أوصلت السياسات الفاشلة لقائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي المصريين في عام 2022، لحالة من الفقر الموحش، بسبب تراكم الديون، ونقص العملات الأجنبية، وفي ظل عدم وجود رؤى مستقبلية، من الحكومة، كان الطريق الأسهل هو بيع الأصول ومشروعات الدولة الناجحة، والتي استلهمت من بيع جزيرتي تيران وصنافير لدولة السعودية.

وبعدما توسع السيسي في بيع الأصول في 2022، كانت بداية العام الجديد هو استمرار لنفس النهج، بإعلان حصول دولة الإمارات على حق انتفاع بحديقة الحيوان لمدة 25 عام، بهدف تطويرها وكأن المصريين لا يتعلمون الإدارة ولا يستطيعون التطوير لنلجأ لدولة هي في الأساس من قامت على أكتاف علمائنا ومفكرينا، في ثمانيات وتسعينيات القرن الماضي.

 

الإمارات والإنتاج الحربي

وتم الإعلان بشكل رسمي من وزارتي الإنتاج الحربي والزراعة، عن الحصول على حق الانتفاع بالحديقة لمدة 25 عاماً، بصحبة شريك إماراتي،  والذي سيكون ممثًلا في شركة Worldwide Zoo Consultants، وهي تحالف مقره الرئيسي في أبو ظبي، وقد أسس ثلاث حدائق للحيوانات في أبو ظبي ودبي والعين، بجانب تطوير متنزهات للحيوانات في إثيوبيا وجنوب إفريقيا، في حين سيكون الطرفان الحكوميان الآخران هما شركة الإنتاج الحربي للمشروعات والاستشارات الهندسية، ممثلة عن وزارة الإنتاج الحربي، وهيئة الخدمات البيطرية ممثلة عن وزارة الزراعة،  وسيدير التحالف الثلاثي الحديقة لمدة 25 عامًا تبدأ من يناير 2023.

وقال ماجد السرتي، رئيس شركة الإنتاج الحربي للاستشارات الهندسية، كشف، الاثنين الماضي، أن مدة المشروع 18 شهرًا، وستكون هناك محاولة لضغط المدة إلى 12 شهرًا فقط من بداية استلام الحديقة، مشيرًا إلى أنه سيجري نقل الحيوانات أثناء عملية التطوير للأماكن المخصصة، وقد تغلق الحديقة في بعض الأوقات إذا لزم الأمر.

وتابع في تصريحات متلفزة، إن "مخطط التطوير سيتيح للزائر الاستمتاع بالحيوانات كأنها في البرية من دون أقفاص، مع تقسيم الحديقة الحالية إلى 4 قطاعات هي المصرية، والأفريقية، والآسيوية، والتجربة الليلية".

وأضاف أنه "سيُضاف حيوانات جديدة للحديقة، والعمل على ربطها مع حديقة الأورمان عبر تلفريك (قاطرة معلقة تستخدم في المناطق الوعرة التي تكثر فيها الجبال والمرتفعات)"، مستطرداً بأنه "سيتم الاستعانة بخبراء أجانب للانتهاء من مخطط تطوير الحديقة في غضون عام".

 

ماذا ستقدم الإمارات

وينص الاتفاق أن يقوم الجانب الإماراتي، ممثلًا في شركة Worldwide Zoo، باستيراد سلالات جديدة من الحيوانات بجانب تحسين الرعاية والخدمات المقدمة إلى الحيوانات الموجودة حاليًا بالحديقة، فيما ستختص شركة الإنتاج الحربي للمشروعات بإعادة التخطيط الهندسي للحديقة وتقسيمها، وستتولى هيئة الخدمات البيطرية مسؤولية تدريب الأطباء وتأهيلهم على التعامل مع الحيوانات.

 

هل احتاجت الحديقة لشريك أجنبي؟

من خلال الاطلاع على أرباح الحديقة نجد أنها تحقق أرباحا سنوية تتعدى عشرات الملايين من الجنيهات، حيث يقول مصدر بإدارة حديقة الحيوان في تصريحات صحفية إن الإيرادات السنوية الكلية للحديقة من 2018 حتى عام 2021 تراوحت بين 35 إلى 38 مليون جنيه سنويًا، وهي إيرادات تذاكر الدخول وحق إيجارات الكافيهات والمتاجر داخل الحديقة، وتأجير مطاعم كجزيرة الشاي.. وغيرها.

