عبد العزيز أصلان البري

مركز الإعلام التركماني العراقي

 

ما فعله أردوغان - رئيس حزب العدالة والتنمية - في إدارة انتخابات البرلمان، سوف يُدَرَّس في تاريخ العبقريات السياسية، كانت معركة شبه ميئوس منها، حوّلها "المعلم" لنصر عريض، فاجأ به قيادات حزبه وقيادات المعارضة معًا.

لقد دفع أردوغان بنوعية خاصة من المرشحين كقاطرة، منهم نائب الرئيس نفسه والوزراء جميعًا تقريبًا، في مخاطرة سياسية، وبنى تحالفات محسوبة بدقة مع أحزاب ناشئة، اخترق بها جبهة منافسيه وأربك قواعدهم، والنتيجة أنه لم يعزز حصة حزبه فقط، بل عزز حصص كل من تحالف معه، خاصة الحزب القومي، وأدخل فاتح أربكان وحزبه، وحزب الهدى الكردي البرلمان للمرة الأولى منذ نشأتهم.

في المقابل أوقع بالمعارضة هزيمة مخزية بعد أن كانت تُمنّي نفسها باكتساح البرلمان، وجعل كل أركانها تخسر ما ربحته في انتخابات 2018، فتراجعت حصة حزب الشعب الجمهوري، وتراجعت حصة الحزب الجيد، وتراجعت حصة حزب الشعوب الكردي.

‏قلت، وأكرر: السياسة فن وخبرات ودهاء ومرونة ولياقة ذهنية حاضرة دائمًا، وليس مجرد خطب عاطفية، دينية أو لا دينية.

 

موجز لانتخابات الأمس.. لماذا كانت ليلة حزينة على المعارضة التركية؟

1 - كان حزب العدالة والتنمية يضع احتمال أن يخسر أغلبيته البرلمانية، وكانوا يقولون "يكفينا الرئاسة في هذه الدورة أما البرلمان فنحن ندرك أن التحديات صعبة".. فكانت المفاجأة أن تحالف العدالة والتنمية كسب الأغلبية مرة أخرى بشكل مفاجئ للحزب نفسه.

2 - كانت المعارضة تحلم بتغيير النظام الرئاسي إلى برلماني، وبم أنهم خسروا أغلبية البرلمان فقد دُفن هذا الحلم قبل أن يولد.

3 - كانت المعارضة القومية (ميرال أكشنار) تصرح بأن حلم حياتها هو أن تصبح رئيسة وزراء، وكان الترتيب أن تتولى هي رئاسة البلاد الفعلية بعد تغيير النظام إلى برلماني، وبالطبع فشلت فشلًا ذريعًا فلا هي أصبحت رئيسة وزراء ولا المعارضة تستطيع تغيير النظام.

4 - حزب المعارضة الرئيس الكمالي CHP قدم تنازلات كثيرة جدًا في مسألة الدين والحجاب، ورغم ذلك لم يستطع أن يجذب الشريحة المحافظة إطلاقًا وبقيت أصواته كما هي.. فلا هم حافظوا على علمانيتهم ولا كسبوا المحافظين.

5 - الأحزاب المحافظة التي انضمت للمعارضة (مثل حزب أحمد داود أوغلو) لم تضف شيئًا لحزب المعارضة بل أكلت من مقاعده وحصدت 36 مقعدًا على قفاه، وهو رقم لم تكن تحلم به تلك الأحزاب أبدًا.. وبسبب ذلك فالشباب العلمانيين غاضبين جدًا ويقولون إن هؤلاء استغلوا المعارضة ولم يقدموا لها أي شيء يذكر.

6 - كانت آمال المعارضة قوية جدًا في حسم الانتخابات الرئاسية من الجولة الأولى، وافتعال أزمة سياسية إذا لم يحدث ذلك.. ثم فوجئوا أنهم في المقعد الثاني بفارق 2,500,000 صوت عن أردوغان وهو أمر لم يتوقعوه أبدًا ففشل توقعهم وفشلت خطتهم بشكل صادم لهم.

7 - بعض شباب المعارضين يأسوا من الفوز على أردوغان في أي شيء في حياتهم ويقولون: أردوغان تعرّض لزلزال مدمر، والأزمة الاقتصادية من حرب أوكرانيا بالإضافة إلى كورونا، واجتمع ضده كل رؤساء الأحزاب والبلديات الكبرى، ومع ذلك هزم كل هذه العوامل. فماذا تبقى لنفعله كي يخسر؟

أما على تويتر فحسابات المعارضين على تويتر مليئة بالسب واللعن والشجار.. وحسابات المؤيدين متفائلة ومستبشرة خيرًا بإذن الله.