أكد الناطق باسم كتائب عز الدين القسام، الذراع العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، أبو عبيدة، اليوم الخميس، أن معركة طوفان الأقصى جاءت من أجل الأسرى والمسرى (المسجد الأقصى المبارك).
وأضاف، قبل قليل في كلمة مصورة بثتها قناة الجزيرة، أن الكتائب حققت في هذه المعركة أكثر مما كانت تعتقد وتخطط.
تفاصيل "طوفان الأقصى"
واستعرض أبو عبيدة - في كلمة له مساء الخميس تفاصيل حول عملية طوفان الأقصى-، وقال: خرجنا إلى معركة طوفان الأقصى ونحن لا نشك ولو للحظة أن كل الأخذ بالأسباب لا يعني الاستغناء عن التوفيق الإلهي لنا في هذه المعركة التي ارتبطت بأقدس القضايا الدينية والوطنية ألا وهي قضية الأقصى والأسرى.
وأضاف: إننا نعترف بفضل الله علينا أن وفقنا وأبطالنا بأكثر مما كنا نعتقد أننا سنحققه بكثير، "وكان فضل الله عليك عظيمًا"، "وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى".
وبيّن أن فكرة هذه المعركة المباركة ابتدأت من حيث انتهت معركة سيف القدس عام 2021، تلك المعركة التي وحدت الساحات وحشدت الأمة حول أهمية الدفاع عن مقدساتنا ومستقبل شعبنا في أرض فلسطين، فاتخذت قيادة القسام والحركة القرار بأن المعركة القادمة يجب أن تحدث الفارق الكبير في مستقبل الصراع مع الاحتلال.
وقال: تم التأكيد بأن المعركة يجب أن يكون عنوانها الأقصى والقدس، مشيرا إلى إدخال ملف الأسرى الذي لم يعد هناك مجال للصبر على ما يعانيه أسرانا الميامين الذين قدموا زهرات شبابهم في سجون هذا المحتل البغيض.
وأضاف أبو عبيدة: كان القرار برصد وتوجيه أكبر قدر من الموازنات للإعداد لهذه المعركة، وكذلك تم ربط قرار التوجه لها بالدفاع عن القدس ونصرة الأقصى والأسرى.
وتابع: من واجبنا على أمتنا اليوم التي رأت آيات الله في إساءة وجه الاحتلال وإذلاله وسحق صورته الزائفة أمام الأجيال الراهنة والقادمة أن نضع كل من يرى ويسمع ويعيش هذه اللحظات المفصلية أمام الواقع العملياتي والعسكري لهذه المعركة العظيمة.
خطط التنفيذ
وقال أبو عبيدة: ليعلم كل أبناء شعبنا وأمتنا أن قيادة المقاومة وعلى رأسها كتائب الشهيد عز الدين القسام كانت تعمل بلا كلل أو ملل، وتواصل الليل بالنهار بل وتحسب الساعات والأيام والشهور وهي ترى أمامها هذا الهدف وتؤسس لهذا النجاح العسكري التاريخي الذي سيدرس على مدار عقود قادمة بلا ريب.
ونبه إلى أن معركة طوفان الأقصى بدأت انطلاقا من تحليل منطقة العمليات دراسة الأرض والطقس وتأثيرهما على منطقة العمليات، وبالتوازي كان تقدير الموقف الاستخباري من خلال دراسة نظام معركة العدو من حيث التكوين والانتشار والتكتيك والمناورات والتدريب لدى العدو.
وأوضح أنه تم وضع خطة لكيفية التعامل مع الرشاشات ومضادات الدروع والتشويش السيبراني، وذلك لإعماء العدو عن رصد القوات نحو الجدار الفاصل.
وأكد تطبيق خطة فتح الثغرات في منظومات الجدار الفاصل بواسطة قوات سلاح الهندسة لتأمين عبور القوات، مشيرًا إلى تنفيذ خطط المناورة التي تضمنت تحديد الأهداف وأولوياتها والطرق المؤدية إليها وخطط اقتحام المواقع وخطط الانسحاب بالأسرى بواسطة قوات المشاة ومشاة البحرية وسرب صقر للطيران الشراعي.
وقال: نفذنا كذلك خطة قطع النجدات على العدو التي تضمنت استهداف تعزيزات العدو بواسطة سلاح الطيران المسير وسلاح مضاد الدروع.
وبيّن أن خطة العمليات تضمنت خطة الاتصالات وخطة الدعم اللوجستي وخطة الإعلام ونقل الصورة وخطة القيادة والسيطرة العملياتية وخطة الخداع على المستويين الإستراتيجي والعمليات، من خلال إخفاء النوايا، وإخفاء الاستعدادات والتجهيزات، وإخفاء استدعاء وحشد القوات.
وأوضح أنه في سبيل تنفيذ هذه الخطط العملياتية الدقيقة والشاملة كانت قيادة القسام قد عمدت إلى توفير العتاد والسلاح المناسب لتنفيذ المهمة عبر تنفيذ خطة كبيرة لتصنيع العتاد اللازم من صواريخ وقذائف وطائرات مسيرة ومنظومات دفاع جوي ولوازم هندسية وغير ذلك.
وأكد وضع خطط مكثفة لتدريب القوات لتكون قادرة على تنفيذ المهام بكفاءة وتنفيذ سلسلة من المناورات الحية بما يحاكي الأهداف وفحص جهوزية القوات باستمرار.
استدعاء القوات
وقال: تم بعون الله تعالى وضع خطة دقيقة لاستدعاء القوات حيث تم تنفيذ عملية الاستدعاء والحشد للقوات لـ3000 مجاهد لعملية المناورة، و1500 مجاهد لعمليات الدعم والإسناد، وذلك في الوقت المناسب وفي ظل أقصى درجات السرية، وصولًا إلى إصدار الأمر العملياتي من قائد هيئة الأركان للبدء في تنفيذ العملية عند ساعة الصفر.
