بدافع سد الديون، طلب الخبير الاقتصادي "هاني توفيق" حكومة السيسي بإصدار سندات لقناة السويس، وطرحها في البورصات العالمية بفائدة 8% لمدة 50 سنة، لتوفير 60 مليار دولار، بهدف إنقاذ البلاد من أزمتها الاقتصادية.


"هاني توفيق"، المقرب من السيسي، طرح مطلبه المجافي للوطنية التي تربى عليها المصريون خلال لقائه ببرنامج "حديث القاهرة" عبر قناة "القاهرة والناس" مع الذراع "إبراهيم عيسى".


واعتبر "توفيق" الذي يناور برؤية السيسي مرة مع عمرو أديب وأخرى مع زوجته لميس وثالثة مع "أبو حمالات" أنه لا يوجد أمامي حل إلا قناة السويس؛ لن أفرط في ملكيتها أو امتلاكنا لقناة السويس، وإنما يمكن إصدار سندات وطرحها في البورصات العالمية بفائدة 8% على مدة 50 سنة بضمان إيرادات القناة".


وأشار إلى أن "الخطوة يمكنها توفير حوالي 60 مليار دولار، وذلك لسداد المديونيات المستحقة علي مصر، وهذا الطرح ليس الذي طرحه الخديوي إسماعيل من رهن القناة".


ورأى أن "إصلاح السياسة النقدية وحدها غير مفيد دون إصلاح هيكلي وسياسة مالية"، وأنه "من بين روشتة إنقاذ الاقتصاد، الإصلاحات المالية تكمن في زيادة الإنتاج والتصدير وزيادة الاستثمار الأجنبي المباشر، وهذا لن يتأتى إلا من خلال الشمول المالي والفاتورة الإلكترونية وإزالة البيروقراطية والفساد".


وتزامنت تصريحات هاني توفيق الذي يعتبر أن ما وصلنا إليه فشل في المهمة الاقتصادية -وإن كان يرجعها للأداء الحكومي رغم علمه بمسؤولية السيسي الشخصية عن الوضع-  مع تقارير أشارت لاعتزام السيسي إنشاء صندوق لهيئة قناة السويس كباب خلفي لبيعها، لكن السيسي نفى الأنباء، وقال "لما هبيع هاقول للكل"!


واستندت التقارير إلى موافقة فعلية للبيع في درج السيسي، منحها له برلمان العسكر في 19 ديسمبر الماضي، بالموافقة على مشروع قانون بشأن هيئة قناة السويس يسمح لها بتأسيس صندوق تنموي يتيح لها شراء أو بيع أو تأجير أو الانتفاع بالأصول الثابتة والمنقولة؛ وهو ما أثار رفضا واسعا لاسيما على منصات التواصل وأحاديث عن "مخطط لبيع القناة".


فنكوش التوريق


واعتبر الخبير الاقتصادي محمود وهبه المقيم بنيويورك، أن توريق قناة السويس فنكوش موضحا أن الإقتراض بضمان إيرادات قناة السويس سيسمي " توريق " فلا تنخدع بالمصطلح بحسب ما قال.


وبسط وهبه الهدف من التوريق قائلا: "توريق قناة السويس وإستخدام إيرادها كضمان للإقتراض وعودة المال الساخن روشتة مسكنات كارثية لحل الأزمة."


وأبان أن دخل قناة السويس -كما يحسبه مستثمر رشيد بإستخدام متوسط دخلها- حوالي 5مليار دولار، ويقرض 5 أضعاف هذا الإيراد أو 25 مليار دولار"، مضيفا أن "هذا لا يغطي حتي عجز الودائع بالنظام المصرفي. وحتي لو  كان مستثمر مغفل وقبل الدخل 7 مليار دولار، إلا أن مكون القرض سيكون 35 مليار دولار لا يكفي لواردات عام.".


وحذر من أنه "إذا لم يسدد القرض ضاعت قناة السويس مثل أيام الخديوي إسماعيل تاني لأن إيراد القناة ضامن للقرض .".


وكأنه يرد على مطالبات هاني توفيق "أتكلم إقتصاديا فقط ولكن المساس بالمشاعر الوطنية لقناة السويس لا يعوضه مال قارون".


ماذا يحدث عند التعثر؟


وقالت الباحثة داليا حامد على فيسبوك: إن تم تطبيق اقتراح توريق دخل قناة السويس، وحدث مستقبلا تعثر فى السداد، سيتم الحجز على ايرادات القناة لتلبية احتياجات سداد المتأخرات.. وهذا يعرض أهم دخل سيادى للدولة للمخاطرة، ويتساوى فى ذلك مع رهن أو بيع أسهم شركة قناة السويس التى تمت فى 1875 لصالح انجلترا والتى انتهت بفقدان مصر لاستقلالها.


