اتفقت آراء اثنين من خبراء الاقتصاد على أن الأزمة التي تعاني منها مصر سياسية وليست اقتصادية، وأن استمرار قائد الانقلاب السيسي سيفاقم الأزمة الاقتصادية في البلاد، كما أن تعطيل المؤسسات المختلفة للدولة هو السبب الرئيس الذي أدى للمشكلة الاقتصادية المتفاقمة حاليًا.

 

مشاكل نقص الدولار

ومن جهته أكد محمود وهبة، رجل الأعمال وأستاذ الاقتصاد بجامعة نيويورك سابقًا، أن نقص الدولار يؤدي إلى انخفاض قيمة الجنيه وزيادة التضخم وحجز السلع في الموانئ، وذلك يؤدي إلى تحجيم النشاط الاقتصادي، وفي نهاية المطاف سيحمل نظام السيسي الشعب مسؤولية الفشل.

واتفق معه أستاذ الاقتصاد، أحمد ذكر الله، الذي رأي أن الحكومة تتعامل مع أزمة الفجوة الدولارية الحالية بمحاولة الضغط على الموارد الدولارية المتاحة ومنع تسريب أي جزء منها إلى خارج البلاد إلا في الحدود التي تريدها السلطة، والوضع العام في مصر أن هناك فجوة دولارية كبيرة ولا توجد موارد دولارية لسد هذه الفجوة، والجزء الأكثر إلحاحًا هو سداد أقساط الديون وفوائد القروض

وأضاف ذكر الله، في حوار له مع شبكة "رصد"، أن الحكومة تتعامل على الأجزاء الملحة الأخرى التي تحتاج الدولار على أنها ليست مهمة ولا ضرورية رغم أهميتها على أرض الواقع، على سبيل المثال تأجيل الاستيراد من الخارج لسلع أساسية تعد مدخلات إنتاج لعناصر إنتاج أخرى تسبب في توقف العديد من المصانع وتسريح العمال وتخارج العديد من المستثمرين من العمل في مصر للعمل في دول أخرى، وكلنا سمعنا عن الانتقال لدول خليجية مثل الإمارات والسعودية.

 

تحويل أموال المصريين بالخارج

وأكد ذكر الله أن الحكومة لا تملك الأدوات التي تمكنها من إجبار المصريين بالخارج على دخول المبادرات، ولا تملك أن تجبر المصدرين على إيداع أموالهم الأجنبية في البنوك المصرية؛ لأنهم يمكن أن يضعوا أموالهم بالخارج ويتسلموها بالخارج دون العبور على البنوك المصرية.

وقال إن الحكومة يجب أن تسير بخطط جديدة وإستراتيجيات جديدة غير التي تعتمد عليها، وما يقال عن تخفيض الجنيه وغيرها من المبادرات لا يمكن التعويل عليه، وهي نسبية ولا يمكن الاستناد إليها والحلول ستكون على المدى الطويل عبر العودة للتصنيع والإنتاج بعد الخروج من النفق المظلم وهيكلة الديون وأقساطها.

 

بيع الأصول عمل مجنون

وأوضح وهبة، في تصريحات لشبكة "رصد"، أن إيرادات مصر في الميزانية الجديدة تبلغ نحو 2.1 تريليون جنيه بينما تبلغ الديون وخدمتها فقط نحو 2.3 تريليون جنيه، والميزانية خاوية، ووزارة المالية تصرف عن طريق الاقتراض المستمر من الأسواق العالمية أو بيع الأصول ونهب ودائع البنوك وغير ذلك.

وشدد على أن بيع الأصول عمل مجنون ولا يوجد مبرر لذلك ويوجد فساد في عمليات البيع، وعملية تخفيض قيمة الجنيه مستمرة، بسبب وجود عجز في البنك المركزي بنحو 9 مليارات دولار.

 

في طريق الإفلاس

وقال وهبة إن منظمة فيتش كانت ستخفض تصنيف مصر الائتماني من B إلى C وهذا يعني أنها ستكون في مستوى الإفلاس، لكن تقديري أنه تم الاتفاق على تأجيل هذا لمدة 3 أشهر.

بينما أشار ذكر الله أن الحكومة اتخذت مسارًا بديلًا عن إعلان الإفلاس، لكن كل المقترحات التي تقدمها الحكومة مثل استيراد السيارات من الخارج، وإجبار المصريين بالتحويل عبر البنوك والصرافات، كلها حلول جزئية لا تسهم في حل المشكلة الأساسية، وهناك مبادرات ثبت فشلها مثل مبادرة إعفاء سيارات المصريين في الخارج من الجمارك والضرائب.

 

لا فائدة من الانضمام إلى البريكس

وعن انضمام مصر لـ البريكس ومدى تأثيره الاقتصادي على الدولة، أوضح ذكر الله أن انضمام مصر إلى البريكس له أكثر من زاوية اقتصادية فالزاوية الأولى هي التعامل بالعملات المحلية للبلدان المشتركة، والمشكلة في مصر هي انخفاض الإنتاج وانخفاض الفائض الذي يوجه للتصدير، مؤكدًا أن انضمام مصر إلى البريكس لن يعود بفائدة نتيجة ضعف الإنتاج المحلي وعدم وجود تصدير كافي يمكن أن تدخل بها لتلك الأسواق.

وأضاف أن هذا الانضمام يمكن أن يخفف بنسبة ما من عبء الصادرات لو وافقت دول مثل الصين وروسيا أن يكون التصدير لمصر بالعملات المحلية، ولكن دائمًا في التعاملات الاقتصادية يكون لها سقف محدد لما يمكن استيراده وتصديره بالعملات المحلية.

أما زاوية القروض فيمكن أن تستفيد مصر من القروض، ولكن نعرف أن من يقدم القروض هي الصين، والصين لها شروط استعمارية للدول التي تأخذ تلك القروض.

 

أزمة مصر سياسية وليست اقتصادية

وأكد وهبة، على أن أزمة مصر سياسية وليست اقتصادية، لا سيما توزيع الثروات وعدالة الدخول، موضحًا أن معاناة نقص الدولار مستمرة منذ 1957، والحل تغيير النظام ووحدة الميزانية.

وأوضح أن مصر حاليًا متعثرة عن سداد الديون لكن النظام لن يعلن ذلك، والديون بلغت أكثر من 300 مليار دولار حسب تقديراتي وليست 165 مليار دولار حسب ما يعلنه النظام.

وأشار وهبة إلى أن استمرار نظام السيسي سيفاقم الأزمة الاقتصادية في مصر، وتوزيع الثروة في مصر شاذ، حيث يسيطر الجيش والصناديق الخاصة والهيئات السيادية والصندوق السيادي على 65% من الاقتصاد.

واتفق معه أستاذ الاقتصاد، أحمد ذكر الله، الذي قال إن الحل في مصر سياسي بامتياز، وتعطيل المؤسسات المختلفة للدولة هو الذي أدى للمشكلة الاقتصادية.

وأشار إلى أن المؤسسات الرقابية، وعلى رأسها البرلمان، لو تم إعطائهم مساحة للقيام بدورهم وكذلك المؤسسات التي تحارب الفساد يمكن أن يُقوِّم الأداء الاقتصادي للحكومة ويعطي ثقة للمستثمرين الأجانب.