قالت مجلة "الإيكونوميست" البريطانية إن الجيش في مصر يدير إمبراطورية واسعة تصنع كل شيء من المكرونة إلى الإسمنت مؤكدا أنه من الصعب التنافس مع شركة لا تدفع ضرائب أو رسوم جمركية، وتتمتع بإمكانية الوصول التفضيلي إلى الأرض - ويمكنها إغلاق منافسيها، حيث سجنت مؤسس شركة جهينة صفوان ثابت وابنه سيف ثابت عامين لرفضه مطالب الجيش بحصة أغلبية في شركته.


واعتبرت المجلة في تقرير أنه في مثل هذا البلد القمعي، لا توجد استطلاعات رأي موثوقة، لكن التقارير تشير إلى أن المصريين فقدوا الثقة في قيادة السيسى، مشيرة إلى أن انتقادات توجه للسيسي بشكل متكرر ومسموع في الأسواق والمواصلات والمقاهي، كما يحثه عدد من المقربين بهدوء على عدم الترشح للانتخابات الرئاسية العام المقبل.



إصرار على الفشل

واعتبرت أن المسؤولين في مصر سرعان ما ينسون الدرس أو يتغافلون عنه، لافتة إلى تصريح وزير مالية السيسي "إن الدرس الذي تعلمناه أنه لا يمكنك الاعتماد على الأموال الساخنة"، واستدركت: "سرعان ما نسي الدرس".

وفي السياق أشارت إلى إعلان حكومة السيسي في ديسمبر أن 9.5 مليار من البضائع مكدسة بالموانىء، وأنه ظهرت سوق سوداء للعملات، وتلقى المصريون بالخارج رسائل من البنوك بحدود لسحب الأموال 100 دولار شهريا.

وأوضحت أنه من المؤكد أن أكبر دولة عربية كانت أكبر من أن تسقط، لا يزال السقوط غير محتمل - ولكنه لم يعد مستحيلاً، وضمنا أشارت إلى أن الجنيه المصري اليوم هو أسوأ العملات أداء في العالم هذا العام، وبعد سنوات من السياسات قصيرة النظر، لا توجد إجابات سهلة لمشاكل مصر.

ونبهت إلى أن المصريين -ذوو النوايا الحسنة- منذ سنوات يحذرون من أن البلاد ستقع في فخ الديون، ولكن تجاهلهم السيسي، وكان المستثمرون الأجانب، الذين أغرتهم بعض أعلى معدلات الفائدة في العالم، حريصين على مساعدته في الحفاظ على وهمه، فبدأ شراء سندات مصر قصيرة الأجل وكأنه مشروع مربح وبدون مخاطر.


أرقام نمو كاذبة

واعتبرت "الإيكونوميست" أن الأسابيع القليلة الماضية كانت بمثابة كشف حساب للاقتصاد المصري غير المستدام، فمنذ استولى السيسي على  السلطة في انقلاب 2013 والقطاع الخاص متعثر والإنفاق الحكومي مدفوع بالديون على مشاريع البنية التحتية، وبعضها مشكوك في قيمتها، سجلت مصر أرقام نمو جيدة، لكنها كانت سرابا.

وعن فراغ جيوب المصريون قالت إن الذهاب إلى السوق أصبح عذابا عند الفقراء، وأكياس التسوق أصبحت أخف وزنا، والفواتير أصبحت أكبر، ووالطبقة الوسطي عليها الاختيار بين مصروفات السيارة أو المدارس أو محلات البقالة، كما يواجه رواد الأعمال نقصا في الدولار الذي خلف بضائع بالمليارات عالقة في الموانئ، معتبرا أن ذلك يعتبر "أزمة ثقة في مصر".

وأردف التقرير أن "مصر تجد نفسها عائدة إلى ما كانت عليه في عام 2016، عندما توصلت إلى صفقة بقيمة 12 مليار دولار، مع صندوق النقد نفذت إصلاحات ضريبية، مثل خفض الدعم، لكنها تجاهلت التغييرات الهيكلية التي من شأنها أن تجعل الاقتصاد أكثر قدرة على المنافسة، ومنذ ذلك الحين، تفاقمت الأزمة.


وفي الخامس من يناير خفضت الحكومة قيمتها للمرة الثالثة في أقل من عام. يذهب ما يقرب من نصف إيرادات الدولة لخدمة ديونها ، والتي تصل إلى 90٪ من الناتج المحلي الإجمالي. رسمياً ، بلغ معدل التضخم 21٪. أسعار المواد الغذائية ترتفع بشكل أسرع. لكن الأرقام الرسمية لم تواكب التدهور الاقتصادي في مصر ، لذا فمن شبه المؤكد أن الواقع أسوأ.

 

لقد جلب هذا البؤس للشعب المصري. يعيش حوالي ثلثهم على أقل من دولارين في اليوم. ثلث آخر على وشك الانضمام إليهم. لقد فشلوا من قبل المسؤولين الذين وضعوا مصالحهم الخاصة فوق مصالح مواطنيهم.