في مقال نُشر على موقع "ميدل إيست مونيتور" الإخباري المختص بشؤون الشرق الأوسط، سلطت د.أميرة أبو الفتوح الضوء على حال مصر وشعبها المتردي بعد في الذكرى الثانية عشرة لثورة 25 يناير.
وبدأت الكاتبة مقالها قائلة: "الظروف في مصر تصبح أسوأ بكثير مما كانت عليه مع اقتراب الذكرى الثانية عشرة لثورة 25 يناير 2011 في مصر؛ حيث يعاني الشعب المصري اليوم أكثر من التضخم والفقر وسط أزمة اقتصادية حادة. وإلى جانب انخفاض قيمة الجنيه المصري، الذي انخفض إلى أدنى مستوى له على الإطلاق أمام الدولار، لا يستطيع المواطنون شراء الطعام ودفع فواتير الغاز والكهرباء".
وأضافت: "وارتفع معدل الفقر إلى أعلى مستوياته حتى وصل للطبقة الوسطى. وتعيش البلاد الآن على قروض من صندوق النقد الدولي بدلاً من القروض التي تم الحصول عليها من دول أخرى. وبحسب البنك المركزي المصري، بلغ الدين الخارجي حوالي 157.8 مليار دولار، وتجاوز إجمالي ديون الحكومة 4.7 تريليون جنيه".
واُنفقت تلك الأموال على مشروعات ليس لها فائدة اقتصادية، مثل مشروع العاصمة الإدارية الجديدة وقناة السويس الجديدة وسد قنوات الري- الذي اعترف وزير الري بأنه مشروع فاشل - لكن بعد إنفاق مليارات الجنيهات. كما كانت هناك "مدينة الأثاث" - التي اعترف "عبد الفتاح السيسي" بأنها فاشلة - إلى جانب مشاريع أخرى فاشلة مكلفة.
وعن الحياة السياسية، تقول "أبو الفتوح"، إن الأمر أسوأ سياسيًا؛ حيث لا توجد أحزاب معارضة أو إعلام معارض. وتم تكميم أفواه الجميع إلى أن أصبح لا يوجد صوت سوى صوت الديكتاتور وأحزابه وبرلمانه المختار بعناية. وتمتلئ السجون بعشرات الآلاف من المعارضين والنشطاء السياسيين".

 

توحيد الصفوف سبب النجاح  
وتقول الكاتبة: حاربت ثورة 25 يناير الظلم والفساد، لكنهما أصبحا الآن أقوى وأقبح من ذي قبل. 
شارك في الثورة شعب من جميع الخلفيات السياسية والفكرية والعقائدية واسقطوا انتماءاتهم لأي حزب أو حركة باستثناء انتمائهم لمصر. وطالبوا بإسقاط النظام ككيان واحد تحت شعار "عيش حرية عدالة اجتماعية كرامة إنسانية". 
وتردد صدى صرخاتهم في جميع أنحاء العالم العربي. لم يكن ذلك مفاجأة، فنحن أمة عربية واحدة قسمناها المستعمرون.
وأوضحت "أبو الفتوح"، أن الحلم المصري أصبح حقيقة بإسقاط الدكتاتور الفاسد "مبارك"، ولكن لم يتم إسقاط الدولة العميقة، وكان ذلك خطأ. 

 

جهات خارجية أسهمت في نمو الثورة المضادة 
وقالت أميرة: "ترك هذا الباب مفتوحًا أمام عودة النظام القمعي بالتآمر مع القوى الإمبريالية والإقليمية التي كانت تخشى أن تصل رياح التغيير إلى بلدانها وتطيح عروشها. أنا أشير إلى السعودية ومركز المؤامرات الإسرائيلية ومقر الثورات المضادة التي تدار منها كل المؤامرات ضد العالم العربي والإسلامي "الإمارات". هذان البلدان على وجه الخصوص حولتا الحلم المصري إلى كابوس، كما فعلوا مع ثورات "الربيع العربي" الأخرى".
وأنفقت الدولتان مئات المليارات من الدولارات من أجل الإطاحة برئيس منتخب ديمقراطيًا في مصر بعد أول انتخابات حرة ونزيهة في تاريخ مصر، وشهد العالم أجمع نزاهتها. 
ومن المؤكد أن الانقلاب العسكري الذي حدث في عام 2013 حصل على الضوء الأخضر من الولايات المتحدة لأن الثورة المصرية لا تروق للقادة الصهاينة. 
وبالإضافة إلى رغبتهم في أن تظل إسرائيل "الديمقراطية الوحيدة" في المنطقة، فقد خافوا أيضًا من صحوة الشعب العربي واحتمال حدوث انقلابات ضد حكامهم وعملائهم في المنطقة وحراس دولهم.

 

انقسام الثوار
وشددت الكاتبة على أنه لا يمكننا العفو عن النخب التي شاركت في ثورة 2011 ثم انضمت إلى أعداء الثورة لمجرد أن من يعارضونهم سياسيًا وصلوا إلى السلطة، مما جعلهم ينقلبون على الديمقراطية التي ثاروا من أجلها بالسماح للجيش بالسيطرة على البلاد بغطاء مدني.
بعد مضي اثني عشر عامًا، انقسم الثوار إلى طوائف وأحزاب وتوجهوا بالاتهامات إلى بعضهم البعض. وأصبح الاستقطاب سمة من سمات الشعب المصري، حتى داخل نفس الأسرة. 
استنكرنا أغنية "احنا شعب وأنتم شعب" التي خرجت بعد الانقلاب، لكنها عكست واقعًا تم التخطيط له بخبث؛ حيث قسموا الناس إلى طوائف ولكل طائفة شهدائها ومعتقلوها الذين يدافعون عنها لكنهم لا يهتمون بأولئك الذين ينتمون للطرف الآخر. بل أصبحوا يفرحون بمصائب بعضهم البعض، ويحولون إخوانهم من نفس الأرض والدين إلى "الآخر". 
 هذه الخطة وضعها النظام بعد نجاح الثورة وإسقاط مبارك، لكنها تأجلت حتى خمدت شعلة الثورة ليكون من الأسهل مهاجمتها وإجهاضها بالانقلاب - "فرق تسد" - حتى أنهم قبل ذلك زرعوا بذور الكراهية بين الناس.
وتساءلت قائلة : "وبالنظر إلى هذا الاستقطاب والإقصاء والكراهية، هل من الممكن أن يعود انسجام الشعب المصري وأن يتحد كما كان عام 2011؟  أم سنبقى في حلقة مفرغة لا نهاية لها من الاتهامات؟"
وتابعت: "جانب خسر الثورة بغبائه والآخر باع الثورة بانتهازيته. هذه الاتهامات وما شابهها ستجعلنا نحول الذكرى السنوية لثورة 25 يناير إلى وقت للبكاء والألم".
هناك حاجة إلى تنحية نفس الملايين من المصريين الذين قاموا بثورة لخلافاتهم جانبًا والخروج إلى الشوارع مرة أخرى لإنقاذ بلادهم؛ حيث ساهم الجميع بطريقة أو بأخرى في الوضع في مصر اليوم. 
وفي ختام مقالها، أشارت "عدم وجود زعيم للثورة كان إحدى نقاط ضعفها؛ حيث أراد الجميع أن يكون أبا لها، فضاعت الثورة بين الآباء الشرعيين وغير الشرعيين الذين ظهروا فجأة بعد نجاحها. 
https://www.middleeastmonitor.com/20230124-we-did-not-preserve-protect-or-take-proper-care-of-the-revolution-thats-the-reality/