أحمد عبده

كاتب صحفي

 

هدير الشعب التركي لم يهدأ.. الإرادة الانتخابية لم تفتر.. العزيمة على مواصلة النصر والاستقرار انتصرت.. قرن تركيا الجديد آت.. أوهام المعارضة تبخرت كدخان متصاعد من النيران.

لحظات تاريخية فارقة وغير مسبوقة تعيشها تركيا الآن، لحظات تاريخية بقدر التحدي الذي عاشته تركيا، لحظات كاشفة فارقة تميزت فيها كل طوائف الشعب التركي، وفُضحت فيها كل الجهات التي كانت ترى أن هذه الانتخابات ستكون خلاصًا لها من أردوغان وحزبه ومشروعه ورؤيته، بل ومن قرن تركيا الجديد، الحلم المنتظر الذي وعد به أردوغان شعبه.

قالها الرئيس أردوغان قبل بداية جولة الإعادة: "لقد استوعبنا الدرس، سمعنا صوت شعبنا، وسنبذل جهدا أكثر بعد الآن".. وهكذا كان تصرف السياسي الذي عاش سنوات يحكم ولم تغره إنجازاته، أو ما حققه للشعب، ومهما فعل رجل العمل العام فلن يجد توافقًا عامًا بين عشرات الملايين من الناخبين، ولكنه يسعى لنيل ثقة الأغلبية في انتخابات، يشهد شعبه أولًا على نزاهتها.

عشرات الملايين داخل تركيا كانت تتمنى فوز الرئيس أردوغان الكثير من المظلومين -على حد تعبير سليمان صويلو وزير الداخلية التركي- كانوا يتمنون نجاح الطيب أردوغان واستكمال دوره في العالم كله كمحطة ثقة لكثير من دول العالم.

هدير الشعب التركي سيتصاعد أكثر وأكثر.. الفرحة بفوز أردوغان خرجت من رحم تركيا إلى أجزاء العالم الإسلامي تبشرها بالأمل.. تأخذ على أيديها بالصبر.. تعيد إليها البشرى بأن يوم الحسم آت مهما طال الزمان، وتعددت الخطوب، وكثرت الهموم، وتوالت المحن؛ فهو وعد الله الذي لا يتخلف: "إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد".

نجح الرئيس أردوغان في قيادة شعبه، وأكدت تجربة الانتخابات البرلمانية والرئاسية، تميز النموذج الديمقراطي التركي عن سواه من النماذج المهترئة التي تخادع شعبها، وتخادع العالم في كل مكان.

نجح أردوغان في إدارة الأحزاب التي انضمت إلى ائتلافه السياسي والانتخابي، واستطاع أن يجمع بينها، ويحقق آمالها، ويقرب بين طموحاتها وطموحات حزب العدالة والتنمية، استطاع أن يجمعها في نقطة اتفاق رغم الاختلافات السياسية والتنظيرات المجتمعية المتعددة.

كانت الديمقراطية هي البطل الحقيقي، وكان الشعب هو قائدها وسائسها، بحيث لم تؤثر عليه الأقاويل، ولم تثنه الأكاذيب التي روجتها المعارضة، ولم تَحِدْ به عن الطريق جملة الافتراءات التي كانت تُنشر في كل وقت، واستطاع أن يميز بين الغث والثمين، وأن يفرق بين الحق والباطل، وأن يعرف أين تكون وجهته، وماذا يريد أن يصنع في غده ومستقبله.

وجهت الانتخابات الرئاسية التركية صفعة قوية لوسائل الإعلام الغربية، التي ما برحت تشن حربًا دعائية لا هوادة فيها ضد الرئيس أردوغان. فالصحف مثل: “إيكونوميست، وواشنطن بوست، ودير شبيجل، ولو بوينت، ولو بريس”، بحيث هدمت له كل حلم قائم، وشككت في كل نجاح تم، وكالت له تهمًا لا محل لها من الواقع، في سقوط مهني غير مسبوق، كما روجت بقوة أن كفة كمال كليجدار أوغلو، وتحالف الأمة المعارض هي الأكبر، وأن سقوط أردوغان وحزبه بات وشيكا لا محالة.

خسر الانقلابيون عندما أردوا انتزاع أردوغان من الرئاسة بالدبابات.. تنكبت جماعات الضغط الطريق بعد أن بات ما فعلوه كنفخة في واد وصرخة في رماد.. خاب اليساريون ورُدّت إليهم مؤامراتهم في وجوههم، كمن كان يبني قصرًا من الرمال أو يقيم أوهامه على ضرب من الخيال.

انتصرت القيادة السياسية، والرؤية المستقبلية، والإرادة الشعبية، وجد الاستقرار لنفسه وطنًا يجمع فيه أطياف الشعب كله، دون تفرقة بين حزب وآخر وبين فصيل وآخر، فمصلحة تركيا هي الأهم، وقرن تركيا الجديد هو الحلم، وبإمكان أردوغان – بإذن الله - أن يحوله إلى واقع حقيقي ومُعاش، نسأل الله أن يعينه فيه ويوفقه إليه.