يعاني المجتمع المصري صعوبات عديدة في الحياة ومشكلاتها، ويحيط بهم الغلاء وانخفاض قيمة الجنيه وعدم القدرة على توفير جميع ضرورات البيوت واحتياجات الأبناء من كل جانب، لكن القدرة على التعايش مع هذه المشكلات وتطويعها، واستغلال ثغراتها، واتباع أساليب تأقلم فعالة، بالإضافة إلى التحلي بالإيجابية في أوقات المِحن، هو ما يطلق عليه علماء النفس التفاؤل المثمر في الحياة.

 

ما هو التفاؤل؟

الفأل لغة ضد الطّيِرة، والفأل أن يكون الرجل مريضًا فيسمع آخر يقول: يا سالم. أو أن يكون طالب ضالة فيسمع آخر يقول: يا واجد.

والفأل اصطلاحًا هو الكلمة الصالحة أو الكلمة الطيبة أو الكلمة الحسنة، مصداق ذلك ما جاء في الحديث الشريف من أنه سُئل (صلى الله عليه وسلم) ما الفأل؟ فقال: " الكلمة الصالحة يسمعها أحدكم" (موسوعة نضرة النعيم، ج3، ص 1045 – 1046).

والتفاؤل هو الشعور بالرضا والثقة بالنفس والسيطرة على المشاعر المختلفة.

والتفاؤل هو ذلك السلوك الذي يصنع به الرجال مجدهم، ويرفعون به رؤوسهم، فهو نور وقت شدة الظلمات، ومخرج وقت اشتداد الأزمات، ومتنفس وقت ضيق الكربات، وفيه تُحل المشكلات، وتُفك المعضلات، وهذا ما حصل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما تفاءل وتعلق برب الأرض والسماوات؛ فجعل الله له من كل المكائد والشرور والكُرب فرجًا ومخرجًا.

 

التفاؤل هدف يسعى إليه الجميع:

يقول الفيلسوف الأمريكي إيمرسون: "إن النجاح عصفور صغير يقبع في عش بعيد مرتفع ومحاط بالأسوار، وكلنا يريد هذا العصفور، لكن من الذي يصل اليه؟! البعض يقف أمام الأسوار في انتظار أن يطير العصفور فيقع بين يديه، وقد يطول به الانتظار فيصاب باليأس وينصرف، والبعض يدور حول الأسوار باحثًا عن منفذ أو طريق إلى العصفور، ومن هذا البعض يصل الناجحون المتفائلون".

أما الفيلسوف برتراند راسل فله عبارة جميلة شفافة تبعث الأمل في نفوسنا، يقول: "منتهى التفاؤل يولد من أقاصي اليأس".

 

المتفائلون يتمتعون بصحة أفضل من المتشائمين

أكدت مجموعة من الدراسات أن المتفائلين يتمتعون بصحة أفضل من المتشائمين.. وورد في عدد مايو 2008 من مجلة "هارفرد مانز هيلث واتش" ان عدة دراسات تؤكد أن التفاؤل يؤثر على الصحة.

وتشمل النتائج التي تم التوصل إليها أن نسبة اضطرار المتفائل الذي يعاني من مشاكل في شرايين القلب التاجية لتكرار العلاج أقل بـ 50 بالمئة من المتشائم.

وأن الرجال المتشائمين عرضة 3 مرات أكثر من المتفائلين لتنامي ارتفاع ضغط الدم، المشاعر الإيجابية تخفف ضغط الدم.. ويواجه المتشائم خطر الإصابة بأمراض القلب مرتين أكثر من المتفائل.

وأكدت الدراسات ان المتفائلين قد يتمتعون بصحة أفضل وحياة أطول لأن أنماط حياتهم صحية أكثر وهم يبنون شبكات اجتماعية متينة ويلقون العلاج الطبي الأفضل، كما من المرجح أن للتفاؤل فوائد بيولوجية مثل تخفيض مستويات هورمونات الإحباط واحتمالات التعرض للالتهابات (صحيفة الرياض السعودية، العدد 14558).

 

كيف تصبح متفائلًا؟

1 - تخلّ عن فرضياتك السابقة

للحصول على إنسان جديد متفائل عليك بدايةً التخلي عن بعض الفرضيات، فالمتشائم يفترض أنّ العالم يقف ضده، ويعتقد أنّه ولد مع سحابةٍ ذات لونٍ رماديّ فوق رأسه، عليك بالتخلي عن هذه الفكرة فلا أساس لها من الصحة.

