تحل الذكرى الثانية عشرة لثورة الياسمين في 14 يناير الجاري وسط اضطرابات سياسية واقتصادية كبيرة تشهدها تونس، بعد سلسلة من الإجراءات اتخذها الرئيس قيس سعيد، رسخت لمزيد من الديكتاتورية من خلال تجميع كل السلطات في يد الرئيس.

ومع اللحظات الأولى طلوع فجر اليوم خرج آلاف من ممثلي أحزاب المعارضة ومنظمات المجتمع المدني في تونس إلى شوارع العاصمة، اليوم السبت، لإحياء ذكرى الثورة في مسيرات شابتها احتجاجات قوية تطالب برحيل الرئيس قيس سعيد.

 

معركة وطنية من أجل إنقاذ تونس

 

ومن جهته دعا الاتحاد العام التونسي للشغل أكبر نقابة عمالية في البلاد إلى الاستعداد لما سماه “معركة وطنية من أجل إنقاذ تونس”، معلنًا تنفيذ تحركات نقابية قطاعية في الأيام القادمة من أجل مطالب اجتماعية.

وأكد نور الدين الطبوبي الأمين العام لاتحاد الشغل، خلال ندوة اليوم، على حق الجميع في التظاهر وأن ما سماه “المد الشعبوي” غير قادر على التقدم في تونس، وأنه لا بد من خيار ثالث و”لا للعبث بالبلاد”.

 

الثورة مستمرة

 

وتجمع أنصار جبهة الخلاص الوطني في جهة "باساج"، منددين بمنع مناصريهم في الجهات من الوصول إلى العاصمة، وكذلك بإغلاق الشوارع المؤدية إلى شارع بورقيبة وسط العاصمة، وكسر أنصار جبهة الخلاص الطوق الأمني، محاولين الوصول إلى شارع بورقيبة.

كما نظمت النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية الاجتماعية وقفة احتفالية احتجاجية أمام مقر النقابة بالعاصمة التونسية شاركت فيها وجوه إعلامية وحقوقية.

وكان شعار الوقفة الأساسي "الثورة مستمرة"، كذلك رُفعت فيها شعارات تمجد شهداء الثورة التونسية، منها شعار "أوفياء لدماء الشهداء والشعارات التقليدية التي عُرفت بها الثورة التونسية منذ انطلاقتها يوم 17 ديسمبر 2010 إلى حدود سقوط النظام وانتصار الثورة يوم 14 يناير 2011 من قبيل: "شغل /خبز.. حرية.. كرامة"، ودعا المحتفلون/ المحتجون إلى إسقاط المرسوم الـ54، الذي سنّه الرئيس التونسي قيس سعيّد في 13 سبتمبر 2022، وهو مرسوم يُجرم النشر الإلكتروني ويُضيق على حرية الرأي والتعبير حيث يسلط عقوبات سالبة للحرية تصل إلى عشر سنوات سجن.

 

الشعب يريد رحيل سعيد

 

وردد المتظاهرون في الشارع “ارحل” في إشارة إلى الرئيس سعيد الذي يتهمه خصومه باحتكار السلطات والتأسيس لحكم فردي بعد إعلانه تدابير استثنائية في 25 يوليو 2021 وحله البرلمان المنتخب في 2019 وإلغائه دستور 2014.

وقال رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بسام الطريفي إن قوات الأمن منعت محتجين من سوسة وصفاقس من الوصول إلى العاصمة والمشاركة في المظاهرات التي تنظمها قوى سياسية ومدنية.

وأكد الطريفي أنه تم منع قطار على متنه محتجون بحجة عطب فني من قبل قوات الأمن في صفاقس، كما منعت حافلة تقل محتجين قادمة من سوسة في اتجاه العاصمة حسب تصريحاته صباح اليوم السبت.

 

الأمن التونسي يتصدى للمحتجين

 

ومنعت قوات الأمن  المحتجين من استعمال القطار الرابط بين وسط العاصمة والضاحية الشمالية من الوصول الى قرطاج قرب القصر الرئاسي حيث كانت تنوي مسيرة هناك، كما منعت قوات الأمن أنصار الحزب الدستوري الحر من التوجه بمسيرة إلى القصر الرئاسي.

 

أزمة تونس

 

ومنذ مطلع عام 2022، بدأ سعيد بوضع مؤسسات نظامه الجديد عبر تصفية الهيئات القديمة التي نصبت بمقتضى دستور 2014 واستحداث أخرى جديدة.

ومرت مراحل وضع مؤسسات النظام الجديد مرت عبر استفتاء لم يشارك فيه الكثير، ثم حل المجلس الأعلى للقضاء وهيئة الانتخابات والبرلمان، فإحداث لجنة استشارية لصياغة الدستور.

كذلك شهد العام 2022، إقصاء الأحزاب القوية والشخصيات المؤثرة عن المشهد السياسي عبر وضع قانون انتخابي جديد ودستور جديد، قاطعه التونسيين وانتهى بتنظيم انتخابات تشريعية في 17 ديسبمبر لم يحضرها أحد حيث أدلى فيه نحو 8% من عدد الناخبين في تونس.

ورفضت أحزاب معارضة وهيئات قضائية وقوى سياسة والاتحاد العام للشغل تلك الإجراءات واعتبرتها تكريسا "للاستبداد وحكم الفرد المطلق".

تواجه تونس أزمة اقتصادية حادّة تنعكس في نقص المنتجات الأساسية مثل الحليب والأرز وتراجع حاد في القوة الشرائية للأسر بسبب التضخم الأعلى من 10% منذ كانون ديسمبر، كما تشكو المحال التجارية الكبرى وصغار التجار من نقص الحليب والقهوة والسكر وزيت الطبخ، وحددت المتاجر الكبرى بعض المواد الأساسية ومنها العجين بعلبتين فقط.

كما ارتفعت نسبة البطالة إلى حوالى 18% بسبب تداعيات الجائحة ما غذى الاحتجاجات الاجتماعية في البلاد خلال الأشهر الماضية مع تواصل ارتفاع نسبة التضخم إلى نحو 10 % وتدهور القدرة الشرائية، بالإضافة لارتفاع نسبة المديونية في تونس التي تجاوزت 80%، وأصبحت تونس تقترض لسداد الديون ودفع أجور الموظفين.

ويعلل خبراء الوصول إلى هذا المستوى من التراجع إلى عدم الاستقرار الحكومي.