يكر ويفر ويكر مجددا، السيسي لرجال الصناعة في مؤتمر قبل أيام نشرت عنه صحيفة "الشروق" المؤيدة للانقلاب قوله: "لا يجب إضاعة الوقت في دراسات الجدوى بالقطاعات المحسومة، أنتم بتضيعوا وقت كتير جدا.. أي تحدي عندنا في مصر بيولد فرصة مش بيولد عقبة زي ما الناس بتتصور".


وفي انقلاب جديد على تصريحاته الأخيرة، ففي زيارة له للنادي الأوليمبي لقناة السويس زعم أن "تفريعة قناة السويس الثالثة كانت وفق دراسات علمية"، في حين سبق أن أعلن عدم ايمانه بدراسات الجدوى، وأنه لو عمل وفق ما تقوله الدراسات العلمية ودراسات الجدوى الاقتصادية ما كان انجز عشر ما انجزه!


السيسي سبق وأكد بنفسه أن ما أسماه "قناة السويس الجديدة"، كانت لرفع الروح المعنوية للمصريين، في الوقت الذي أكد فيه رئيس البنك المركزي الأسبق هشام رامز أنها السبب الاساسي لازمة الدولار في مصر، لاسيما وأن توجيه السيسي لرئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة كامل الوزير، انهائها خلال سنة واحدة وليست خلال ثلاث سنوات، وإن كان الطلب نفسه أثناء تدشينه العاصمة الإدارية من محمد العبار تسبب في خروج الإمارات من العاصمة الإدارية أو تمويل المشروعات فيها.


وبدا أن السيسي يفتخر بأنه يعمل في ادارة الدولة بكل مقوماتها ومقدراتها بلا دراسات جدوى، وسقط بين أيديهم هل هو جاهل أم متعمد؟، ليخرج المراقبون أنه متعمد بغرض التدمير، وأن مصر تدرس وقف القطار الكهربائي بسبب عدم الإقبال، وكان معدل ركاب القطار الكهربائي خلال ال24 ساعة نحو 3 ركاب.


ولا يستثن العسكر من تصريحات السيسي ففي يناير 2019 قال وزير النقل بحكومة السيسي كامل الوزير: "تنفيذ مشروعات كثيرة لم تكن بخطة الحكومة خلال الفترة الماضية نتيجة الحاجة إليها".


الصحفي تركي الشلهوب قال إن الشخص العادي إذا أراد ان يفتتح مشروعًا صغيرًا، لا يفتتحه إلا بعد عمل دراسة جدوى، حتى لو كان رأس مال المشروع 10 آلاف دولار، ولكن السيسي يرفض عمل دراسات جدوى لمشاريع عملاقة ويقول: ليس لدينا وقت نفقده في دراسات الجدوى لمشاريع محسومة".


وفي ديسمبر 2018، واحدة من اعترافات عبدالفتاح السيسي على نفسه أنه سبب كل الفشل والكوارث اللي حدثت في عهده، بداية من تفريعة القناة (للروح المعنوية) مرورا بالعاصمة الإدارية والاستدانة الرهيبة من الداخل والخارج وضياع حقوق مصر في الغاز ومياه النيل وعزل سيناء وبيع تيران وصنافير، لأن كل ما سبق "بلا دراسات جدوى"، وقال السيسي: "إحنا لو مشينا بدراسات جدوى مكناش حققنا ربع الإنجازات"!


بدأ السيسي كلمته بالحديث عن حالة التشكيك المستمرة في جدوى المشروعات التي تدشنها الحكومة، مذكراً في هذا الإطار بحملات التشكيك الذي أثيرت حول مشروع حفر قناة جديدة –تفريعة- في السويس، والتي افتتحت في 6 أغسطس 2015، واعتمدت الحكومة في تمويلها على الاقتراض وعبر طرح شهادات استثمار على المصريين، وكأنه يؤرخ لعمليات التشكيك في سياسات الحكومة، وفي نفس الوقت يذكر مؤيديه بأن هذه الحملات قديمة قدم وجوده في السلطة.


وقال مراقبون إن استحضار السيسي لخطاب التشكيك في جدوى حفر تفريعة جديدة لقناة السويس، لم يكن فقط بغرض التذكير، إنما للرد على هذا الخطاب، فيؤكد أن إيرادات القناة قد ارتفعت بعد هذا المشروع، وأن التكلفة التي أنفقت في حفر القناة الجديدة عوضتها إيرادات القناة خلال السنوات الماضية.


مشاريع اللاجدوى


ونشرت مجلة "إيكونوميست" تقريرا أخيرا لستيفن كوك سلط من خلاله الضوء على حادث تعطل الملاحة في قناة السويس لعدة أيام بسبب جنوح السفينة العملاقة "إيفر جيفن".


