وسط أنباء عن “إجراءات أمنية” خاصة وجديدة في محيط مناطق البادية الجنوبية في الأردن، قررت الجهات المختصة إيقاف العمل بتطبيق “تيك توك” الشهير وقطع شبكة الإنترنت عن بعض المناطق في مدن جنوبي المملكة بهدف السيطرة على “التحريض الإلكتروني”.

واستعمل السائقون المضربون عن العمل تطبيقات “تيك توك” بصورة خاصة في ترويج روايتهم للإضراب.

تصاعد العنف

وقد تطورت الأحداث من خلال ليلة ساخنة عاشتها بعض المناطق في الأردن، خاصة في الجنوب، وذلك تعبيراً من المواطنين عن عدم رضاهم على قرار الحكومة الأخير برفع أسعار المحروقات للمرة الثامنة خلال هذا العام، لكن سلمية هذه الاحتجاجات خرجت عن إطارها القانوني والدستوري، الأمر الذي دفع الأجهزة الأمنية للتدخل وفرض سيطرتها.

وتحولت مطالب نيابية في جلسة تشريعية لمجلس النواب الأردني إلى مطالب جماعية بتخفيض أسعار المحروقات في الأردن من قبل أعضاء مجلس النواب.

الحكومة حاولت امتصاص غضب المعتصمين من خلال صرف دعم للمحروقات محصور لهم، وتأجيل قروض البنوك لهذا الشهر، لكن جميع هذه القرارات لم تلب طموحهم.

وخرج رئيس الحكومة الأردنية بشر الخصاونة عن صمته والتأكيد على أن الخزينة العامة للدولة لا تمتلك ترف دعم المحروقات كما حصل في العام الماضي.

الخصاونة قال إن دعم المحروقات كلف الدولة العام الماضي 550 مليون دينار أردني، وهذه السنة الدولة لا تمتلك هذا المبلغ لدعم المحروقات، لذلك ارتفعت أسعار المحروقات بالتوافق مع الأسعار العالمية.

 

إضراب سائقي النقل

سائقو الشاحنات الكبيرة وأصحاب مركبات النقل العام وسيارات الأجرة والتطبيقات الذكية عبروا بكل سلمية عن احتجاجهم على قرار الحكومة رفع المحروقات، من خلال إضرابهم عن العمل والاصطفاف على جوانب الطرقات، لكن هذه الوقفات السلمية تغيرت في بعض الأماكن خاصة في جنوبي الأردن إلى إغلاق الشوارع الفرعية بالإطارات المشتعلة ورشق المركبات بالحجارة.

 

مقتل ضابط

لكن عدوى الإضراب انتقلت إلى مستويات مختلفة بعد الإعلان عن وفاة عقيد بالأمن العام برصاص “مخربين” في منطقة الحسينية قرب معان جنوبي البلاد، حيث العديد من الاجتماعات الأمنية والعسكرية والقبلية والعشائرية بعد الحادث المأساوي وسط حالة تعاطف غير مسبوقة مع “العقيد الشهيد” وعائلته.

وشوهد ثلاثة من ضباط  الأمن العام والدرك في صلاة الجنازة على العقيد لكن عائلته وقبيلته “بني حسن” أعلنا أن الحكومة “غير مرحب بها” للمشاركة في الدفن والعزاء.

ووري العقيد عبد الرزاق الدلابيح الثرى في قريته بمدينة جرش شمالي البلاد وسط تساؤلات حرجة جدا عن ما سيحصل لاحقا، وسط صمت رسمي في سياق العصيان المدني ووقوع حوادث قطع وإغلاق طرق ثم الإعلان عن إصابة رجلي أمن أيضا بالرصاص.

وبدأت بسرعة اتصالات بين قادة ورموز عشائر في البادية الجنوبية وبين نظراء لهم من قبيلة العقيد القتيل وهي قبيلة بني حسن التي تعتبر أضخم وأكبر القبائل الأردنية.

وفيما أعلن وجهاء مدينة معان جميعا أنه “لا غطاء لمن أطلق الرصاص على الأمن” صدر بيان شديد اللهجة من قبيلة بني حسن أمهلت فيه السلطات “3” أيام للكشف عن قاتل ابنها العقيد الدلابيح، ثم اعتذرت عن استقبال أي ممثل للحكومة في العزاء، في خطوة أعقبها تلويح نواب القبيلة وعددهم 12 نائبا بالاستقالة أو حجب الثقة عن حكومة الرئيس الدكتور بشر الخصاونة التي أفلتت منها التفاصيل الآن تماما بعد واقعة وجريمة قتل العقيد بالرصاص وأصبحت متهمة بالتوتير والتأزيم.

وتمضي  الأحداث في الإضراب الناتج عن رفع أسعار الوقود بسرعة أكثر وحالة العصيان دخلت في إطار حساس قوامه البيانات العشائرية والجهوية في مرحلة تحتاج الآن لقرارات “سيادية”.