سجل الجنيه المصري، مساء اليوم الخميس، أدنى مستوى في تاريخه بعد أن هبط أمام الدولار بنحو قرشين ليسجل 19.58 جنيه للبيع.


ووصل سعر الدولار في البنك المركزي المصري 19.51 جنيه للشراء، 19.58 جنيه للبيع، كما وصل سعره في أكبر بنكين حكوميين في مصر وهما البنك الأهلي المصري، وبنك مصر إلى 19.51 جنيه للشراء، 19.57 جنيه للبيع.


ويواصل الدولار ارتفاعه منذ الثلاثاء الماضي، خاصة بعد اجتماع لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي وتثبيت سعر الفائدة يوم الخميس الماضي.


آراء الخبراء في أسباب الانهيار


وأرجع محللون أسباب هذا التراجع إلى استمرار انخفاض حجم المعروض من النقد الأجنبي في مقابل الطلب، وتوقعوا استمرار مسار هبوط الجنيه ليتراوح بين 21-25 أمام الدولار.


وانخفض سعر صرف الجنيه أمام الدولار بأكثر من 20% منذ شهر مارس الماضي، نتيجة فجوة في النقد الأجنبي في مصر بسبب خروج الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة، وارتفاع أسعار السلع الأساسية عالميًا والنفط في أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية.


وقالت آية زهير نائب رئيس قسم البحوث بشركة زيلا كابيتال للاستشارات المالية، إن سعر صرف الجنيه سيواصل انخفاضه أمام الدولار تدريجيا خلال الفترة المقبلة حتى يصل إلى قيمته العادلة وفقا للعرض والطلب، متوقعة أن يتراوح سعره بين 21-22 جنيهًا خلال نهاية هذا العام، ولكن هذا التوقع يرتبط بعدم تدخل الحكومة أو البنك المركزي لدعم الجنيه، وفقا لـCNN بالعربية.


كما توقعت زهير، أن يتخذ البنك المركزي قرارا برفع سعر الفائدة في اجتماع لجنة السياسة النقدية المقبل، ويصاحبه انخفاض في سعر صرف الجنيه أمام الدولار، على أن يكون ذلك بالتوازي مع موافقة صندوق النقد الدولي على تمويل جديد لمصر خلال شهر أو شهرين.


وترى نائب رئيس قسم البحوث بشركة زيلا كابيتال، ضرورة سرعة خفض سعر صرف الجنيه أمام الدولار حتى تتضح الرؤية أمام المستثمرين الأجانب لضخ المزيد من الاستثمارات في السوق المصري، حيث يهتم المستثمرين الأجانب بتحديد السعر العادل للجنيه دون النظر لانخفاضه أو ارتفاعه في البنوك.


وقال عيسى فتحي خبير أسواق المال إن انخفاض سعر صرف الجنيه أمام الدولار لمستوى تاريخي أمر طبيعي في ظل انخفاض حجم المعروض من النقد الأجنبي أمام المطلوب، ولذا سيواصل سعر الجنيه تراجعه حتى يصل إلى قيمته العادلة، مشيرًا إلى أن عدم توافر النقد الأجنبي أثر على عدم توافر مستلزمات الإنتاج للمصانع، وأدى إلى تعطلها.

 

وأضاف فتحي، أن سعر صرف الجنيه في البنوك سجل أدنى مستوى أمام الدولار، وفي السوق الموازية يزيد بقيمة 2.5 جنيه عن السعر الرسمي، متابعًا أن هناك اتجاه في السوق الموازي إلى شراء كميات ضخمة من الدولار انتظارا لانخفاض السعر الرسمي للجنيه وتحقيق أرباح من وراء فرق السعر.

 

وأشار عيسى فتحي، إلى أن سعر صرف الجنيه أمام الدولار أثر على أداء سوق المال، حيث انخفضت تعاملات المستثمرين العرب والأجانب بالبورصة المصرية انتظارًا لاستقرار سعر الدولار، متوقعًا أن يصل سعر الدولار إلى مستوى 25 جنيهًا حتى تصل تدفقات جديدة ليأخذ الدولار مسار هبوطي، مستشهدًا بما حدث خلال تحرير سعر الجنيه في عام 2016، حيث ارتفع الدولار حتى وصل إلى أكثر من 19 جنيه، وعاود بعد ذلك تراجعه لمستوى 15.5 جنيه لفترة طويلة.


الأزمة ممتدة من قبل الحرب الروسية الأوكرانية


وحتى قبيل الحرب الروسية الأوكرانية، كان سعر صرف الدولار داخل مصر 15.6 جنيها، إلا أن الضغوط التي واجهتها الاستثمارات الأجنبية في أدوات الدين المصرية دفعت لتخارج أكثر من 15 مليار دولار.


ولطالما كانت مصر سوقا جاذبة للاستثمارات الأجنبية في أدوات الدين بسبب أسعار الفائدة المرتفعة، إلا أن المخاوف الجيوسياسية في شرق أوروبا دفعت المستثمرين لتسييل استثماراتهم.


ويحاول البنك المركزي ضبط الأسواق المحلية من خلال رزمة إجراءات تنظم الحصول على النقد الأجنبي اللازم للاستيراد، إلا أن الموانئ حتى اليوم تفيض بالسلع، التي يحتاج أصحابها لنقد أجنبي لأغراض التخليص.


وبحسب وكالة بلومبيرغ، "ألقى ارتفاع الدولار بثقله على عملات شركاء مصر التجاريين ونظرائهم من البلدان النامية.. يسير الجنيه المصري في طريقه للشهر السابع من التراجعات، وهي أسوأ موجة منذ 2013".


ولا تزال حكومة السيسي في رحلة مباحثات مع صندوق النقد الدولي لبرنامج إصلاحات وتمويل، والذي توقع خبراء أن يعلن عنه خلال أكتوبر المقبل.


وصندوق النقد الدولي على ما يبدو بحاجة إلى سعر صرف أكثر مرونة مما هو عليه حاليا، وهو ما يعزز توقعات بنوك استثمار أميركية بوصول الدولار إلى 23 جنيها.


يذكر أن لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري سوف تجتمع في الثالث من نوفمبر المقبل، لتحديد أسعار الفائدة بعد 3 اجتماعات لم تغير فيها سعر الفائدة.