وقالت المجلة، إن الحادث سلط الضوء على إهدار قائد الانقلاب عشرات المليارات من الدولارات على مشاريع وهمية ليس لها أي جدوى اقتصادية.


وأوضح التقرير أن الحادث تسبب في تكدس عشرات السفن الأخرى في مرساة قريبة ومئات أخرى عند مداخل القناة، مشيرة إلى أن "لم يكن هذا تماما ما كان يدور في خلد سلطات الانقلاب قبل سبع سنوات عندما وعدت بالمزيد من حركة المرور في القناة، فبعد فترة وجيزة من استيلائه على السلطة في عام 2014، أمر عبد الفتاح السيسي بتوسيع الممر المائي بقيمة 8 مليارات دولار، لأنه كان واسعا بما يكفي للتعامل مع حركة المرور في اتجاه واحد، وقام العمال بتوسيع جزء منه وحفروا ممرا ثانيا على طول امتداده المركزي؛ ما خلق ممرا التفافيا بطول 72 كم (45 ميلا) حتى تتمكن السفن من المرور في الاتجاهين خلاله.


ولفت التقرير إلى أن الجزء الذي جنحت فيه السفينة البنمية من القناة لا يكفي إلا لمرور سفينة واحدة في وقت واحد، وقال المسؤولون إنه لا يوجد مبرر اقتصادى لحفر ممر ثان على طول الممر المائى بأكمله، وقال الخبراء إن المنطق الاقتصادي حتى للتوسع المحدود


تبطين الترع


أذرع الانقلاب ومنهم أحمد موسى ظهر يهاجم قائلا: "من يتحدثون عن عدم جدوى تبطين الترع لا يعلمون شيئا عن الريف والصعيد، ويجهلون أي مشروعات تخدم المواطنين"- إلى الدفاع عن مشروعاتهم التي أنجزت بلا دراسات جدوى وتهدر المال العام وأبرزها مشروع تبطين الترع الذي أهدر السيسي من خلاله نحو 70 مليار جنيه.


وكانت المفاجأة المدوية التي ألهبت ظهورهم تبني الدكتور عباس شراقي أستاذ الموارد المائية والجيولوجيا بجامعة القاهرة -الضيف الدائم على المحطاته التلفزيونية والفضائيات المحلية- ليؤكد "أن مشروع تبطين الترع الذي أنفق عليه حتى الآن أكثر من 20 مليار جنيه ليس ذو جدوى كبيرة ويجب وقف باقي مراحل المشروع".


وتساءل صلاح بديوي عمن يمكنه المحاسبة "بعد اهدار 50 مليار جنيه على تبطين الترع اكتشفوا ان المياه تتبخر بسبب الاسمنت فاوقفوا المشروع الذي اقيم بدون دراسات جدوى الفشل يتواصل .اهمية الترع تكمن في نمو الاشجار على ضفافها ووجود الاسماك داخل مياهها وحياة بيلوجية للمزارع بسببها حياة كان يخطط لتركيب عدادات وبيع المياه للفلاح".


العاصمة الإدارية


ونماذج اللاجدوى بمشروع العاصمة الإدارية التي أسفرت عن استقالة اللواء أحمد زكي عابدين بعد نحو 7 سنوات من إدارة مشروع العاصمة الإدارية، أن "هناك أحياء كاملة تم بناؤها دون أن يكون بها جراجات، كما أن العديد من الواجهات تم هدمها وإدخال تعديلات عليها بسبب وجود بروز بالمباني تخالف الاشتراطات الهندسية والتصميمات الإنشائية السليمة، وأن الأمر امتد أيضًا لمشروعات المولات التجارية الضخمة، والتي ظهرت بها عيوب ملحوظة في عدم الالتزام بالمساحات المحددة للمحلات، ليأتي بعضها أصغر كثيرًا من المساحات المتعارف عليها، وبعضها الآخر أوسع بشكل زائد عن اللازم".


وقال مصطفى (Mrs B.E.): ".. السيسي لا يؤمن بدراسات الجدوى، ولا بالبحث السابق للتخطيط. بعض المشروعات الكبرى يتم اقتراحها على الهواء، ويتم ترسية عطاءاتها على بعض الشركات على الهواء. شائعات كثيرة عن عمولات سمسرة ضخمة وراء هذه المشروعات. إنتشار مثل هذه المزاعم كفيل بزعزعة الثقة في النظام العام للدولة".


أما الدكتور حسن نافعة فكان له رأى في دراسات اللاجدوى وكتب في فبراير 2019، أن ".. مصر باتت في أمس الحاجة إلى عقلية جديدة تؤمن بالعلم لا بالخرافة, وتشيد المشروعات بناء على دراسات الجدوى وليس أطروحات الفهلوة.. وتعتمد قيم المشاركة والشورى بدلا من قوالب الاستبعاد والاستبداد. اللهم ارفع مقتك وغضبك عنا يأرحم الراحمين".