لفتت صحيفة الجارديان" البريطانية، إلى مخاوف أوروبية من أن السودان - الذي يمزقه القتال بين الجيش السوداني وخصمه شبه العسكري، قوات الدعم السريع - يمكن أن يغرق في أزمة طويلة الأمد، مما يؤدي إلى كارثة إنسانية ذات تداعيات جيوسياسية واسعة.
وأضافت الصحيفة في مقال كتبه "دان صباغ" توجد بالفعل سلسلة من الدول الفاشلة أو المنقسمة على أطراف أوروبا، وهو هلال من عدم الاستقرار يمتد من الساحل الأفريقي وليبيا مرورًا باليمن وسوريا وشمالًا إلى أوكرانيا، وهي ثلاث دول تدور فيها حروب ممتدة.

 

أوروبا تنسحب
وأشارت "الجارديان" إلى أنه بعد كارثة العراق والتراجع الفوضوي بقيادة "جو بايدن" من أفغانستان، ولت أيام التدخلات الغربية المباشرة المهمة، على الرغم من توريد الأسلحة بكميات كبيرة إلى أوكرانيا.
وفي السودان، كانت الولايات المتحدة مترددة بشكل ملحوظ في نشر جيشها حتى لإنقاذ ما يقدر بنحو 16 ألف مدني. 
وكانت جهود واشنطن دبلوماسية إلى حد كبير؛ فبالرغم من أن اهتمامها الأمني ​​الرئيسي كان تجنب تكرار كارثة بنغازي عام 2012 عندما تعرضت مبان دبلوماسية أمريكية للهجوم وقتل السفير. وتجلى ذلك بإنقاذ موظفي سفارتها من الخرطوم في نهاية الأسبوع الماضي.
في أماكن أخرى، انسحبت فرنسا وبريطانيا من مالي في نوفمبر الماضي، حيث كانا يحاولان تحقيق الاستقرار في البلاد، واشتكوا من أن حكومة الدولة الواقعة في غرب إفريقيا قد اختارت الانضمام للمرتزقة الروسية "فاجنر" المتعطشة للموارد الطبيعية.

 

السودانيون غير مرحب بهم في أوروبا
وذكرت "الجارديان" أن العديد من السودانيين بدأوا بالفعل في الفرار من القتال، وتواجدت طوابير شاسعة عند النقاط الحدودية مع مصر، ودخل ما يقدر بنحو 20 ألف شخص إلى تشاد. وأبلغت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان عن فرار ما لا يقل عن 40 ألف شخص من العاصمة الخرطوم، التي كانت مسرحًا لبعض أعنف المعارك بين القوات الحكومية وشبه العسكرية.
وقال "أحمد سليمان"، الباحث البارز في مركز أبحاث "تشاتام هاوس": "يبلغ عدد سكان السودان 45 مليون نسمة، لذا يجب وضع احتمالية مغادرة الأشخاص بأعداد أكبر في الاعتبار إذا كان هناك صراع طويل الأمد. وستكون معظم الهجرة داخلية وإلى البلدان المجاورة".
لكن حتمًا، سيحاول الناس أيضًا التوغل في أوروبا كما حدث في سوريا وأوكرانيا. 
وتُظهر أرقام وزارة الداخلية للسنة المنتهية في سبتمبر 2022 بالفعل أن الأشخاص من السودان يمثلون ثامن أكبر دولة في طلبات اللجوء إلى المملكة المتحدة - وتم منح 84٪ منهم.
وقالت وزيرة الداخلية "سويلا برافرمان" هذا الأسبوع، إن المملكة المتحدة ليس لديها خطط لإنشاء أي طريق آمن للسودانيين لدخول البلاد، على عكس أوكرانيا وأفغانستان، حيث سعت بريطانيا لتقديم بعض المساعدة للأشخاص الفارين مع اندلاع القتال.

 

صدمة جيل 
وذكرت "مي درويش"، الأستاذة في جامعة برمنجهام، أنه "إذا استمر هذا الصراع، فإننا نجازف بإصابة جيل كامل بالصدمة. ويمكن أن يؤدي هذا إلى التطرف".
السيناريو السلبي الأكثر احتمالًا هو سيناريو اليمن أو سوريا، حيث يتدهور الصراع الأولي إلى قتال مطول بشكل متزايد، وتختار مجموعة من القوى الدولية جانبًا وتسعى إلى استغلال ضعف البلاد.
وقال وزير الخارجية الأمريكي "أنتوني بلينكن"، إن لديه "قلق عميق" بشأن تورط مجموعة فاجنر الروسية في الصراع.
وقالت "الجارديان" في الختام: "في الوقت الحالي، لا يزال الوضع غامضًا، وسط تقارير تفيد بأن فاجنر عرض على مقاتلي الدعم السريع أسلحة، لكن "حميدتي" رفض المرتزقة". 
وأضافت درويش: "ما رأيته في الماضي في المنطقة، هو أنه مع ابتعاد الولايات المتحدة تدريجيًا، سعى لاعبون آخرون لدخول الفضاء".

...............

https://www.theguardian.com/world/2023/may/02/sudan-conflict-europe-security-implications-protracted