تحدثت الصحفية "كورا إنجلبريخت" بصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية إلى أطباء سوريون بمستشفى تحت الأرض يُعرف باسم "الكهف"، والذي لطالما كان وجهة طويلة لجرحى الحرب وأصبح اليوم مليئًا بضحايا الزلزال - الأحياء منهم والأموات.

 وقال الدكتور "نهاد عبد المجيد" في مكالمة هاتفية مع "إنجلبريخت"، أنه شهد أسوأ معاناة إنسانية في حياته المهنية كجراح في سوريا. 

 بعد سقوط المدينة في أيدي القوات الحكومية، تراجع الدكتور "عبد المجيد" إلى بلدة الأتارب في شمال غرب البلاد، حيث عمل في مستشفى محفور تحت الأرض لحمايتها من القصف الروسي والسوري الذي لا هوادة فيه.

وأضاف: "لطالما امتلأ مستشفانا بالمآسي. لكن ما شاهدناه هذا الأسبوع، من عدو مختلف تمامًا، كان ذا نطاق لم نواجهه من قبل".

وصل المئات من ضحايا زلزال الاثنين هذا الأسبوع إلى مستشفاه في الأتارب، وكان الكثير منهم قد لقوا حتفهم بالفعل عندما وصلوا إلى المستشفى. ويقول الموظفون إنهم أحصىوا 148 جثة في المستشفى منذ يوم الاثنين.

وتابع الدكتور عبد المجيد: "منذ يوم الاثنين، لم تتوقف الجثث عن القدوم. البعض يصل بدون رؤوس. وآخرون بلا أطراف".

وبعد أكثر من عقد من الحرب الأهلية، يجد الأطباء السوريون أنفسهم عالقين وسط أزمة إنسانية جديدة بعد الزلزال، مع عرقلة جهود الإنقاذ بسبب موقع منطقة الزلزال، التي تشمل الأراضي التي تسيطر عليها الحكومة والمعارضة في سوريا. وهذا يعني تدافعًا يائسًا لإنقاذ الأشخاص المحاصرين بين أنقاض المباني المنهارة على أمل نقلهم إلى مستشفيات مثل مستشفى الأتارب.

قال الطبيب "مرهف عساف" - الذي عمل في الكهف في عام 2018 وهو على اتصال متكرر بالموظفين هناك - للصحفية "إنجلبريخت": "يحفر الناس بين الأنقاض بأظافرهم للوصول إلى أصوات الصراخ على الجانب الآخر".

وشارك موظفو المستشفى مقاطع فيديو وصور مع صحيفة التايمز تظهر جثث الضحايا مغطاه بالبطانيات وتصطف في الممرات. وأظهر مقطع فيديو آخر شاحنة صغيرة مكدسة بالجثث تصل إلى المستشفى.

واستطرد الدكتور "عبد المجيد": "لقد بكينا على الأطفال الذين عاشوا خلال هذه الحرب وماتوا الآن بدون سبب".

وأضاف الدكتور "أسامة سلوم": "ظللنا نبحث عن طائرات نفاثة. كان عقلي يخبرني أنها كانت حربًا مرة أخرى".

وأضاف: "كل الصور المؤلمة من عملي أثناء الحرب عادت إليّ. شعرت وكأنني كنت أستيقظ في كابوس متكرر".

وصرح الأطباء بأن تجاربهم أثناء الحرب قد أعدتهم جيدًا للخسائر البشرية التي سببها الزلزال - خاصةً بالنسبة للاختيارات الصعبة التي تستدعيها المهنة.

وأضاف الدكتور "عساف": "كانت هناك أيام لم نتمكن فيها إلا من إنقاذ البعض - إذا حاولت إنقاذ الجميع، فلن تكون قادرًا على إنقاذ أي شخص".

في الأيام التي أعقبت زلزال الاثنين، تعرقل وصول المساعدات لسوريا، ويرجع ذلك جزئيًا إلى تضرر الطرق المحيطة بمعبر حدودي رئيسي من تركيا إلى المناطق التي تسيطر عليها المعارضة. وتأثرت جماعات الإغاثة في تركيا بالزلزال الذي قد يشكل أي انسداد طويل الأمد تحديًا للأطباء في المستشفى تحت الأرض في الأتارب.

وقال الدكتور عبد المجيد: "اعتقدت أنني ربما رأيت كل شيء، لكن هذه أكثر الأيام المأساوية التي رأيتها في حياتي كلها".

https://www.nytimes.com/2023/02/09/world/middleeast/earthquake-syria-hospital.html