"مفرق الأحبة وجامع العائلات لدى ملك الموت".. هكذا وصف أهالي الشرق الليبي إعصار "دانيال"، الذي ضرب المنطقة فجر الأحد الماضي، وخلف آلاف القتلى والمفقودين.

أما عن سبب التسمية، فلأن الاعصار "المتوسطي" تسبب في مقتل نصف أفراد عائلات وأبعدهم عن باقي أحبابهم في ذات العائلة، بينما تسبب أيضا في جمع كامل أفراد عائلات أخرى أموات غير أحياء.

إحدى تلك القصص التي تفرقت فيها العائلات بين ناج وقتيل هي قصة أب فقد ابنه، عرضتها قناة المسار الليبية، من خلال لقاء مع الأب، داخل أحد المشافي في مدينة طبرق.

ويقول الأب، وهو من مدينة درنة أكثر المتضررين من إعصار "دانيال "، إنه "من شارع البحر (اسم منطقة في درنة) وابني مات ربي يتقبله برحمته".

 

الأب يحكي ألم الفراق

ومضى الأب في سرد اللحظات التي مات فيه ابنه أمام ناظريه قائلاً: "كان ابني في منزل صديقه وذهبت لكي أعود به لمنزلنا فدخل علينا السيل فجأة (سيل المياه الذي تسبب فيه انهيار سدود وادي درنة)".

"تمسكنا بسقف المنزل بعد أن رفعتنا المياه للأعلى وبقينا على ذلك الحال لمدة نصف ساعة كاملة (..) أثناء ذلك قال لي ابني يا بوي سامحني يا بوي سامحني () قلت له أنا مسامحك أنا مسامحك" يتابع الأب.

بعدها مباشرة، وفق رواية الأب، تمكن الابن من السباحة لباب المنزل ولكن جسمه خرج من باب المنزل بينما علق رأسه في الداخل. يقول الأب باكيًا إن ابنه "شُنق".

ويضيف الأب متحسرًا منكسرًا: "ظل ابني للصباح على ذلك الحال وهو بجانبي مشنوق والله والله".

الابن المتوفى هو الابن الوحيد للأب المكلوم الذي واصل حديثه "اسمه عطية يدرس في الجامعة هو حبيب كل الناس".

ويضيف، وعلامات الرضى بقضاء الله وقدره ظاهرة على وجهه: "أنا صابر على ما أصابني والله صابر".

وفي كلمات تجاوز فيها حزنه الشخصي على فقده ومصيبته متطلعًا لحال بلاده المنقسم بين حكومتين، ينهي الأب حديثه قائلاً: "ربي يوحد بلادنا من شرقها لغربها ويلم شمل الليبيين".

 

أمل اللقاء من تحت الأنقاض

والقصة الثانية، بطلتها إحدى الأمهات، التي ظهرت خلال إحدى مقاطع الفيديو، بعد أن ظلت تحت الأنقاض 5 أيام، وهي تكافح مرارة الوحدة، وألم البعد، وصعوبة الحياة.

وانتشر مقطع مصور في مدينة درنة الأكثر تضررًا جراء الإعصار، لأحد الشباب وهو ينادي أمه "يا أمي أنت حية"، وبعد لحظات تجيبه رغم وجودها تحت الأنقاض: "هل أنتم أحياء".

بدوره، وصف الصحفي موسى تهوساي المقطع المصور بأنه مؤثر جدًا، وفي الوقت نفسه يبث الأمل لدى العديد من المواطنين في إمكانية العثور على ناجين في المناطق المنكوبة، بعد مرور 5 أيام على الإعصار المروع.

وأضاف تهوساي للأناضول، "مثل هذه المقاطع المصورة تبث أيضًا روح التفاؤل لدى فرق الإنقاذ التي أوجه لها التحية، لا سيما فرق الإنقاذ التركية التي أظهرت خبرتها الواسعة في مثل هذه الظروف".

وأشار تهوساي إلى وجود "أمل في العثور على أحياء تحت الركام"، مشددًا على "دور رجال الإنقاذ من كل الدول المشاركة".

كما نشر أحد النشطاء المقطع المصور، وكتب" لا إله إلا الله، الابن يناشد أمه يا أمي هل أنتِ حية والأم تجيبه هل أنتم أحياء؟ تطمئن على فلذات أكبادها حتى وهي تحت الأنقاض".

ومعلقا على المقطع المصور، قال الناشط حسين الشيخي "هكذا هي الأم، لا تأبه بنفسها وإنما بأبنائها".

وأضاف: "رحم الله أمهاتنا وأمهات المسلمين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم".

وقال المواطن أبو حفص الليبي: "أبكاني مشهد أم يناديها أبناؤها، وهي في مصابها تسأل أنتم أحياء؟"

وأضاف في منشور عبر فيسبوك: "هكذا هي الأم تنسى نفسها وتذكر أبناءها حفظ الله أمي وأمهاتكم".

وفي 10 سبتمبر الجاري، اجتاح إعصار "دانيال" عدة مناطق شرقي ليبيا، أبرزها مدن درنة وبنغازي والبيضاء والمرج وسوسة، مخلفا أكثر من 6 آلاف قتيل وآلاف المفقودين، وفق ما أعلنه وكيل وزارة الصحة في حكومة الوحدة الوطنية سعد الدين عبد الوكيل، في 13 من الشهر نفسه.

وانتشرت على منصات التواصل الاجتماعي مقاطع مصورة تُظهر حجم الدمار الهائل الذي خلفه الإعصار، وقصص إنسانية تفاعل معها رواد المواقع بعدما انتشرت على نطاق واسع.