هو شيء أشبه بالعبث؛ أن تتلقى أجهزة الدولة المسئولة عن مراقبة الأسعار وحماية المستهلك قرابة 19 ألف شكوى شهريًا، تتعلق بارتفاع أسعار العشرات من السلع، وانتهاء تاريخ صلاحية بعضها، ولا تتحرك للحد منها أو معالجتها أو التحقيق فيها، وكأن الأمر لا يعنيها!

وكان اللواء المهندس شريف الرشيدي، نائب رئيس جهاز حماية المستهلك، قد أكد على أن جهاز حماية المستهلك منذ أكتوبر الماضي رصد شكاوى ومخالفات تتعلق بـ140 ألف وحدة تجارية ونتج عنها تحرير 36 ألف محضر، حيث يتلقى الجهاز من 18 إلى 19 ألف شكوى شهريا، مشدًد على رقابة الجهاز على أن يكون السعر المدون على السلع شاملًا، ومشيرًا إلى إشكاليات تتعلق بالسوق الموازي، وأنه بدأت تظهر في الأسواق بعض السلع منتهية الصلاحية، وفقًا لـ"المصري اليوم".

 

ثلاثة أسباب لارتفاع الأسعار

وأكدت الجولات في الأسواق الشعبية ومحلات السوبر ماركت وكبرى المولات في مصر ارتفاع الأسعار بنسب تتراوح ما بين 5% و9% مقارنة بأسعارها نهاية الأسبوع الماضي، وكان السبب في ذلك:

1 - زيادة أسعار البنزين بنسبة 7 – 11% وبقيمة تتراوح بين 75 قرشًا إلى جنيه كامل للتر الواحد.

2 - التراجع المستمر يومًا بعد يوم في قيمة الجنيه أمام الدولار، حيث بلغ الدولار اليوم 30.83 جنيهًا.

3 - زيادة الطلب على شراء السلع الغذائية من المواطنين بهدف التخزين قبل حلول شهر رمضان.

 

ارتفاع أسعار السلع الأساسية

وعلى سبيل المثال، فقد زاد سعر بيع الأرز الأبيض السائب من متوسط 24 جنيهًا للكيلوجرام إلى 25.5 جنيهًا، والأرز المعبأ الفاخر من 28.5 جنيهًا إلى 30 جنيهًا للكيلوجرام، والمكرونة من 38.5 جنيهًا إلى 42 جنيهًا للكيلوجرام، والدقيق الأبيض من 28 جنيهًا إلى 30 جنيهًا للكيلوجرام، والسكر المعبأ من 22.5 جنيهًا إلى 24 جنيهًا للكيلوجرام.

كما ارتفع سعر بيع زيت الطعام من متوسط 65 جنيهًا إلى 70 جنيهًا (0.8 لتر)، ومن 130 جنيهًا إلى 135 جنيهًا (1.6 لتر)، ومن 180 جنيهًا إلى 187.5 جنيهًا (2.2 لتر)، والمسلي الصناعي من 100 جنيه إلى 105 جنيهات (1.5 كيلوجرام)، ومن 152 جنيهًا إلى 160 جنيهًا (2.5 كيلوجرام)، ومن 265 جنيهًا إلى 275 جنيهًا (4.25 كيلوجرامات)، وفقًا لـ"العربي الجديد".

وزاد سعر بيع العدس السائب من متوسط 40 جنيهًا للكيلوغرام إلى 42.5 جنيهًا، والعدس المعبأ من 47 جنيهًا إلى 50 جنيهًا، والفول السائب من 33 جنيهًا من 35.5 جنيهًا للكيلوغرام، والفول المعبأ من 37 جنيهًا من 40 جنيهًا للكيلوغرام، وعبوة البيض الأبيض (30 بيضة) من 107 جنيهات إلى 115 جنيهًا، والبيض البلدي من 118 جنيهًا إلى 125 جنيهًا.

 

ارتفاع أسعار اللحوم والدواجن

ووفق آخر تحديث لبيانات بوابة الأسعار التابعة لمركز معلومات مجلس وزراء الانقلاب، ارتفع سعر الكيلوجرام من الدواجن البيضاء من 90 جنيهًا إلى 95 جنيهًا، ومن الدواجن البلدية إلى 125 جنيهًا، ومن صدور البانيه إلى 185 جنيهًا، ومن الأوراك الطازجة إلى 100 جنيه، ومن الكبد والقوانص إلى 80 جنيهًا، ومن أجنحة الدواجن إلى 61 جنيهًا.

كذلك ارتفعت أسعار اللحوم البلدية الطازجة من متوسط 275 جنيهًا للكيلوجرام إلى 290 جنيهًا، واللحوم البرازيلية المجمدة من 165 جنيهًا إلى 180 جنيهًا للكيلوجرام، والسمك البلطي من 70 جنيهًا إلى 75 جنيهًا للكيلوجرام، والسمك البوري من 115 جنيهًا إلى 120 جنيهًا للكيلوجرام، والسمك الفيليه من 160 جنيهًا إلى 170 جنيهًا.

