تعدّ مضاعفات القدم السكرية من أهم التحديات الصحية التي تواجهها المجتمعات في شتى بقاع الأرض، وتشير الإحصائيات إلى أن 25% من مرضى السكري عرضة للإصابة بتقرحات القدم السكرية، وذلك وفق بيان نشرته مؤسسة حمد الطبية في قطر على صفحتها بموقع فيسبوك، اليوم الأحد.


وقالت المؤسسة: إن الكثير من الجهود تبذل للحيلولة دون اللجوء إلى بتر الأطراف، بما فيها القدم السكرية.


وقال الدكتور محمد سليمان العقاد، نائب رئيس قسم الجراحة في مؤسسة حمد الطبية: "تعد التقرحات الجلدية السبب الرئيس وراء غالبية مشاكل ومضاعفات القدم السكرية التي تتفاقم لتصل إلى حد بتر الطرف المصاب، ولكن يمكن تجنب ما نسبته 85% من حالات اللجوء إلى بتر الأطراف المصابة إذا تمّ التشخيص المبكر لهذه التقرحات ومعالجتها معالجة صحيحة؛ لذا يعد التثقيف الصحي والوقاية والتشخيص خط الدفاع الأول في التصدي لتقرحات القدم".


تقرحات القدم السكرية

وأوضح الدكتور العقاد أن تقرحات القدم السكرية تعد من أخطر المضاعفات والمشاكل الصحية التي تهدد مرضى السكري، ويتراوح خطر الإصابة بتقرح القدم السكرية من 19% إلى 35%. وعلى الرغم من التقدم الذي أحرز في مجال العناية بالقدم ومعالجة الجروح، فإن الكثير من مرضى تقرحات القدم السكرية ينتهي بهم المطاف ببتر أطرافهم السفلية، لذا فإن خبرة ومهارة الفريق متعدد التخصصات الطبية الذي يقدم خدمات متكاملة للعناية بالقدم تعد ضرورة لا يمكن الاستغناء عنها في المعالجة الناجحة والحصول على نتائج علاجية متميزة.


من جانبه، شدد الدكتور رشاد الفقي، رئيس قسم العناية المتقدمة بالجروح في مؤسسة حمد الطبية، على أهمية التثقيف الصحي لأفراد المجتمع، إذ قال: "يتعين علينا -بوصفنا كوادر رعاية صحية- تثقيف مرضى السكري والذين ترتفع لديهم مخاطر الإصابة بتقرحات القدم السكرية وتوعيتهم حول ضرورة القيام بإجراء فحوصات دورية ومراقبة سلوك الوقاية الذاتية، مثل اختيار الأحذية المناسبة.


كما يتعين على أفراد أسرة المريض مراقبة قدم المريض يوميا، والقيام ببعض أعمال الرعاية ذات الصلة، مثل تقليم أظافر قدم المريض الذي لا يقوى على الحركة أو الذي يعاني ضعفا في قدراته الإدراكية. ولما كان تحفيز المرضى على اتباع هذا السلوك الوقائي مهمة صعبة، فإنه يقع على عاتق كوادر الرعاية الصحية وضع واستخدام إرشادات مباشرة، يتم وضعها بحيث تتناسب مع النمط الحياتي للمريض".


وخلص الدكتور الفقي إلى القول إن الأدلة والبراهين العلمية قد أظهرت مرارًا وتكرارًا أن ممارسات الفرق المتعددة التخصصات الطبية المعنية بالعناية بالقدم تعمل على تعزيز النتائج العلاجية لمشاكل ومضاعفات تقرحات القدم السكرية؛ فعلى سبيل المثال كشفت إحدى الدراسات عن أن إجمالي عمليات بتر الأطراف انخفض بنسبة 70% على مدى الـ11 عاما الماضية، ويرجع الفضل في ذلك إلى التحسينات التي أدخلت على خدمات العناية بالقدم.


ما مرض السكري؟

السكري مرض استقلابي -الاستقلاب يعرف أيضا بالتمثيل الغذائي، وهو عملية تحويل الغذاء إلى طاقة ومواد أخرى يستخدمها الجسم- يسببه نقص هرمون الأنسولين، أو ضعف الاستجابة الطبيعية من خلايا الجسم للأنسولين الذي يُدخِل السكر الموجود في الدم (الغلوكوز) إلى الخلايا، وفي كلتا الحالتين تكون النتيجة متشابهة؛ إذ ترتفع مستويات الغلوكوز في الدم فوق الحد الطبيعي، ويؤدي ذلك إلى تأثيرات سلبية على الجسم عاجلا أو آجلا.


الأنسولين هرمون تصنعه خلايا "بيتا" في البنكرياس، الذي يفرز الأنسولين إلى مجرى الدم بعد تناول الطعام، وذلك استجابة لارتفاع السكر في مجرى الدم.


ويشكل الغلوكوز الطاقة التي يتحول إليها الغذاء الذي يأكله الإنسان، ويفرز في الدم فتأخذه خلايا الجسم وتحرقه لإنتاج الطاقة اللازمة لعملياتها الحيوية. ولفعل ذلك، فإنها تحتاج إلى هرمون الأنسولين الذي يجعل الغلوكوز يتحرك من مجرى الدم إلى الخلايا.


وكلما ارتفع مستوى الغلوكوز في الدم، أفرز البنكرياس كمية أكبر من الأنسولين لخفضه، أما إذا انخفض فإن البنكرياس يقلل أو يوقف إفراز الأنسولين، ويفرز الجسم بالمقابل 4 هرمونات أخرى لرفع مستواه في الدم، وهي الغلوكاغون والكورتيزول والأدرينالين وهرمون النمو، ما يجعل الكبد يطلق الغلوكوز إلى مجرى الدم.


في الأحوال الطبيعية، يحافظ الجسم على مستوى الغلوكوز في الدم بنطاق يتراوح من 70 لـ120 ملليغراما لكل ديسيلتر، وذلك عبر آلية تضمن الحفاظ على مستواه حتى لو صام الشخص مدّة طويلة عن الطعام، أو (بالعكس) تناول كمية كبيرة منه؛ أما في داء السكري، فيرتفع الغلوكوز فوق الحد الطبيعي.