أصدر قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي قرارًا بـ3 ترقيات عسكرية جديدة لقادة كبار في الجيش إلى رتبة فريق.

وقرر قائد الانقلاب – الخميس الماضي، ترقية كل من اللواء أركان حرب أحمد فتحي خليفة رئيس هيئة العمليات بالقوات المسلحة، واللواء أحمد الشاذلي رئيس هيئة الشئون المالية للقوات المسلحة، واللواء أشرف سالم زاهر مدير الأكاديمية العسكرية، إلى رتبة الفريق.

وجاءت الترقيات بعد ساعات من زيارة قائد الانقلاب، فجر الخميس، للأكاديمية العسكرية، بصحبة وزير الدفاع الفريق أول محمد زكي، ورئيس أركان القوات المسلحة الفريق أسامة عسكر.

ويعتبر قرار ترقية 3 من كبار ضباط الجيش مرة واحدة إلى رتبة الفريق، هو الحدث الأول في تاريخ الترقيات لهذه الرتبة في عهد السيسي، (منذ منتصف 2014، وحتى اليوم) على الأقل.

والمثير في تلك التعيينات، وفق مراقبين، أن منصب رئيس هيئة الشؤون المالية للقوات المسلحة، منصب إداري لا ينال دورة "أركان حرب" التي تعد أحد شروط الترقية للمناصب العليا. وهو المنصب ذو الأهمية في عهد السيسي، خاصة مع توسع إمبراطورية الجيش الاقتصادية، ودور رئيس هيئة الشؤون المالية بجميع القطاعات الاقتصادية والتجارية، وبالتالي دور رئيسها الكبير بالإدارة المالية لتلك المشروعات.

 

التحريك السريع للقيادات

ويؤكد الباحث في الشؤون العسكرية محمود جمال، أن قائد الانقلاب يحرص على عدم تثبيت القيادات العسكرية في أماكنها لمدة طويلة"، موضحًا أن "إستراتيجيته التي يتبعها هي التحريك السريع للقيادات، بخلاف استراتيجية حسني مبارك (الرئيس الأسبق 1981- 2011)". وألمح أن ذلك "حتى لا تتكون مراكز قد تشكل تهديدًا له في فترة من الفترات عند الاختلاف حول قضايا معينة، أخذا للدرس مما تم مع مبارك في يناير 2011"، وفقًا لـ"عربي 21".

ويرى جمال أنها "ترقية بغرض التصعيد مع اقتراب إتمام عسكر، المدة القانونية في منصب رئيس الأركان، ومكوث زكي بمنصبه لأكثر من 4 سنوات".

 

الخوف من تشكّل مراكز قوى ونفوذ

واعتاد السيسي منذ استيلائه على السلطة سنة 2013 على التغيير المستمر لقيادات الجيش، ووفقًا لما يراه مدير المعهد الدولي للعلوم السياسية والاستراتيجية، الدكتور ممدوح المنير، فإن السيسي "يريد أن يضمن عدم تشكّل مراكز قوى ونفوذ بالمؤسسة العسكرية".

ويواصل المنير بأن "الرجل جاء بانقلاب عسكري، ويعرف أنه استن سنة سيئة يمكن أن تتكرر معه؛ لذلك هو مسكون دائمًا بهاجس الخوف والحذر".

ولفت إلى نقطة أخرى، وهي أن "مصر تعيش الآن على صفيح ساخن اقتصاديًا، والأزمة تتعقد، وبالتالي هو في حاجة لمزيد من ولاء الجيش له خشية وقوع أي اضطرابات أو تظاهرات ضده".

ويؤكد هذا المعنى مصدر صحفي متخصص في الشؤون العسكرية، حيث يرى أن "ترقيات السيسي المتتابعة لضباط بالجيش لرتبة فريق، تأتي بهدف شغل كبار الضباط بحلم الوصول لهذه الرتبة، وأن تظل أحلامهم منحسرة بالوصول لها دون تخطيها"، وفقًا لـ"عربي21".