وأضاف المصدر إنه من بين هذه الإيرادات، كان إيراد التذاكر السنوي فقط يمثل ما بين 12 إلى 14 مليون جنيه. وفي نهاية كل عام ترسل الإيرادات كاملة إلى وزارة المالية، و«نحصل على موازنتنا الخاصة من إيرادتنا، سواء كأجور الأطباء والعمالة موازنة إطعام وعلاج الحيوانات، بما يتراوح سنويًا بين 20 إلى 22 مليون جنيه، وهو ما يعني وجود فائض سنوي في موازنة الحديقة يدخل وزارة المالية».

 

الانهيار بدأ مع اغتصاب السيسي للسلطة

وتابع المصدر أن مع تولي السيسي في عام 2013 ونحن نواجه أزمة، وهي رفض وزارة المالية تحمل تكلفة استيراد الحيوانات من الخارج، ومنذ ذلك التوقيت اعتمدنا على نظام المبادلة، سواء مع حدائق حيوانات رسمية أو خاصة في جنوب إفريقيا أو الهند، حيوانات مقابل حيوانات، لكن مع ارتفاع السعر التقديري للحيوانات، وعدم وجود موارد كافية ضمن موازنة الوزارة للاستيراد، أصبحت المبادلة في أضيق الحدود، وعليه مع توالي نفوق الحيوانات وقلة المبادلة تراجعت الحديقة بشكل كبير.

 

غضب من استحواذ الإمارات

اعتبر المصريون إعلان استحواذ الإمارت بمثابة صفقة بيع للحديقة لدولة الإمارات، كما حدث لمعالم كثيرة في العاصمة القاهرة، وغيرها من المدن المصرية.

فكتب الحقوقي حسام سامي: "في احتلال بيّن لتاريخ وتراث مصرنا الحبيبة، وفي غفلة من شعب مغيب مقيد بلقمة العيش، ومفتقد لكرامته، الإمارات تستمر في شراء مصر من أعوانها غير الوطنيين المحسوبين على هذا الوطن الجريح، وتشتري حديقة الحيوان التاريخية ،الإمارات تشتري مصر".

وسخرت سناء وناس من تبريرات رئيس إحدى الشركات الممثلة لوزارة الإنتاج الحربي في الاتفاق: "الإنتاج الحربي: إحنا عملنا اتفاق هايل جدا  لصالح وزارة الزراعة، إزاي يا أفندم؟ هناخد الحديقة حق انتفاع ٢٥ سنة!، طيب إيه بنود الاتفاق المالية؟!! لا والله مش فاكره دلوقت".

بينما غرد أحمد عز العرب، عن غضبه قائلاً: "اللي جرى على حدائق الإسكندرية ومدينة نصر والمنصورة، هو نفسه جرى على حديقة الأندلس في طنطا، وتحولت كما ترى والصورة تغني عن الكلام  والآن جاء الدور على حديقتي الحيوان والأورمان لتطويرهما على طريقة سيادة اللوا مخترع كفتة الفيروس".

ونوه أحمد شاكر إلى مصير حيوانات الحديقة الذي لم يفصح عنه حتى الآن، قائلاً: "الإمارات لها حق انتفاع حديقة الحيوان لمدة ٢٥ سنة، يعني كده الحيوانات ممكن تروح دبي وإحنا لا!".

 

حديقة حيوان الجيزة

وحديقة الحيوان بالجيزة هي ثالث أقدم حديقة حيوان في العالم بعد حديقتي برلين ولندن، وكانت تنافسهما في ندرة الحيوانات وأعدادها. وافتتحت في عام 1891 على مساحة تقدر بنحو 80 فداناً، وتمثل أكبر حديقة للحيوانات في مصر والشرق الأوسط، وأول حدائق الحيوانات في قارة أفريقيا.