تعقد القمة العربية للمرة الأولى منذ ثلاث سنوات بسبب جائحة كورونا، وفي أعقاب اتفاق بعض الدول على تطبيع علاقات مع إسرائيل، ووسط العديد من المشاحنات والخلافات بين عدد من قادة الدول العربية، وخاصة المغرب والجزائر، فيما يشهد الملف الفلسطيني، حالة كبيرة من التوتر بعد الأحداث الأخيرة في نابلس.

وشهد التمثيل الرسمي في قمة الجزائر التي أنطلقت الثلاثاء لمدة يومين، تأكيد حضور ثلثي القادة العرب (21 دولة)، بجانب تمثيل منخفض لـ5 دول أخرى، مع استمرار تجميد مقعد سوريا.

 

ملف فلسطيني ساخن

تزامنا مع انطلاق القمة العربية دعت حركتا "فتح" و "حماس" الثلاثاء، القادة والزعماء العرب المجتمعين في الدورة ال31 للقمة العربية بالجزائر إلى ضرورة إقرار إعلان الجزائر للم الشمل الفلسطيني، واعتباره جزءا من مقررات القمة وتشكيل فريق عمل جزائري-عربي لتنفيذ بنوده، بحسب وكالة الأنباء الجزائرية.

وأوضح المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية  نبيل أبو ردينة، في بيان، أن "القمة ستبعث رسالة واضحة للعالم بأن فلسطين وقضيتها هي القضية المركزية للأمة العربية التي تقف دوما إلى جانب الحق الفلسطيني ودعمه بكل السبل".

وتابع: "هذه القمة تمثل رسالة دعم قوية للشعب الفلسطيني في الدفاع عن حقوقه ومقدساته".

وأشاد أبو ردينة بتصريحات الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، قبيل استقباله الرئيس الفلسطيني محمود عباس، والتي قال فيها إن "قمة الجزائر هي قمة فلسطين".

ومن جهتها تعتبر الجزائر، الدولة المضيفة للقمة، داعمة قوية للفلسطينيين، حتى أنها توسطت في اتفاق مصالحة في أكتوبر، بين الحركتين الفلسطينيتين فتح وحماس.

وبينما يُعتقد أن هذه الاتفاق سيستمر، فقد نُظر إليه على أن الجزائر تسعى إلى مزيد من النفوذ الإقليمي على خلفية وضعها المتنامي كمصدر للغاز، لذا تمثل القمة، التي تستغرق يومين، فرصة أخرى للرئيس عبد المجيد تبون لإثبات ذلك.

ويسعى تبون إلى إجراء مصالحة فلسطينية خلال هذه القمة، لاسيما بعد أن أعلن توقيع الفصائل الفلسطينية على "إعلان الجزائر" لـ "لم الشمل الفلسطيني".

ومنذ شهور، يتواصل في الضفة الغربية المحتلة تصعيد ميداني يتركز في مدينتي جنين ونابلس (شمال)، حيث تكررت اشتباكات مسلحة بين فلسطينيين والجيش الإسرائيلي.

ويأتي ذلك على خلفية عملية عسكرية أطلقتها إسرائيل أواخر مارس الماضي باسم "كاسر الأمواج"، أسفرت عن اعتقال مئات الفلسطينيين واغتيال آخرين، بينهم قادة مجموعة "عرين الأسود" المسلحة بنابلس.

ومفاوضات السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي متوقفة منذ أبريل 2014، جراء رفض تل أبيب وقف الاستيطان وإطلاق سراح أسرى قدامى، بجانب تنصلها من مبدأ حل الدولتين (فلسطينية وإسرائيلية).

 

التطبيع مع إسرائيل

وتختلف قمة الجزائر عن القمم السابقة فخلال الثلاث أعوام التي لم تنعقد فيها القمة بسبب تفشي كورونا، قامت دول عدة أعضاء في المنظمة، التي وضعت تاريخيا دعم القضية الفلسطينية وإدانة إسرائيل على رأس أولوياتها، بتطبيع لافت مع الدولة العبرية.

وفي عام 2020 طبعت دولة الإمارات العربية المتحدة علاقاتها مع إسرائيل في إطار سلسلة اتفاقيات تفاوضت عليها واشنطن.

 ثم حذت البحرين والمغرب والسودان حذوها، بالإضافة لاعتراف مصر والأردن بدولة إسرائيل، عقب توقيعهما اتفاقيتي سلام مع تل أبيب، منذ 1979 و1994 على الترتيب وفي أكتوبر 2020 وقع مسؤولون بحرينيون وإسرائيليون "بيانا مشتركا" بشأن إقامة علاقات دبلوماسية كاملة، في يناير عام 2021، انضم السودان الى البلدان العربية الأخرى التي طبعت علاقاتها مع إسرائيل ، ثم في 10 ديسمبر 2020، أعلنت إسرائيل والمغرب استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما بعد توقفها عام 2000، إثر تجميد الرباط العلاقات جراء اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية.

 

خلافات ومشاحنات مغربية جزائرية

وطغى الخلاف المغربي الجزائري على الأعمال التحضيرية لوزراء الخارجية العرب، بعدما احتجت الجامعة العربية على قناة جزائرية، استخدمت خريطة أثارت حفيظة الوفد المغربي.

 ونفت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية أن يكون لها أي "شركاء إعلاميين" في تغطية أشغال القمة العربية، وأكد بيان الأمانة العامة عدم وجود صلةٍ للجامعة العربية بأية مؤسسة إعلامية تدعي هذه الصفة، كما أنها "لا تعتمد خريطةً رسمية مبين عليها الحدود السياسية للدول العربية، وأنها تتبنى خريطة للوطن العربي بدون إظهار للحدود بين الدول تعزيزا لمفهوم الوحدة العربية".

وتشهد العلاقات الجزائرية المغربية توترا منذ عقود، بسبب قضية الصحراء الغربية على وجه الخصوص، كما أن الحدود بين الجارتين مغلقة منذ عام 1994.

 

غياب الملوك والرؤساء

واعتذر ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للمملكة، عن المشاركة في قمة الجزائر رسميًا بسبب مشكلة صحية في الأذن، بالإضافة لرئيس الإمارات ورئيس لبنان وملك البحرين وسلطان عمان، بجانب الاستبعاد السوري.

وذكرت وسائل إعلام عربية أن قادة الإمارات والبحرين والسعودية غابوا عن المشاركة، بسبب إبرامهم اتفاقات تطبيع علاقات مع إسرائيل وإنهم غير متحمسين لفكرة الاجتماع لإدانة موقفهم".