وأضاف رافضًا ذكر اسمه ولا صفته الصحفية، أن "السيسي يهدف بهذا زيادة أعداد رتبة الفريق حتى لا يظل خيار الوصول لرتبة الفريق أول أو المشير ومنصب وزير الدفاع على عدد قليل، وبالتالي حماية السيسي نفسه من طمع قائد ما في ما بيده شخصيًا".

 

تمهيد للتخلي عن أصول حيوية للأمن القومي

ومن أسباب هذه الترقية، أنها قد تكون تمهيدًا لمرحلة صعبة يتحرك فيها السيسي، وفقًا للدكتور ممدوح المنير، حيث "يسعى لإعادة ترتيب الأوضاع في الجيش بالشكل الذي يضمن استمرار السيطرة الكاملة عليه؛ خصوصًا مع نية الدولة في التخلي عن أصول حيوية للأمن القومي المصري لحل جزء من أزمة الديون المتفاقمة".

ومن ثم، كما يرى مدير المعهد الدولي للعلوم السياسية والاستراتيجية، "فلا يمكن التكهن على وجه الدقة بأسباب بعينها لحركة الترقيات الحالية"، مبينًا أن "الدول العسكرية تظل المعلومات بها حكرًا على فئة بعينها، لكننا فقط نستطيع فهم سياقات سلوك هذه الدول واستقراء أفعالها".

 

تأتي في سياقها المعتاد

ومن وجهة نظر الباحث في الشؤون الأمنية، أحمد مولانا، فإن ترقية السيسي، 3 ضباط مرة واحدة لرتبة فريق، أنها "تأتي في سياقها المعتاد، وليست شيئا ذا دلالة جديدة".

أضاف أن "هذا لا يعني أنه يريد التخلص من الفريق أسامة عسكر، لأنه هو من عينه بهذا المنصب الرفيع، وإن لم يكن يثق فيه ما ولاه، لكنه يُعد شخصيات بديلة سواء تتولى منصب رئيس الأركان أو منصب وزير الدفاع، كأمر طبيعي".

ولفت إلى أنه "حريص في كل فترة على تغيير منصب رئيس الأركان، وعسكر هو الثالث في عهده، والأول كان محمود حجازي، ثم محمد فريد حجازي، والتغيير طبيعي الآن، كذلك حتى وزير الدفاع يتم تغييره بشكل دوري".

لافتا إلى أنه "حتى الفريق صدقي صبحي، عندما كان معه رئيسًا للأركان قبل وخلال وبعد انقلاب 2013، ثم عينه وزيرًا للدفاع خلفًا له لفترة ثم أقاله".

 

طغيان عنصر الولاء على الكفاءة

ويرى الخبراء أن اختيارات السيسي، كلها مبنية على معيار الولاء، وليس معيار الكفاءة.

ويرى ممدوح المنير أن السيسي له ضابط واحد لا يرى غيره، وهو مقدار الولاء له، وليس مقدار كفاءة الضابط أو خبرته.

وأضاف: "فضلًا عن المزاج الشخصي"، مؤكدًا أنه "اختيار لا يرتبط بأي شكل بعنصر الكفاءة، بل العكس هو الصحيح، بمعنى أنه كلما كان القائد فاسدًا زادت حظوظه في الترقيات".

ورأى أن "فساد القائد يمثل للسيسي، ورقة ضغط عليه لتنفيذ ما يريده، فضلًا عن أن فساد القائد يجعله مكروها من القيادات الأدنى، وبالتالي يصعب عليه صناعة نفوذ بالجيش، وهو ما يريده السيسي، وهكذا تتم إدارة لعبة الحكم بمصر".

وأكد المنير، أنه "معروف تاريخيًا أن تعيينات القوات المسلحة من رتبة عميد فأعلى تُعرض على الجيش الأمريكي لاعتمادها أولا، فالجيش المصري مرتهن للأمريكي منذ اتفاقية السلام مع إسرائيل، والمعونة السنوية المقدرة بالمليارات التي يتلقاها سنويًا مقابل ذلك".

وختم بالقول: "بالتالي الترقيات الجديدة لا بد وأن تكون قد تمت الموافقة عليها أولًا خارجيًا من واشنطن وربما تل أبيب قبل اعتمادها".