وصلت قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار في السوق المصرية حتى الآن إلى ثلاثة أسعار متباينة بين البنوك، والمصارف الحرة، والسوق الموازية (السوداء).

ففي البنوك؛ واصل الجنيه تراجعه خلال الأيام الماضية، حتى سجل يوم الخميس الماضي أدنى مستوى في تاريخه أمام الدولار ليصل إلى 19.58 جنيهًا للبيع في البنك المركزي.

وخارج البنوك يجري تداول الجنيه بسعر 19.66 مقابل الدولار، وسط توقعات البنوك الغربية بوصوله إلى 24 جنيهًا للدولار.

بينما يتم تداول الدولار في السوق الموازية (السوداء) بسعر يتراوح ما بين 23 – 25 جنيهًا، وسط عجز واضح من البنوك في توفير الدولار للبنوك وللأسواق ولرجال الأعمال.

 

رحلة 19 عامًا من الانخفاض أمام الدولار

وخلال رحلة امتدت إلى نحو 19 عامًا، تعرض الجنيه فيها للانهيار المتدرج، حتى وصل إلى قمته خلال الخميس الماضي، ولا يزال التراجع قائمًا كل يوم بحسب كلام الخبراء.

ووصل سعر شراء الجنيه أمام الدولار في 5 من ديسمبر 2003 إلى 6.10 جنيهات.

وانخفض سعر شراء الجنيه مقابل الدولار في 1 من أغسطس 2008، حيث وصل إلى 5.19 جنيه، وهو أقل سعر شراء منذ ديسمبر 2003.

وفي 20 من يناير 2017 انخفض سعر شراء الجنيه مقابل الدولار عقب التعويم الأول للجنيه إلى 18.8 جنيهًا.

واستمر تراجع سعر شراء الجنيه مقابل الدولار حتى وصل إلى 19.16 جنيهًا في 24 من أغسطس 2022، وفقًا لـ"CNN".

والخميس الماضي، تراجع الدولار بصورة كبيرة أمام الدولار حتى وصل شعر الشراء في البنوك إلى 19.58 جنيهًا وهو، كما سبق، أدنى مستوى في تاريخ الجنيه مقابل الدولار.

وبحسب وكالة بلومبيرج، "ألقى ارتفاع الدولار بثقله على عملات شركاء مصر التجاريين ونظرائهم من البلدان النامية.. يسير الجنيه المصري في طريقه للشهر السابع من التراجعات، وهي أسوأ موجة منذ 2013".

 

أسباب انخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار

ووفقًا لكلام الخبراء الاقتصاديين فإن انخفاض الجنيه المتكرر والمتواصل أمام الدولار يرجع إلى العديد من الأسباب، ومن أهمها: تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية التي تسببت في ندرة النقد الأجنبي، ما أدى إلى خفض سعر صرف الجنيه تدريجيًا. إلى جانب الانعكاسات السلبية للحرب على الاقتصاد المصري، حيث أدت إلى ارتفاع تكلفة استيراد السلع الأساسية والوقود، وخروج الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة من مصر.

وتواجه حكومة الانقلاب الآن أزمة نقدية وديون تصل إلى 85٪ من حجم اقتصادها، مع انخفاض احتياطيات العملات الأجنبية، وبدأت الحكومة في تخفيض محدود لقيمة الجنيه، حيث خسر 17% من قيمته في غضون أيام في مارس الماضي.

منذ ذلك الحين انخفض الجنيه أمام الدولار بنسبة 22%، وتشهد الأسر من جميع مستويات الطبقات الاجتماعية تآكلًا سريعًا في قدرتها الشرائية.

وأكد كبير مستشاري البحوث بوزارة التجارة، عبد النبي عبد المطلب، سابقًا، إن التراجع المتواصل في قيمة الجنيه أدى إلى رفع معدلات التضخم، وتراجع الحجم الحقيقي للدخل، بما يؤثر نفسيًا وماليًا على المصريين، مبينًا أن تلك السياسة المالية أصبحت مستهدفة، لتضمن الحكومة الحصول على قرض صندوق النقد، الذي تأجل البت فيه إلى نهاية أكتوبر المقبل، وفقًا لـ"العربي الجديد".

وقال عيسى فتحي، خبير أسواق المال، إن انخفاض سعر صرف الجنيه أمام الدولار لمستوى تاريخي أمر طبيعي في ظل انخفاض حجم المعروض من النقد الأجنبي أمام المطلوب، مضيفًا أن سعر صرف الجنيه في البنوك سجل أدنى مستوى أمام الدولار، وفي السوق الموازية يزيد بقيمة 2.5 جنيه عن السعر الرسمي.

ووفقًا لخبير أسواق المال، فقد أثر سعر صرف الجنيه أمام الدولار على أداء سوق المال، حيث انخفضت تعاملات المستثمرين العرب والأجانب بالبورصة المصرية انتظارًا لاستقرار سعر الدولار، وفقًا لـ"CNN".

 

توقعات باستمرار انخفاض الجنيه حتى حصول مصر على القرض

وتوقع فتحي أن الجنيه سيواصل تراجعه حتى يصل إلى قيمته العادلة، مشيرًا إلى أن عدم توافر النقد الأجنبي أثر على عدم توافر مستلزمات الإنتاج للمصانع، وأدى إلى تعطلها، مضيفًا أن سعر الدولار سيصل إلى مستوى 25 جنيهًا حتى تصل تدفقات جديدة ليأخذ الدولار مسار هبوطي، مستشهدًا بما حدث خلال تحرير سعر الجنيه في عام 2016، حيث ارتفع الدولار حتى وصل إلى أكثر من 19 جنيهًا، وعاود بعد ذلك تراجعه لمستوى 15.5 جنيه لفترة طويلة.

واتفقت معه آية زهير، نائب رئيس قسم البحوث بشركة زيلا كابيتال للاستشارات المالية، وتوقعت أن يتراوح سعر الجنيه بين 21-22 جنيهًا خلال نهاية هذا العام، ولكن هذا التوقع يرتبط بعدم تدخل الحكومة أو البنك المركزي لدعم الجنيه.

كما توقعت زهير، أن يتخذ البنك المركزي قرارًا برفع سعر الفائدة في اجتماع لجنة السياسة النقدية المقبل، ويصاحبه انخفاض في سعر صرف الجنيه أمام الدولار، على أن يكون ذلك بالتوازي مع موافقة صندوق النقد الدولي على تمويل جديد لمصر خلال شهر أو شهرين.

وتجتمع لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي يوم 3 نوفمبر المقبل، لتحديد أسعار الفائدة بعد 3 اجتماعات لم تغير فيها سعر الفائدة.