أقام آلاف الأسرى الفلسطينيين اعتصامات في باحات السجون الصهيونية؛ احتجاجاً على إجراءات التضييق عليهم، التي فرضتها الحكومة الصهيونية، بطلب من وزير الأمن القومي أيتمار بن غفير، للتضييق عليهم. وتَرافق الاعتصام مع وقفات ومظاهرات جماهيرية نُفّذت في مختلف أنحاء الضفة الغربية والقدس الشرقية، انتهى عدد منها باعتداء من قوات جيش الاحتلال.

وفي وقت سابق بدأت لجنة الطوارئ العليا للحركة الأسيرة عملية تمرد وعصيان تدريجية، بلغت حدّ الاعتصام في ساحات السجون أمس بعد صلاة الجمعة، وإعلان مضاعفة حالة الاستنفار والتعبئة في جميع السجون، في ضوء التطورات الخطيرة وإعلان إدارة السجون توسيع دائرة تهديداتها، والاعتداء على الأسرى في سجن «جلبوع».

وأوضحت اللجنة أن جميع الحوارات التي جرت بين الأسرى وإدارة السجون، على مدار الأيام الماضية، لم تُفض إلى أي نتائج، إذ تبيَّن أن مصلحة السجون تهدف إلى استطلاع مواقف الأسرى فقط. وحذّرت مؤسسات الأسرى من ارتكاب قوات القمع التابعة لإدارة السجون أي اعتداء على الأسرى المعتصمين.

ولفتت أن ما تعرَّض له الأسرى، خلال اليومين الماضيين، من عمليات ضغط، يهدف لإجبارهم على القبول بالواقع الجديد الذي تسعى إرادة السجون لفرضه. وأكدت الحركة الأسيرة داخل السجون أنها «ماضية بخطواتها الاحتجاجية ضد إجراءات المتطرف الفاشي (بن غفير)، ولن ترهبها أو تخيفها العقوبات». وأوضحت أن «استمرار إدارة سجون الاحتلال في خوض مغامرة غير محسوبة النتائج، سيكون له أثمان كبيرة، وإنجازات الأسرى التي يسعى بن غفير لمصادرتها مجبولة بدماء الأسرى الشهداء، وأطنان من اللحوم التي ذابت عن أجساد الأحياء».

وبينت: «أن المرحلة الخطيرة التي يمر بها الأسرى، والتي تستهدف كينونتهم ووجودهم تتطلب من أبناء شعبنا بكل مكوناته مزيداً من التحرك على كل المستويات لوضع قضية الأسرى في مسارها الصحيح، وتحذير العالم من المخاطر والتداعيات الخطيرة لهذا العدوان الهمجي على أسرانا الأبطال».

كانت إدارة سجون الاحتلال قد أبلغت الأسرى بفرض عقوبات جماعية بحقّهم، اعتباراً من الخميس في عدد من المعتقلات؛ رداً على خطوات «العصيان» التي نفّذوها رفضاً لإعلانها بدء تطبيق إجراءات المتطرف بن غفير. ففي سجن «ريمون»، تمثلت العقوبات الجديدة بإغلاق «الكانتينا»، وتكبيل يديْ كل أسير عند خروجه من القسم، حتى إن خرج إلى عيادة السجن، كما أعلنت حرمان الأسرى من الخروج لأداء الرياضة الصباحية، وأكدت أن هذه العقوبات ستبقى قائمة ما دام الأسرى مستمرين بخطواتهم.

ونُفّذت هذه الإجراءات في سجن «نفحة»، لتضاف إلى الإجراءات التي نفّذتها إدارة السجون، خلال الأيام الماضي،ة وتمثلت بوضع أقفال على الحمامات الخاصة بالاستحمام وقطع المياه الساخنة. وفي سجن «عوفر» وسجن «جلبوع»، سحبت الإدارة بلاطات التسخين، وبعض الأدوات الأساسية الأخرى.

وأكدت هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير أن خطوات «العصيان» ستكون مفتوحة حتّى التاريخ المحدد لخطوة الإضراب عن الطعام المقرَّرة في الأول من رمضان المقبل. وقالت إن «هذه الخطوات ستكون مرهونة بموقف إدارة سجون الاحتلال، والتطورات التي يمكن أن تحدث خلال الفترة المقبلة، وستبقى لجنة الطوارئ في حالة انعقاد دائم».

وتتمثل خطوات العصيان الأولية التي أقرّتها لجنة الطوارئ العليا للحركة الأسيرة، والتي بدأ بتنفيذها معتقلو سجن «نفحة»، الثلاثاء الماضي، بإغلاق الأقسام وعرقلة ما يسمى «الفحص الأمني»، وارتداء اللباس البُني الذي تفرضه إدارة السجون، كرسالة لتصاعد المواجهة، واستعداد الأسرى لذلك. وفي يوم الخميس بدأت قوات الاحتلال حملة مداهمات لبيوت الأسرى قامت خلالها بمصادرة أي مبلغ من المال وأي مجوهرات، كما صادرت الحسابات البنكية.

ويبلغ عدد الأسرى في سجون الاحتلال نحو 4780، منهم 160 طفلاً، و29 أسيرة، و914 معتقلاً إدارياً، وهم يتعرضون لعمليات تنكيل شديدة في السنوات الأخيرة، ومع ذلك فإن بن غفير وغيره من وزراء اليمين المتطرف يعتبرون السجون «مَصيفاً للاستجمام»، وقرروا سلسلة من الإجراءات التي تضرب حقوقهم. ومع أن مصلحة السجون أعربت عن اعتراضها على هذه الإجراءات، وأكدت أن ظروف المعيشة في السجون سيئة وليس فيها أي ترفيه، وحذرت من أن الإساءة فيها أكثر ستؤدي إلى توتر، وربما تتسبب في تهديد حياة السجّانين، إلا أن الحكومة أصرّت على موقفها.

ويلقى الأسرى الفلسطينيون تعاطفاً واسعاً في الشارع الفلسطيني. ومنذ إعلان الاعتصام، تشهد الضفة الغربية والقدس نشاطات تضامن يومية، وقد تعرَّض عشرات المتظاهرين، الجمعة، إلى الاعتداء والإصابة بجروح.