وأضاف: فور تلقي القوات في مناطق التجمع لأمر العمليات تم البدء بتنفيذ العملي،ة وفتح المعركة بشكل منسق ومتزامن لتدمير فرقة غزة في جيش العدو، وتطوير الهجوم داخل منطقه العدو الجنوبية.
وأكد أن الهجوم تم على جميع مواقع الفرقة وعددها 15 موقعًا عسكريًا حيث تمت المهاجمة، في حين أدت قوات الدعم اللوجستي ولا تزال كل قوات المناورة والدعم الناري تؤدي مهامها في إطار العملية بكفاءة عالية بفضل الله.
وأشار إلى أنها حققت إنجازًا عملياتيًا وعسكريًا غير مسبوق في تاريخ الصراع مع المحتل على أرض فلسطين، ستظل آثاره محفورة في ذاكرة جيش العدو ومغتصبيه وجمهوره، وسيكون لها أعظم الأثر في مسيرة شعبنا نحو التحرير والعودة بعون الله.
الخداع الإستراتيجي
وقال أبو عبيدة: إن كتائب القسام وفي سبيل نجاح هذه العملية المباركة مارست على العدو خداعًا إستراتيجيًا بدأ منذ أوائل عام 2022.
وأوضح أن من مظاهر هذا الخداع، التي يمكن أن نفصح عنها اليوم، أننا استوعبنا الكثير من الأحداث التكتيكية من قبيل تجاوزات الاحتلال ضد شعبنا الفلسطيني.
وقال: كنا نعض الألم لما يحدث في بعض الأحداث ضد أهلنا في الضفة والقدس والأقصى من انتهاكات واستفزازات وعدوان.
وأضاف: إننا آثرنا رغم التغول الصهيوني أن نمرر جزئيًا العديد من المواجهات والمعارك المقدرة والمشروعة بين الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة وبين العدو الصهيوني، وألا نفعل فيها قوة كبيرة من جانبنا في إطار الخداع الإستراتيجي للعدو.
وتابع: كنا في العديد من تلك المواجهات نتخذ موقفًا يمكن أن يفسر بأنه حيادي؛ كل ذلك من أجل كسب الوقت في التجهيز لهذه المعركة دون أحداث ضرر في خططها.
وأشار إلى أن العدو في تلك المواجهات وعلى مدار نحو عامين كان يُحمّلنا المسؤولية ويقوم بمهاجمة مقدراتنا الخاصة، وبالرغم من ذلك كنا نستوعب ذلك من خلال إجراءات مهمة كنا نقوم بها، ولا نريد الإفصاح عنها الآن للحفاظ على البنية التحتية لتلك المقدرات.
وقال أبو عبيدة: كما أن هناك العديد من قضايا الخداع نتركها لقابل الأيام للكشف عنها بإذن الله.
ملامح فشل العدو
وبين أن هذا الخداع والتخطيط العسكري والتنفيذ المبهر صدم هذا العدو صدمة لا يزال لا يستطيع استيعابها أو التعامل معها، فهو يعلم أنه تعرض لفشل إستراتيجي خطير.
وأضاف: كان من أهم ملامح هذا الفشل عدم مقدرته على قراءة نوايانا، بالرغم من أن التجهيز للمعركة ارتبط به آلاف من المجاهدين، وكنا نعلم مدى خطورة أي تسريب للعدو ولو جزئيًا حول نوايانا.
وتابع: بعد هذا الفشل المدوي وغير المسبوق في تاريخ الكيان بهذه المؤسسة العسكرية والسياسية يقومون الآن بارتكاب أبشع الجرائم ضد المدنيين الأبرياء الآمنين وكان الأولى أن تتم محاسبة هذه القيادة العسكرية والسياسية على هذا الفشل والغباء المركب.
وقال: نحن نعلم أن قادة العدو سوف يدفعون أثمانًا باهظة تتعلق بمستقبلهم السياسي والعسكري بعد انتهاء هذه المعركة.
تحية للشهداء وللأهالي المرابطين
ووجه التحية والرحمة لأرواح شهداء شعبنا ومجاهدينا الذين سطروا هذا الإنجاز العظيم ولا يزالون، وكل التحية لأسر الشهداء والجرحى والمصابين والمكلومين، والتحية لأسرانا الأبطال ولكل شعبنا الثائر في غزة وفي كل الساحات.
وتوجه لأهلنا المرابطين الصامدين في القدس والأقصى الذين مارس العدو بحقهم كل القهر والعدوان الآثم ولأهلنا الصابرين الصامدين هنا في غزة بقول: إن معركة طوفان الأقصى التي أطلقناها لأجل المسرى المبارك ولأجل سحق عنجهية العدو وتدفيعه ثمن كل الجرائم التي ارتكبها ضد شعبنا ومقدساتنا؛ هي معركة نخوضها على عين الله فأبشروا بنصر الله وتأييده.
بشرى للأسرى
وقال: نبشر أسرانا الميامين بالحرية والنصر والفرج ونقول لهم بأن لدينا من أوراق ستكون بإذن الله ثمنا لحريتكم.
ودعا الناطق باسم كتائب القسام، أبو عبيدة، قوى المقاومة وعموم شعبنا في الضفة والقدس والأراضي المحتلة عام 48 والمنافي والشتات، والقوى الحية في أمتنا عامة للاستنفار في كل الجبهات والساحات والدخول في معركة طوفان الأقصى وإشعال الأرض لهيبًا تحت أقدام العدو وحيازة شرف الإسهام في معركة القدس والأقصى.