كشف تحقيق أجرته قناة الجزيرة أن شبكة حسابات يمينية مقربة من إسرائيل أغلبها في الولايات المتحدة، روجت للمزاعم الكاذبة بقطع رؤوس أطفال مستوطنين خلال عملية طوفان الأقصى.

وتتبع التحقيق الذي أجرته وكالة سند للرصد والتحقق الإخباري في شبكة الجزيرة، خيوط الادعاءات ومصادر الرواية التي دفعت بانتشار الخبر الكاذب دون التحقق منه، والذي استخدم لتجييش الرأي العام العالمي ضد المقاومة الفلسطينية والفلسطينيين في قطاع غزة وتبرير العدوان الإسرائيلي الوحشي على القطاع.

 

قصة قطع رؤوس 40 طفلًا

بدأت القصة عندما ادعت صحفية إسرائيلية تدعى نيكول زيديك، تعمل في قناة “آي 24” الإسرائيلية، خلال تغطية مباشرة من كيبوتس كفار عزة قرب الحدود مع قطاع غزة، أن المقاومة الفلسطينية قطعت رؤوس 40 طفلًا في المكان، وسرعان ما تلقفت حسابات مقربة من إسرائيل وأخرى يمينية أمريكية المعلومة المضللة رغم عدم وجود أي تأكيد رسمي إسرائيلي.

أثارت المعلومة ضجة رقمية هائلة على مستوى العالم، خاصة في العالم الغربي، وتعززت بادعاء الرئيس الأمريكي جو بايدن، أنه شاهد صور أطفال إسرائيليين ذبحتهم حماس، لكن البيت الأبيض سرعان ما تراجع ونفى لاحقًا مشاهدة بايدن للصور بنفسه، مؤكدًا أنه سمع عنها فقط من رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو.

ومع انتشار الادعاءات حول قطع رؤوس الأطفال في كفار عزة، قال عدد من الصحفيين الذين كانوا في المكان نفسه مع الصحفية الإسرائيلية التي صدر عنها الخبر المضلل، إنهم لم يجدوا أي دليل على ذلك الادعاء الشنيع، رغم كونهم أجروا العديد من المقابلات مع الجنود والمسؤولين الإسرائيليين في عين المكان، وسجلوا إفادات أدلى بها شهود عيان.

 

كيف انتشر الخبر الكاذب؟

وكشف تحقيق أجراه موقع “ذا غراي زون” الأمريكي المستقل، أن الادعاء بأن أفراد المقاومة يقطعون رؤوس الأطفال الإسرائيليين مصدره جندي إسرائيلي يُدعى ديفيد بن صهيون، وقد تم التعريف به خلال مقابلة أجرتها معه “آي 24” الإسرائيلية بصفته “زعيم استيطاني متطرف”.

وأشار التحقيق إلى تراجع وسائل إعلام وصحفيين عن تقارير أولية بهذا الشأن بعد أن تعذر إثبات الادعاء بقطع رؤوس الأطفال، من بينهم صحيفة إندبندنت البريطانية وقناة “سي إن إن” الأمريكية، والبيت الأبيض الذي تراجع عن التصريح الذي أدلى به بايدن عندما ادعى أنه شاهد صورًا لـ “إرهابيين” يقطعون رؤوس أطفال في إسرائيل.

ورصد التحقيق أول تغريدتين نشرتا الخبر الكاذب من خارج إسرائيل، وحققتا انتشارًا كبيرًا على منصة “إكس” (تويتر سابقًا)، وقد نشر إحداهما حساب لشخص يدعى غابرييل نورونها، وهو موظف سابق في وزارة الخارجية الأمريكية ويعمل الآن بالمعهد اليهودي للأمن القومي الأمريكي.

أما التغريدة الثانية فقد نشرها حساب لصحفية تدعى إيما ويب، تعمل في “جي بي نيوز”، وهي قناة بريطانية ذات ميول يمينية.

وقد نشرا في تغريدتيهما الادعاء الكاذب المتعلق بقطع رؤوس الأطفال وقدماه على أنه خبر مؤكد.

وفي غضون 4 ساعات من نشر التغريدة الأولى، كان هناك 30 ألف تفاعل من حوالي 25 ألف حساب على إكس.

وكشف التحقيق أن التغريدات حظيت بأكبر قدر من التفاعل في الولايات المتحدة خلال الساعات الأولى من تداولها، كما لاقت رواجًا في الهند وإسرائيل والمملكة المتحدة.

 

صورة كلب وليس طفلًا

ونشط إعلاميون وناشطون على منصات المجتمع المدني في نشر الادعاء الكاذب والترويج له على نطاق واسع، أغلبهم مرتبطون باليمين المتطرف في الولايات المتحدة، ومن أبرزهم الصحفي والناشط بن شابيرو، وهو صهيوني أمريكي معروف انتشرت تغريداته على نطاق واسع مما أعطى زخمًا للادعاء الكاذب.

ولاحقا نشر رئيس الوزراء الصهيوني، بنيامين نتنياهو، صورة ادعى أنها لطفل إسرائيلي أحرقته حماس، لكن سرعان ما كشف الصحفي الأمريكي جاكسون هينكل أن تلك الصورة مزيفة، وكشف الصحفي الأمريكي أن صورة الطفل الإسرائيلي المزعوم هي في الأصل صورة كلب في عيادة طب بيطري، تم تزييفها عن طريق الذكاء الاصطناعي، لتحل محلها صورة لجسد طفل متفحمة.