واصل الجنيه، اليوم الخميس، رحلة الهبوط إلى مستويات غير مسبوقة، حيث تخطى الدولار مستويات الـ 27 جنيهًا للدولار الواحد خلال عصر اليوم، وفقًا للأسعار الصادرة من البنوك المصرية الخاصة والوطنية.

وشهدت أسعار الدولار مفاجأة تحدث لأول مرة، حيث نزل الجنيه إلى المستويات نفسها دون أي اختلاف يُذكر بين البنوك الخاصة والبنوك الوطنية الأهلي وبنك مصر، حيث كان من العادي أن يكون هناك فرق سعري لصالح البنوك الخاصة أمام البنوك الوطنية، كالبنك الأهلي وبنك مصر، وهو الأمر الذي تلاشى اليوم.

ووصل أعلى سعر للدولار مقابل الجنيه في البنوك إلى 27.25 في العديد من البنوك ومنها بنك إسكندرية وبنك كريدي أجريكول، ومن المتوقع أن يرتفع السعر في بقية البنوك ليستقر عند 27.25 بنهاية تداولات الجنيه في البنوك اليوم.

 

رفع أسعار البنزين والسولار

وتوقع خبراء اقتصاديون ارتفاعًا جديدًا في أسعار البنزين والسولار والمحروقات بشكل عام خلال الاجتماع المقبل للجنة تسعير المواد البترولية المزمع عقده خلال الشهر الجاري؛ حيث تنعقد اللجنة في الأسبوع الأول من يناير وإبريل ويوليو وأكتوبر من كل عام.

وفي تصريحات لموقع "الشرق" الإخباري، قال مسؤول حكومي مشترطًا عدم نشر اسمه، إن "أسعار المواد البترولية تنتظر زيادة جديدة خلال مراجعة لجنة التسعير التلقائي القادمة، وذلك نتيجة تغيير أسعار الصرف. في حال استمرار أسعار المواد البترولية عند المستويات الحالية محليًا فمن المتوقع ارتفاع قيمة فاتورة دعم المواد البترولية لتتخطى حاجز 100 مليار جنيه في السنة المالية الحالية 2022-2023".

وكانت حكومة الانقلاب قد أعلنت في شهر أكتوبر الماضي تثبيت أسعار البنزين والسولار للربع الرابع من العام الجاري، وذلك بعد رفع أسعار البنزين 6 مرات متتالية كان آخرها في يوليو 2022. وتتمثل الأسعار حاليا في 8 جنيهات للتر لبنزين 80، و9.25 جنيه للتر لبنزين 92، و10.75 جنيه للتر لبنزين 95، و7.25 جنيه للتر للسولار، وسعر بيع طن المازوت لغير استخدامات الكهرباء والمخابز عند 5000 جنيه للطن.

وتوقع هاني جنينة، الخبير الاقتصادي والمحاضر بالجامعة الأمريكية، أن ترفع الحكومة أسعار المواد البترولية في شهر يناير الحالي بنسبة 10% أو أزيد قليلا. واتفق معه في التوقعات كل من منى بدير الخبيرة الاقتصادية، ومحمد أبو باشا نائب رئيس قسم البحوث ببنك الاستثمار هيرميس.

وقال جنينة: "اعتقد أن القرار (رفع الأسعار) تم تأجيله من أكتوبر ويمكن يتنفذ في يناير". وأرجع توقعاته إلى ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه رغم انخفاض أسعار البترول العالمية، إلى جانب ارتفاع أسعار السولار عالمًيا في اتجاه مخالف لأسعار البترول نتيجة مشكلات خاصة بتكرير السولار وتوقف بعض المصافي في أوروبا.

يُذكر أن دعم المواد البترولية في مصر قفز إلى 31 مليار جنيه خلال الربع الأول من السنة المالية 2022-2023، بسبب ارتفاع أسعار النفط العالمية، في الوقت الذي كانت تستهدف الحكومة وقوفه عند 28 مليار جنيه خلال كامل العام المالي الجاري الذي ينتهي في يونيو المقبل.

وكانت فاتورة دعم الوقود في الحساب الختامي لميزانية مصر 2021-2022 بلغت 59 مليار جنيه، بزيادة 212% عن السنة المالية 2020-2021 التي سجلت 18.9 مليار جنيه، وفقًا لـ" Investing".

 

أسعار البنزين والتضخم

أفادت بيانات من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء بارتفاع معدل التضخم السنوي لأسعار السلع في عموم مصر (المدن والقرى) ليسجل 19.2% في نوفمبر 2022، مقابل 6.2% في 2021 بارتفاع 13%.

بينما سجل التضخم في المدن 18.7% في نوفمبر 2022 مقابل 16.2% في أكتوبر، وهذا هو أعلى مستوى له منذ ديسمبر 2017 عندما سجل 21.9%.

وتوقعت هبة منير، محللة الاقتصاد في " إتش سي" أن اللجنة قد تتجه إلى "زيادة أسعار البنزين مع تثبيت أسعار السولار والمازوت، لتخفيف الأعباء على الموازنة ".

وتسارع التضخم في المدن المصرية خلال نوفمبر الماضي، مواصلًا بذلك مساره الصعودي، مدفوعًا بالتراجع السريع في العملة المحلية مقابل الدولار، وبزيادة أسعار الأغذية والسلع وانخفاض مدخلات الإنتاج.

بينما توقع آلن سانديب، رئيس البحوث في "نعيم" أن" "أسعار الوقود ستزيد نتيجة ارتفاع تكلفة استيراد المواد البترولية بسبب تراجع قيمة الجنيه أمام الدولار، لكن ستكون الزيادة بشكل تدريجي تجنبًا للتأثير على أرقام التضخم بشكل مفاجئ، الزيادة في أسعار الوقود ستكون بين 5 و10%"، وفقًا لـ"اقتصاد الشرق مع بلومبيرج".

لكن آية زهير، رئيسة قسم البحوث في "زيلا كابيتال" ترى أن الزيادة المقبلة في أسعار المواد البترولية ستكون بين "7 و8% بشكل تدريجي، للإسهام في تغطية جزء من التكاليف المرتبطة بانخفاض قيمة العملة، ترجع التوقعات إلى أن ضغوط سعر الصرف رفعت تكاليف استيراد المنتجات البترولية على الرغم من انخفاض سعر البترول الخام عالميًا، إلى جانب أن أسعار بعض المنتجات البترولية المكررة مثل السولار والديزل ترتفع عالميًا على نحو كبير".

وتؤثر أسعار الوقود بشكل مباشر في معدلات ارتفاع التضخم في مصر، بجانب انخفاض قيمة الجنيه بطبيعة الحال، وفي هذا الإطار قد تشهد مصر ارتفاعًا جديدًا في مستويات التضخم الفترة المقبلة نتيجة لهذه الأمور.

بيد أن القرارات الأخيرة المتخذة من قبل البنك المركزي برفع أسعار الفائدة وإصدار البنوك المصرية شهادات بعائد يصل لـ 25% قد يكبح جماح التضخم الفترة المقبلة نتيجة انخفاض السيولة بالأسواق والقضاء على عمليات المضاربة بالعملات الأجنبية.