في خطوة جديدة من شأنها المساس بحق الفقير في العلاج أقدمت حكومة الانقلاب على تبني استراتيجية جديدة في التعامل مع ملف الصحة بإعلانها بيع بعض المستشفيات العامة، لتبدأ سلسلة جديدة من القرارات التي من شأنها أن تؤدي لرفع أسعار الخدمات الطبية على المريض وتقيد خياراته المتاحة في الحصول على أفضل الخدمات بأقل الأسعار، فضلا عن خلق كيان مسيطر داخل الدولة المصرية.
  فبعد بيع العديد من شركات الأدوية لصالح شركة أبراج كابيتال الإماراتية، بالإضافة لاستحواذها على مجموعة "ألاميدا" للرعاية الصحية، في 27 ديسمبر 2021، المالكة لمستشفيات دار الفؤاد والسلام الدولي ومعامل يونى لاب، والكسير للمناظير وطبيبي، يبدو أن القطاع الصحي على وشك خسارة جديدة لأهم أصوله في قطاعات استراتيجية مختلفة، تتعلق بالأمن القومي، بعد قرار حكومة السيسي طرح 5 من أهم المستشفيات الكبرى التابعة لوزارة الصحة، للاستثمار أمام القطاع الخاص.


طرح 5 مستشفيات حكومية للبيع
في تحدي جديد ضد إرادة المصريين لبيع الأصول، قررت حكومة الانقلاب، طرح 5 من مستشفياتها الكبرى التابعة لوزارة الصحة للاستثمار أمام القطاع الخاص.
وقالت وكالة "بلومبرج" الأمريكية نقلا عن المتحدث باسم وزارة الصحة بحكومة الانقلاب حسام عبدالغفار، قوله إن المستشفيات المطروحة تشمل: "المستشفى القبطي، وهليوبوليس، وشيراتون"، وذلك إلى جانب "مستشفى العجوزة، ومستشفى الجلالة".
وأوضح "عبدالغفار" أن طرح تلك المستشفيات سيكون بحصص "حاكمة تتضمن حق الانتفاع، أو الإدارة، أو التطوير".

 

علاج الفقراء على المحك
يقول خبراء في القطاع الصحي إن بيع الأصول الخاصة بالمستشفيات ومعامل التحاليل وشركات الأدوية، بجانب سيطرة دول الخليج كالسعودية والإمارات على العديد من المستشفيات والمعامل والشركات الخاصة من شأنه أن يضعف  دعم القطاع الصحي، حيث سيترتب على ذلك تحرير سعر الدواء وإلغاء التسعيرة الجبرية التي ما زالت تطبق، وهو ما سيمثل كارثة على المرضى.
وتوقع الخبراء أن تحدث قفزات هائلة في أسعار الأدوية المرتفعة بالأساس، ما يؤثر على صحة وحياة ملايين المصريين، وينذر بفرض أسعار لا يتحملها شعب يقبع نحو 60 بالمئة منه تحت خط الفقر.

ويسلك نظام السيسي طريقه لإضعاف الشركات المصرية المنتجة للأدوية والمستشفيات العامة التي تشتكي الآن من نقص الكوادر الطبية بالإضافة لنقص الأدوية التي توزع بالمجان واضطرار المرضى لشرائها من الصيدليات الخاصة بأسعار لا يقدر عليها المواطن الفقير.

وتتعرض المستشفيات العامة وشركات الأدوية الحكومية لهجوم من رأس المال الخليجي الشره للسيطرة على القطاع الصحي حيث يؤكد خبراء وأطباء يعملون في القطاع الصحي بمصر من قرب تهاوي المستشفيات العامة وقلاع صناعة الأدوية واحدة تلو الأخرى في يد المال الخليجي بعد معاناة السوق من قفزات كبيرة في تكلفة الصناعة، سواء من ناحية المواد خام أو المحروقات، والرسوم المتعددة على الجمارك التي فرضت في الفترة الأخيرة، بالإضافة لشح الدولار ووصوله في السوق السوداء لأكثر من 23 جنيها مصريا.

وأضاف هؤلاء الخبراء أن سياسة السيسي  تجاه بيع أصول القطاع الصحي رغم جنيه مليارات الدولارات من المستثمرين الأجانب، إلا أن القوة المالية ستجعلهم يضغطون كثيرا لتحرير سعر الدواء وإلغاء التسعيرة الجبرية التي ما زالت تطبق، وهو ما سيمثل كارثة على المرضى، حيث ستحدث قفزات هائلة في أسعار الأدوية المرتفعة بالأساس.

وفي هذا الاتجاه يفسر الخبير الاقتصادي أحمد ذكر الله، سماح السيسي للإمارات والسعودية بالاستثمار في مصر بشكل عام، بأنها جزء من الفواتير التي يدفعها نظام عبد الفتاح السيسي عن طيب خاطر، نتيجة مساندتهما له سياسيا وماليا، ما يمهد لزيادة نفوذهما الاقتصادي والسياسي.


الإمارات صاحبة نصيب الأسد
تعتبر الشركات الإماراتية صاحبة نصيب الأسد في الاستحواذ على شركات القطاع الصحي؛ حيث تمتلك نحو 15 مستشفى، بالإضافة إلى 100 معمل تحاليل ومركز أشعة، فيما تتحكم في إنتاج الأدوية في سوق تقدر قيمتها بحوالي 45 مليار دولار.
والخميس الماضي، أعلنت مجموعة "ألاميدا" للرعاية الصحية الشريك مع مجموعة "الإمارات للرعاية الصحية" الخميس،أنها ضخ 5 مليارات جنيه بالقطاع الطبي المصري خلال الـ 5 سنوات الماضية.
كما استحوذت مجموعة مستشفيات "كليوباترا" المملوكة لشركة أبراج كابيتال الإماراتية على مجموعة "ألاميدا " للرعاية الصحية، في 27 ديسمبر 2021.
 

حجم سوق الدواء في مصر
ووفق المركز المصري للدراسات الاقتصادية فإن حجم سوق الدواء في مصر يبلغ بنحو 400 مليار جنيه، بينما وصل حجم الاستثمارات الأجنبية عام 2018-2019 إلى نحو 80 مليار جنيه.
وكشف المركز أن هناك 350 منشأة لمستحضرات الدواء تستوعب نحو 85 ألف عامل، لا تمتلك الحكومة منها سوى 3%، والباقي (97%)
واستحوذت شركات القطاع الخاص الأجنبي على 69% من سوق الدواء في مصر، بينما بلغت حصة الشركات المحلية 31% من الحصة السوقية للدواء عام 2018، حسب إحصائية المركز.