رجع مغتصب السلطة في مصر إلى القاهرة بعد زيارة غير مثمرة لأمريكا عاد منها بخفي حنين حيث إن عبد الفتاح السيسي، الزائر للولايات المتحدة،فلم يكن مرتب له  أيّ لقاء يجمعه مع نظيره جو بايدن، على هامش القمة الأميركية - الإفريقية التي اختُتمت مساء الخميس.

ولغسل ماء الوجه قامت وزارة الخارجية المصرية بعمل محاولات لترتيب لقاء يجمع المنقلب وبايدن، إلّا أن ضيق الوقت ووجود عدد كبير من القادة الأفارقة شكّلا معاً مبرّراً لاعتذار البيت الأبيض عن عدم عقد القمّة المذكورة.

ورغم عدم انعقاد قمة مصرية أمريكية احتفى الإعلام المصري بمصافحة عابرة بين السيسي وبايدن لم تستغرق سوى ثوانٍ قليلة، علماً أنه أجرى مناقشات موسّعة مع مسؤولين آخرين، من بينهم وزيرا الخارجية والدفاع: أنتوني بلينكن ولويد أوستن.

 

لماذا يقف مؤيدين للسيسي بزيارته لأمريكا؟

في صورة لا نجدها سوى مع مغتصب السلطة في مصر عبدالفتاح السيسي، ورغم وجود أكثر من رئيس إفريقي بأفريقا تزامنا مع المنقلب، لم يلاحظ  أحد وجود مؤيدين لهم، وكأن السيسي مازال يشعر بأنه بلا شرعية، حيث قامت الخارجية المصرية بمحاولتها المعتادة لتحسين صورة السيسي في كل زيارة خارجية يقوم بها، فاستعانت الأجهزة المصرية بعدد من أبناء الجالية المقيمين في واشنطن  لاستقبال السيسي أمام الفندق، وجرى استئجار سيارة تَحمل صورته وتُرافق تحرّكاته.

 

أزمة سد النهضة

لم يحدث أي تطور في ما يخصّ أزمة «سد النهضة»، بخصوص الوساطة الأميركية التي طلبها، سوى عبارات إنشائية تدعم الحلّ التفاوضي، فيما عقد وزير الخارجية سامح شكري، ومدير المخابرات اللواء عباس كامل، لقاءات مع مسؤولين أميركيين تطرّقت إلى أهميّة الموضوع وخطورة استمراره من دون حلّ.

ورغم الوساطة الأميركية الممتدة والمستمرّة منذ إدارة دونالد ترامب، إلّا أن السيسي لم يحصل على وعد بإجراءات تُجبر أديس أبابا على العودة إلى طاولة المفاوضات، على أن يبقى الأمر معلّقاً حتى بدء موسم التخزين في بحيرة السدّ الصيف المقبل، كما بات الموقف السوداني بعيداً بدرجة ما عن الموقف المصري، في ظلّ المتغيّرات الأخيرة في الخرطوم، وتحفّظ القوى المدنية إزاء موقف النظام المصري الداعم للمكوّن العسكري.

وتتمسك القاهرة والخرطوم بالتوصل أولا إلى اتفاق ثلاثي حول ملء وتشغيل السد لضمان استمرار تدفق حصتهما السنوية من مياه نهر النيل، غير أن أديس أبابا ترفض ذلك وتؤكد أن سدها الذي تقوم بملئه بشكل منفرد أكثر من مرة، لا يستهدف الإضرار بأحد.

 

قرض صندوق النقد

كان الهدف الرئيس من زيارة السيسي هو توسيط بايدن بشأن صندوق النقد وهو ما لم يتم فرغم بعض اللقاءات غير المعلَنة التي عقدها السيسي مع مسؤولين اقتصاديين في «صندوق النقد الدولي»، والتي تطرّقت خصوصاً إلى القرض الجديد البالغة قيمته ثلاثة مليارات دولار، وفيها أكد السيسي على عزمه تقديم العديد من التنازلات وتنفيذ جميع ما يطلبه الصندوق من إجراءات، لكن بشكل تدريجي وبما تسمح به طبيعة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد.

واستمات السيسي، خلال لقاءاته التي شملت مسؤولين اقتصاديين أميركيين، في طلب دعْم واشنطن لتمرير القرض من دون عوائق، ملمحا كعادته بمحاربته للإرهاب ودعمه لاستقرار المنطقة، موضحا أن استمرار استقرا نظامه الاقتصادي مربوط بتحقيق الأمن والاستقرار في مصر وضمان عدم وصول المتطرّفين إلى السلطة وتهديد أمن" إسرائيل"، إلى جانب تأكيده تقديم تسهيلات كبيرة في فتح أسواق البلاد أمام المستثمرين والشركات الأميركية من دون قيود وبتسهيلات تضمن تحقيق عائد مادي مجزٍ.

وأكد السيسي للمسؤولين الأمريكيين أن حكومته تنفذ كل ما طُلب منها لتحقيق «الاستقرار»، ولتجنُّب خلْق «فوضى» وأن انقطاع مساعداتهم ستكون لها انعكاسات سلبية على المنطقة، في ظلّ التلويح بعدم قدرة القاهرة على التعامل مع تحدّيات الأوضاع الاقتصادية والمعيشية ومكافحة الإرهاب في الوقت نفسه، ولم يُقدّم السيسي لـ«الصندوق» أو للمسؤولين الأميركيين الذين التقاهم أيّ وعود بحلول جذرية، فيما لم يهتم هؤلاء المسؤولين بحديثه الذي أصبح محفوظا عندهم، مطالبينه بمزيد من التقشف وتحرير سعر الدولار وإلغاء الدعم نهائيا لاستمرار مساعدتهم له.

وتقدم واشنطن لمصر نحو 1.5 مليار دولار مساعدات سنوية، بينها 1.3 مليار مساعدات عسكرية، منذ توقيع مصر معاهدة السلام مع "إسرائيل" عام 1979.