بقلم/ أشرف الشربيني

بعد عشر سنوات من انقلابهم البائس على الرئيس محمد مرسي في عام 2013م، لازال الانقلابيون عاجزين عن إخفاء جريمتهم، أو القضاء على غريمهم، فالجسد الذي أثخنوه بالجراح حتى ظنوا موته، لازال أقوى على منازلتهم رغم جراحه، وأقرب إلى قلوب الشعب منهم، والأكاذيب التي أنفقوا الملايين على صناعتها وترويجها، لاصطناع شرعية كاذبة لهم، لم تجد من يصدقها أو يقبل بها.

فمقال كتبه أمريكي من أصل مصري (شادي حميد) بعنوان: دروس للربيع العربي القادم، استنفر الدكتور عبد المنعم سعيد، أحد كُتَّاب نظام مبارك، فكتب مقالا زعم فيه أن انقلاب الجيش على الرئيس مرسي، إنما استند إلى شرعية تجسَّدت في حملة توقيعات قامت بها حركة (تمرد)، وكذلك في مظاهرات عارمة خرجت يوم 30 يونيو، وأن استجابة الجيش لتلك الإرادة مشابهة لاستجابته لها في 2011م، فانقلب على (مرسي) كما خلع (مبارك)! فاكتسب الجيش بهذه المظاهرات وتلك التوقيعات شرعية لانقلابه.

ورغم محاولات الانقلاب طوال عشر سنوات، إلا أنه عجز عن إقناع الناس بشرعية انقلابه في 2013م، تلك التي دافع عنها عبد المنعم سعيد في مقاله.

فمحاولات الجيش للانقضاض على الثورة والالتفاف عليها، لم تتوقف منذ أول يوم، وكلما أفشلت الثورة - والإخوان المسلمون في القلب منها - خطة للانقلاب، انتقل العسكر إلى خطة أخرى، ولما كثُرت إخفاقاته فى إحداث انقلاب (ناعم)، اضطر في النهاية إلى تنفيذ انقلاب دموي خشن، مهَّد له بمظاهرات 30 يونيو وما سبقها من أحداث، فدَوْر الجيش في تلك المظاهرات، أكبر من أن يتمَّ إنكاره أو التعمية عليه، ولم يكن الوجه المدني فيها سوى جسر عبور للاستيلاء على السلطة واغتصابها.

 (فالجيش) هو من موَّل أحزابًا لمواجهة الإخوان المسلمين، في أول انتخابات برلمانية جرت عام 2012م، كما ساعد على إنشاء ائتلافات شبابية لنفس الغرض، وذلك في حديث للواء سامح سيف اليزل على قناة CBC!

و(المخابرات) كانت خلف حركة تمرد، حيث تواصل أفرادها مع عباس كامل - مدير مكتب وزير الدفاع آنذاك- وكان الوسيط بينهما كلاً من ضياء رشوان وحمدين صباحي! وذلك حسب رواية غادة نجيب، إحدى مؤسسى الحركة، والتي قالت بأنها رأت بعينها استمارات فارغة موضوع فوقها استمارات معبأة لينخدع المشاهد بأعدادها، وأن مسؤولًا في الحركة أبلغها بأنّ إجمالي ما تمَّ تجميعه 7000 توقيع فقط!

و(الجيش) هو من دعا (مدنيين) ليطالبوه بالتدخل يوم 30 يونيو! وكان هذا الاجتماع بحضور حسب الله الكفراوي واللواء فؤاد علام (أمن دولة سابق) وآخريين، حيث طلب الجيش من المجتمعين كتابة بيان استدعاء له قبل الثالثة عصرًا! صرَّحت بهذه المعلومات الدكتورة منى مكرم عبيد في محاضرة لها بالولايات المتحدة الأمريكية! وكان هذا قبل يوم من إعلان وزير الدفاع مهلة اليومين التي أعطاها للرئيس مرسي (يوم 1 يوليو)!

و(الجيش) هو من صوَّر بطائراته مظاهرات 30 يونيو 2013م، مستعينًا بالخبرة الفنية للمخرج خالد يوسف، مُمتنعًا في ذات الوقت عن تصوير مماثل للمظاهرات المؤيدة للشرعية! في ميدان رابعة وغيرها، وقد أشارت الـ BBC  باستحالة تجمع (ملايين) يوم 30 يونيو كما ادّعى الانقلابيون.

ولم يكن انقلاب الجيش على الرئيس مرسي بسبب أدائه، إنما كان بسبب توجهه الإسلامي! كما صرّح بذلك نبيل فهمي (وزير خارجية الانقلاب).

 ثم جاءت المقاطعة الشعبية الواسعة لأول انتخابات بعد الانقلاب (عُرفت برئاسة الدم في مايو 2014م)، كدلالة قاطعة على أكذوبة ملايين 30 يونيو، ولتحرم الانقلاب من شرعية، لازال فقدانها يهدد استقراره وأمانه.

فانقلاب 2013م، لم يكن على حكم الإخوان المسلمين، بل كان انقلابًا على مسار ديمقراطي أعاد (الشرعية) للشعب المصري، تلك الشرعية التي كان الرئيس الشهيد محمد مرسي ممثلاً لها حارسًا عليها. فانقلاب يوليو 2013م، وما سبقه، لم يكن تعبيرًاعن إرادة وطنية كما ادّعي عبد المنعم سعيد، إنما كان جزءًا من مشروع (أجنبي) لإبقاء مصر أسيرة للتبعية والتخلف، نفذه ضباط فاسدون بمعاونة أقلية (مدنية) منبوذة، جميعهم خانوا الشعب وتآمروا على الدولة.