واقترحت أن "يتم التركيز على حلول يتم بمقتضاها تسييل قيمة أصول الحكومة العقارية، خاصة الحديثة منها، والتى تم إنشاءها ببذخ غير مبرر من الناحية الاقتصادية؛ والابتعاد تماما عن أى أصول استراتيجية نحن لا نتحمل تبعات فقدان سيادتنا عليها؟؟".


تصريحات كاشفة


أما الباحث كامل السيد فاعتبر أن تصريحات هانى توفيق تكشف غموض نصوص تعديل مشروع قناة السويس بعرض توريق قناة السويس.


واستند في رأيه عبر Kamel Elsayed إلى أن "مشروع تعديل قانون هيئة قناة السويس فسره البعض ومنهم خبراء قانونيين مثل المستشار عدلى حسين أن غموض النص يسمح لاشراك الأجانب فى قناة السويس ، والفريق مهاب مميش رئيس هيئة قناة السويس السابق ومستشار الرئيس حاليا بأن المصريين لن يسمحوا للأجانب بالمشاركة فى قناة السويس وأن التعديل حال اقراره سيفشل بسبب الاعتراضات الشعبية".


وأشار إلى أن الإقرار النهائى للمشروع يعني "تمرير القانون الغامض اعتمادا على الثقة فى (...) السيسي، ليكشف الخبير هانى توفيق عن أفكاره بطرح سندات قناة السويس فى بورصات عالمية بفائدة ٨ % بضمان ايراداتها لسداد مديونية مصر سواء طرحها من تلقاء نفسه أو بالايعاز له ليؤكد أن مخاوف المصريين فى محلها ، وأن رئيس البرلمان سيطرح المشروع للتصويت النهائى عليه فى الوقت المناسب والأغلبية سيوفرها نواب حزب مستقبل وطن وأنصاره"!!


بيع يا خديوي سيسي


وقال أحمد لطفي ‏المستشار السابق لدى ‏الشركة البريطانية للطائرات العسكرية، أن مضمون تصريحات هاني توفيق تعني "ما أقدم عليه الخديوي إسماعيل قبل أكثر من مِئة عامٍ".


وأوضح أن ما؛ "فعله الخديوي إسماعيل سنة 1875 حين باع 44% من أسهُم القناة (وهي تمثل حصة مصر في القناة) لبريطانيا وفاءً لديون كانت مصر قد اقترضتها من حكومة بريطانيا بسبب إسرافه السفيه".


وأضاف شارحا ما حدث وقتئذ "مع تردي الوضع الاقتصادي نتيجة لتفاقم الدين، نشط سماسرة المال في أوروبا انتظارًا لوقوع الفريسة.. كان ضمنهم سمسارٌ اسمه إدوارد درفيو له أخٌ مُقيم بالإسكندرية اسمه أندريه درفيو فكان أن كلّفه بجس نبض الخديوي إسماعيل بشأن بيع أسهم القناة، فتعلق اسماعيل بالعرض تعلق الغريق بالقشة، وفى اليوم الأسود المشؤوم، يوم 25 نوفمبر 1875، تمت الصفقة وباع إسماعيل 170 ألف سهم إلى بريطانيا مقابل 3,976,582 جنيه سترليني ووقع عقد البيع عن مصر إسماعيل صديق باشا المعروف بإسماعيل المفتش وعن بريطانيا الچنرال ستانتون قنصل بريطانيا فى مصر واشتراها على الفور رئيس الوزراء البريطاني وقتذاك، بنيامين دزرائيلي، بعد أن حصل على قرض قدره أربعة ملايين جنيه سترليني من بنك عائلة روتشيلد، من أجل شراء هذه الأسهم ودون إخبار البرلمان والذي لاقى هجومًا شديدًا فطالب البرلمان بسحب الثقة منه لأنه تصرف بعيدًا عن رقابته، إلا أن التأييد الشعبي وتأييد الملكة فيكتوريا على وجه الخصوص أنقذه من سحب الثقة".


وأوضح أن "حجة هؤلاء المُروجين لهذا المُقترح أن القناة باقية على أرض مصر؛ لن يحملها أحدٌ أو يُسيطر عليها أحد! وهو كلام يبدو في ظاهرة منطقيًا لكنه في حقيقته وجوهره ينطوي على خداعٍ ومُخادعة؛ إذ إن طرح أسهم القناة في البورصات العالمية في صورة سندات أو أسهم، فضلًا على أنها تمنح المساهمين الأجانب الحق في بيعها لأي كيان اعتباري.. دولة مثلًا، أو حتى لأفرادٍ عاديين، فهي تمنحهم الحق كذلك في الحجز على إيرادات القناة في حال التقاعس أو العجز عن سداد الدين، وكما حلّت بريطانيا محل مصر في ملكية القناة قبل أكثر من قرنٍ من الزمان، تحل اليوم دولةٌ أخرى محل بريطانيا في الاستحواذ على القناة وحق إدارتها.. فما أشبه اليوم بالبارحة!".