 

ارتفاع أسعار الألبان والأجبان

وزاد سعر اللتر من الألبان المعبأة من 28.5 جنيهًا إلى 29.5 جنيهًا، والكيلوجرام من الجبنة البيضاء من 115 جنيهًا إلى 120 جنيهًا، والجبن القريش قليل الدسم من 65 جنيهًا إلى 70 جنيهًا، والجبن الرومي من 170 جنيهًا إلى 180 جنيهًا، والجبن الفلمنك المستورد من 365 جنيهًا إلى 385 جنيهًا.

 

"حيتان" جديدة

من جانبه، يرى عبد التواب بركات، مستشار وزير التموين المصري الأسبق عام 2012، والأستاذ المساعد بمركز البحوث الزراعية بالقاهرة؛ أن مصر عادت إلى حقبة ما قبل ثورة 25 يناير 2011، عندما كانت لكل سلعة مجموعة "حيتان" معدودة على أصابع اليد الواحدة، ومرتبطة بعلاقات سياسية مع النظام الحاكم، وتحتكر كل شيء، مما أوجد "مافيا" لعدد من السلع؛ كالقمح والسكر.

ويقول بركات، إن "الحكومة الحالية تستخدم أذرعها الإعلامية التي تحاول "تعليق" الفشل في توفير السلع الأساسية وضبط الأسعار على شماعة الحرب في أوكرانيا تارة وجائحة كورونا تارة أخرى، إلى جانب جشع التجار، ومؤخرا "المافيا". ويضيف "الحقيقة أن المافيا موجودة داخلها"، وفقًا لـ"الجزيرة".

ويوضح بركات أن شركات الجيش هي التي تتحكم في كل شيء، وتسيطر على استيراد القمح والسكر وزيت الطعام وحليب الأطفال واللحوم المجمدة والدواجن المجمدة والأسماك.

وبالتالي، يقول المستشار السابق إن هذه المؤسسات "هي التي يجب أن تُسأل عن كل شيء ليعرف المصريون كيف تم السماح بإنتاج "مافيا" الاحتكار والفساد التي كانت موجودة في عهد الرئيس الأسبق مبارك، ومن الذي يسمح الآن بخلق أزمات عديدة في الأرز والسكر واللحوم المجمدة وزيت الطعام وعلف الدواجن؟"

وتساءل الأكاديمي المصري، الذي عمل في الدولة لمدة عام: كيف يتم السماح باستيراد دواجن مجمدة حاليًا رغم أن قانون حماية صناعة الدواجن يمنع ذلك؟ وكيف يتم شراء الأرز من المزارعين بأسعار بخسة لا تتجاوز 6850 جنيهًا للطن وبنظام التوريد الجبري، ثم بيعه للمستهلك بسعر مرتفع أو تصديره إلى ليبيا ودول الخليج رغم قرار يمنع تصديره.

وقال إن هذه السياسة حوّلت مصر من دولة مكتفية ذاتيًا إلى مستوردة، وتسببت في ارتفاع السعر مؤخرًا إلى 25 جنيهًا واختفاء الأرز من الأسواق. وتساءل: هل اتهام النظام الفلاحين والتجار بافتعال الأزمة محاولة للتغطية على أشياء أخرى تحدث خلف الستار؟"

 

تجربة الرئيس الراحل مرسي

وحول تجربتهم عام 2012، في مواجهة "المافيا"، قال بركات "انتهج الرئيس الراحل محمد مرسي سياسة تمكين المزارعين من الوصول للأسواق وشراء القمح والأرز والقطن والقصب وبنجر السكر بأسعار مجزية، وأوقف مافيا الاحتكار والفساد، وقرر شراء اللحوم الحيّة من السودان عبر هيئة السلع التموينية بسعر 30 جنيهًا وطرحها للمستهلك بسعر 31 جنيهًا، وأوقف مافيا اللحوم، وقرر شراء القمح من المزارعين بأعلى من السعر العالمي فزاد الإنتاج المحلي وتوقّفت مافيا القمح حتى منتصف 2013".

ووفق بركات، فإن وزارة التموين عام 2012 قامت بشراء الأرز مباشرة من الفلاحين بسعر 2050 جنيها للطن، وهو أعلى من السعر الذي فرضه التجار بـ700 جنيه، ثم طرحته للمواطن بسعر 1.5 جنيه، وبالتالي ربح الفلاح، ولم يعان المواطن من الغلاء.

ورفعت حكومة الانقلاب أسعار بيع البنزين بأنواعه الثلاثة في السوق المحلية، بنسبة تتراوح ما بين 7% و11%، اعتبارًا من يوم الخميس الماضي، بواقع 8.75 جنيهات للتر بنزين 80 بدلًا من 8 جنيهات، و10.25 جنيهات للتر بنزين 92 بدلًا من 9.25 جنيهات، و11.50 جنيهًا للتر بنزين 95 بدلًا من 10.75 جنيهات.

وقررت وزارة البترول رفع سعر بيع المازوت لغير استخدامات الكهرباء والمخابز من 5 آلاف جنيه إلى 6 آلاف جنيه للطن، وسعر بيع الغاز الطبيعي المستخدم في تموين السيارات من 3.75 جنيهات إلى 4.50 جنيهات للمتر المكعب بزيادة 20%. وتثبيت سعر بيع السولار (الديزل) عند 7.25 جنيهات للتر، وكذلك سعر المازوت المورد للكهرباء والصناعات الغذائية.