماكن سكنهم إلى أماكن أخرى، وفق المصدر ذاته.

ودمر المستوطنون 712 شجرة، وخربوا مساحات شاسعة من الأراضي، وقطعوا طرقات، واعتدوا على منازل وممتلكات، تحت حماية الجيش الإسرائيلي.

تدمير البنية التحتية

ويواصل الجيش الإسرائيلي تدمير البنية التحتية بالضفة خاصة في مخيمي جنين ونور شمس، حيث نفذ سلسلة اقتحامات عمل خلالها على حفر الشوارع وتدمير شبكات المياه والهواتف والصرف الصحي، والكهرباء.

كما هدمت الآليات الإسرائيلية ميادين عامة ونصبًا تذكارية، ومنها مدخل مخيم جنين، وحصان المخيم، دون سبب.

وعمد الجيش إلى تفجير محال تجارية ومنازل وتحطيم مركبات خاصة.