انطلق الأربعاء 3 مايو الجاري، "الحوار" الوطني، الذي أطلقه السيسي في رمضان قبل الماضي باستدعاء أغلب رموز 30 يونيو -الذين فضلوا نار العسكر على جنة الإخوان، كما قالوا، والذين ما زال أغلبهم أحياء مذعنين للسيسي يغيب عنهم  الفريق الوحيد الذي رفض الانبطاح منذ يوليو 2013.

يشير المراقبون إلى أن الإخوان المسلمون الذين لن يأتي المجتمعون -بحسب أجندة الحوار- على ذكرهم إلا بكل نقيصة أو مثلبة وهم المحسودين من تيارات الانقلاب (المدنية والشعبية والليبرالية و....) على تجنبهم ما دعاهم إليه السيسي من الفساد (لن ننزل على رأي الفسدة) الذين أطاحوا بصندوق الانتخابات وأعتقلوا الالاف ويبقون في سلجون حاليا نحو 70 ألف معتقل بحسب هيومن رايتس ووتش.

ورأى مراقبون أن المصريين لمحوا كذب منسق الحوار وهو يدعي أنه "لا توجد قوى سياسية واحدة ولا نقابة أو تيار شبابي لم يشارك"، متناسيا أن ضباط الأمن الوطني هم من أوصلوا بأيديهم دعوات حضور الحوار بعد جلسات متكررة لاختيار الحضور بين الأمن الوطني والمخابرات الحربية والعامة ثم العرض على السيسي ليحذف -هو أو أحد ورثته ومساعديه- أو يزيد من يحضر ومن يبقى في الزنزانة سواء كانت ب"بدر" أو "وادي النطرون" أو "أبو زعبل!

يرى مراقبون أن ما يحدث من دعوى مفرغة المضمون من الحوار جريمة بحق وطن يئن من فساد واستعلاء أدى إلى فقر مدقع وشروخ اجتماعية وانتهاك حقوق المعتقلين المخالفين سياسيا بل وعجز الآخرين حتى حضور انطلاق (الثاني من نوعه) مهزلة اجتماع "حوار" بمقر أرض المعارض، أرغمت فيه قيادات هذه التيارات على الحضور كما أعلن فريد زهران القيادي في التيار المدني ورئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي بقوله "أنا جي على نفسي" كما جاء في كلمة له في الجلسة الافتتاحية.
 

شلة 30 يونيو

عبدالفتاح السيسي في كلمة مسجلة ألقاها في بداية الجلسة الافتتاحية؛ أشار إلى أنه "تابع عن كثب كافة التحضيرات للحوار الوطني، الذي يرسم ملامح الجمهورية الجديدة"!

وكأن الحضور بيده أن ينجح الحوار دون تنحي رصاص العسكر وقيودهم دعا السيسي "إلى بذل الجهود لإنجاح التجربة واقتحام المشكلات والقضايا وإيجاد الحلول لها".

 

"سقفوا لي لو سمحتوا"!

ليس فقط التصفيق هو ما يريده السيسي كما أعلن ذلك في دبي وفي اجتماع اقتصادي، فهو دائما حريص على اللقطة وعلى التصفيق لسفهه فهو بحسب المراقبين كمن يستخرج الأراجوز الكامن داخله ويطلب من الخليجيين التصفيق عنوة.

يقول المجلس الثوري المصري "يحتاج كل بلاط ملكي لأراجوز أو بهلوان يثير ضحكات السلطان بتحقير نفسه والتقليل من وطنه وأهله، يستجدي التصفيق ببرود ولا يخجل من يده الممدودة المتسولة بلا شبع، ويضحك حتى عندما يضربه السلطان على قفاه".


تحضيرات بالاعتقال والترهيب 

وكانت التحضيرات الرسمية لما يسمى "حوار الوطني" بدأت بإعلان إدارة الحوار تكليف ضياء رشوان منسقًا للحوار الوطني، والمستشار محمود فوزي رئيسًا للأمانة الفنية للحوار الوطني، ثم التوافق على اختيار 21 عضوًا، وعلى مدار عام كامل، عقدت 23 جلسة نقاشية وضع فيها مجلس أمناء الحوار الوطني أسسًا للحوار والاتفاق على المحاورالرئيسة والمقسمة إلى ثلاثة محاور وهي (السياسي، الاقتصادي والمجتمعي)..

إلا أن التحضيرات براي مراقبين لاجتماع السيسي مع أنصاره من مجموعة 30 يونيو في 3 مايو 2023 من ممثلي "الأحزاب" الكرتونية و"القوى السياسية" إن صح التعبير بدأ مبكرا بالتنسيق مع ممدوح حمزة على تقمص دور المعارض ولقاء مجموعة من المخدوعين في الخارج بوهم الحوار مع شخص لا يرى إلا نفسه، وأضاف المراقبون أن التحضير أيضا بدأ منذ إعادة الناشط السياسي شريف الروبي إلى معتقله بعدما سجل في منشور (بوست) ما يتعرض له في المراقبة الأمنية -بديل السوار الإلكتروني- التي يتعرض لها أثناء كتابة هذه السطور الآلاف في مصر من أبناء التيار الإسلامي الغائب الأبرز عن جلسات الإلهاء الانقلابي.

وأشاروا إلى أنه ما زال التحضير جاريا باعتقال خال وعم المرشح الرئاسي المحتمل أحمد طنطاوي قبل أيام من عودته إلى مصر من بريروت، واعتقال المدونة نجوى خشبة والصحفي حسن القباني، اللذين أطلق سراحهما لاحقا لإنقاذ سمعة الحوار، والتجديد لأحمد فتحي عضو حزب الدستور، فضلا عن تهديد المهندس يحيى حسين عبدالهادي القيادي بالحركة الوطنية المصرية وحركة (كفاية) بإعادته إلى (بدر 3 ) واستخراج قضية جديدة له بعد تحذيره "القوى السياسة" من تبييض صقحة السيسي بالمشاركة في "انتخابات" ليست كالانتخابات، تماما كما فعل المنقلب مع المستشار هشام جنينة ليظل الرجلان تحت التهديد بمصير الروبي وعلاء عبد الفتاح ومحمد عادل، ومروة عرفة، ونيرمين حسين وآخرين.