2 - السيطرة على ردود الأفعال

المتفائل يرى الانتكاسات أمرًا مؤقّتًا يُمكن تجاوزه، بينما المتشائم يراها دائمة ويجعلها تؤثّر عليه لفترات طويلة، وليتعامل الشخص بتفاؤلٍ مع شتّى الأمور عليه أن يُفكّر فيها مليًّا والتفكير في تحسينها والاستفادة من أيّ أخطاء وُقع فيها.

3 - تذكر أنك السبب ولست المسبب

تطلع إلى نفسك وكأنك السبب لا التأثير، إلغ فكرة أن تكون منتج أو ضحية لتلك الظروف، توقف عن تجميع الأفكار السلبية، وابدأ بالتفكير في طريقة تغيير المستقبل لتجعله يحدث بطريقة مختلفة، فقم بتحديد أهدافك الجديدة، وامضِ قُدمًا في سبيلها.

4 - الانضمام للأشخاص الإيجابيين

يُقال بأنّ المواقف الإيجابيّة معدية، لهذا فإنّ وجود أشخاص إيجابيين حول الفرد في بيئته من الأصدقاء أو زملاء العمل، سيؤدّي بكلّ تأكيد إلى تحفيز الفرد لأن يصبح إيجابيًا بحيث يتّبع أسلوبهم في التعامل مع الظروف وتبنّي بعض أفكارهم الإيجابيّة.

5 - اكتب قائمة بالأمور التي تريد تغييرها

عليك في هذه المرحلة كتابة الأمور التي تحاول أن تغيّرها في شخصيتك، ضع لائحة في مكان بارز لتراها كل يوم كالمرآة، أكثر من مرّة؛ ومن هذه العبارات: كل شيء سهل وممكن. ليست ظروفي التي تصنعني، بل أنا من يصنع ظروفي. أنا دائمًا أمتلك الخيار.

6 - إزالة التأثيرات السلبية

ابتعد عن البيئة والأشخاص السلبيين، ولا تقض أوقاتًا طويلة على مواقع التواصل الاجتماعي، فمثل هذه التأثيرات تزيد من الشعور بالإحباط وعليك بممارسة نشاطات روتينيّة تزيد من تفاؤلك وإيجابيّتك مثل ممارسة التمارين الرياضيّة، أو تزيين مكان عملك أو منزلك.

7 - استخدم الاقتباسات

هذه الاقتباسات سوف تذكّرك كيف تصبح وتكون أكثر تفاؤلًا، ومن هذه الأقوال نذكر لك: حتى أطول الرحلات يجب أن تبدأ بخطوة واحدة. كلما اشتدت العتمة اقترب بزوغ الفجر. جميع العظماء مروا بأوقات ظنوا أن حياتهم قد انتهت ومع ذلك قد نهضوا من الكارثة.

8 - تجنُّب مقارنة النفس مع الآخرين

مقارنة نفسك مع الآخرين تشعرك بالإحباط والسلبية والتشاؤم، وذلك لشعورك بالتأخّر عنهم، وإنما عليك أن تعلم أنّ لكلٍّ ظروفه الخاصة المحيطة به، ومن ثمّ فعليه التركيز على تطوير نفسك ومقارنتها بنفسك في وقت سابق، وهي طريقة تفكير إيجابيّة تزيد من تفاؤل الإنسان.

9 - عُد الهبات والنعم التي نلتها حتى الآن

عُدّ النعم، ولا تستثن شيئًا، فكل النعم أكانت بسيطة أم كبيرة ضعها بالقائمة، ركز على الأشياء الإيجابية والجيدة في حياتك، مهما كانت أمورًا صغيرة أو تافهة، سوف تساعدك هذه القائمة في تقييم إيجابي لحياتك، وستقلل من نظرتك السلبية لحياتك في عقلك الباطن.

10 - مرر النعم إلى الآخرين

يكمن تميّز النور أنه قادر على وهب الجميع ضياءه، كن كذلك؛ ومرر النعمة التي تنعم بها إلى آخرين، فدع شخصًا يحصل بدلًا منك على مكان لوقوف سيارته، دع شخصًا ضعيفًا يأخذ مكانك في طابور للتسوق، إن مثل هذه الأفعال تمنحك طاقةً إيجابة وتشعرك بالسعادة.