اعتبر موقع "إيميرجينج يوروب" أن السعودية أطلقت العنان لخيالها عندما أخذت على عاتقها المساعدة في إنهاء إراقة الدماء في أوكرانيا بعد جهود وساطة عقيمة من بكين وأنقرة.
وقال الموقع في تحليل كتبه "سَهيل منون"، إن ولي عهد السعودية والحاكم الفعلي "محمد بن سلمان" يبذل قصارى جهده لتحويل بلاده إلى قوة عالمية من أجل الخير، بعد أن تصدرت دولته عناوين الصحف منذ فترة طويلة بسبب سياساته الخاطئة.
وأشار الموقع إلى أنه على الرغم من ذلك، يجب عدم قراءة الكثير في محادثات السلام الأوكرانية المقبلة التي تستضيفها السعودية، وهو اجتماع في جدة لمستشارين للأمن القومي ومسؤولين كبار آخرين من حوالي 40 دولة يعقد في نهاية هذا الأسبوع.
وتابع: "إنها ليست أكثر من مشهد للعلاقات العامة يهدف إلى إضافة وقود إلى رحلة السلطة التي قام بها "بن سلمان" منذ منتصف عام 2017. سيكون من السابق لأوانه افتراض أن أحد أكبر المستفيدين من الغزو الشامل له مصلحة خاصة في نزع فتيل العداء بين الطرفين المتحاربين".
 لم يقتصر الأمر على ارتفاع أسعار الطاقة وسط القيود التي يقودها الغرب على شراء النفط والغاز الروسي، ولكن الرياض الآن تمسك بزمام الأمور في "زواج المصلحة" مع الولايات المتحدة؛ حيث تغير موقف إدارة "بايدن" تجاه "بن سلمان" إلى حد كبير بسبب النظام العالمي متعدد الأقطاب الذي تسببت فيه الحرب والذي لم تعد السعودية راغبة في التملق للولايات المتحدة للحصول على ضمانات أمنية ومشاركة المعلومات الاستخبارية.
وتشير حقيقة حضور مستشار الأمن القومي الأمريكي "جيك سوليفان" إلى أن واشنطن ربما كان لها دور في تنظيم هذه القمة بالذات كمقابل للمصالحة التي طال انتظارها بين السعودية وإسرائيل.
ولفت التحليل إلى أنه إذا تم التوصل إلى أي نوع من التقدم الجوهري في القمة المقبلة، فسيحظى رئيس الوزراء البالغ من العمر 37 عامًا بمكانة جيدة ويساعد في تبييض الضرر الذي لحق بسمعته خلال فترة حكمه. 
من نواحٍ عديدة، فإن العمل كصانع سلام هو مجرد امتداد لصفقة تبادل الأسرى التي أبرمتها الحكومة السعودية في سبتمبر الماضي، وحملة وليدة لإعادة تأهيل صورتها على الساحة الدولية.

 روسيا لن تكون حاضرة
 ربما كان من غير المرجح أن تؤتي هذه المفاوضات ثمارها حتى الآن؛ حيث إن موسكو انسحبت تمامًا. على الرغم من أن وسائل الإعلام المعروفة تلمح إلى أن أوكرانيا ترفض الجلوس على طاولة مع وفد روسي، فإن هذا المنطق لا يطبق.
 في حين أن العواطف تتصاعد بشكل مفهوم في كييف، يدرك "فولوديمير زيلينسكي" ووزراء حكومته أنه ليس لديهم خيار سوى عقد لقاء مع ممثلي المعتدي من أجل استعادة الحياة الطبيعية.
وبالنسبة لبوتين، أي تسوية تتعلق بوقف القتال وانسحاب القوات الروسية من الأراضي المحتلة يجب أن تُبنى وفقًا لشروطه بدلاً من تدخل طرف ثالث. وهذا يفسر سبب فشل خطة السلام الصينية المكونة من 12 نقطة واتفاق الحبوب الذي توسط فيه الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" في النهاية.

معرض سعودي
وأوضح التحليل أنه بحكم قربها من البحر الأسود، فإن تركيا لديها مخاوف مشروعة بشأن الوضع الحالي في أوكرانيا - كما هو الحال مع الصين مع أوروبا الوسطى والشرقية كونها عقدة حاسمة في مبادرة الحزام والطريق الثمينة. وفي الوقت نفسه، فإن السعودية ليس لديها أجندة واضحة وراء تضحيتها لأجل أوكرانيا. حتى فيما يتعلق بالأمن الغذائي، فإن العجلات تتحرك بالفعل بالحصول على الحبوب ومنتجات أساسية أخرى من أسواق بديلة مثل آسيا الوسطى.
وبالنظر إلى أنه من المتوقع أن تكون البرازيل والهند وجنوب إفريقيا من بين ثلاثين مشاركًا في قمة جدة، فإن هذه القمة توفر للسعودية منصة مثالية لإظهار براعتها الدبلوماسية لأعضاء البريكس. وربما لم تتأثر الرياض برغبتها في الانضمام إلى التحالف، ولكن من شبه المؤكد أنها ستتطلع إلى تسريع عملية انضمامها من خلال تحسين العلاقات مع الدول الثلاث المذكورة أعلاه.
وذكر التحليل أنه لسوء حظ "بن سلمان"، لا تعتبره روسيا ولا أوكرانيا وسيطًا جديرًا بالثقة؛ حيث إن وجود طاغية لا يرحم يؤثر على نتيجة الحرب التي يتم خوضها من أجل "الدفاع عن الديمقراطية" ويقضي على هدف الجنود الأوكرانيين الذين يذرفون الدماء والعرق والدموع من أجله.
وأضاف: "من تسليح الهيدروكربونات إلى استخدام منصات التواصل الاجتماعي كأداة للحكم وعقاب المعارضين باغتيالهم خارج الحدود الإقليمية، ليس هناك شك في أن "بوتين" و"بن سلمان" يشتركان في الكثير عندما يتعلق الأمر بأسلوب كل منهما في الحكم.
وختم التحليل: "محمد بن سلمان" بالفعل في خضم تحويل مجلس التعاون الخليجي إلى كتلة "اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية الخفيفة"، مع ظهور السعودية كمركز لصنع القرار ونشاط الأعمال الإقليمي على حساب جيرانها الأصغر".
وتابع: ولأن الاقتصاد الروسي على حافة الهاوية وقوات روسيا المسلحة دون المستوى ومعرضة للانشقاق، فإن "فلاديمير بوتين" لديه كل الأسباب للاعتقاد بأنه "هدف" في أعين الزعيم الطموح المنتظر للرابطة الاستبدادية.

https://emerging-europe.com/voices/why-saudi-arabias-ukraine-peace-deal-is-unlikely-to-succeed/