هذه حقيقة لم نختلقها، ووقائع لا ننفيها.. فمصر التي ارتفع معدل الفقر فيها إلى الثلث، هي مصر التي تحتل المرتبة الثانية على مستوى القارة الإفريقية من حيث الثروات الخاصة ببعض مواطنيها ورجال أعمالها.

ووفقًا لتقرير صادر حديثًا (بي دي إف) عن شركة هينلي أند بارتنرز لمنح الجنسية عبر الاستثمار، جاءت مصر كثاني أغنى دولة في إفريقيا من حيث الثروات الخاصة بثروة إجمالية 307 مليارات دولار.

وجاءت جنوب إفريقيا في المركز الأول بفارق كبير من حيث الثروة الإجمالية وكذلك عدد الأشخاص أصحاب الملايين (كل من تتجاوز ثروته مليون دولار)، والمالتي مليونيرات (كل من تتجاوز ثروته 10 ملايين دولار) والسينتي مليونيرات (كل من تتجاوز ثروته 100 مليون دولار).

أكبر عدد من المليارديرات

وتمتلك مصر أكبر عدد من المليارديرات في القارة السمراء، بعدد 7 من إجمالي 21 مليارديرًا في القارة. ومعظمهم (4) يعيشون في القاهرة، والتي يشير التقرير إلى أنها ثالث أغنى مدينة في القارة من حيث الثروات الخاصة والتي تصل إلى 128 مليار دولار (42% من إجمالي الثروة الخاصة في مصر)، ويوجد 8200 شخص من أصحاب الملايين، و440 مالتي مليونير، و29 سينتي مليونير في القاهرة.

وجاءت الإسكندرية في المركز الثالث عشر ضمن أغنى المدن في إفريقيا، إذ يوجد بها 23 مليار دولار من الثروات الخاصة، ونحو 1700 من أصحاب الملايين، و100 مالتي مليونير، و8 سينتي مليونيرات، وملياردير واحد، بحسب التقرير.

تقترب تلك الأرقام من البيانات التي ذكرها تقرير سابق في عام 2020 أعدته شركة فرانك نايت للاستشارات، إذ وجد تقرير الشركة أن مصر تمتلك ثاني عدد من كبار الأثرياء في إفريقيا – هؤلاء الذين تتجاوز ثروتهم 30 مليون دولار – فيما جاءت جنوب إفريقيا في المركز الأول، ونيجيريا في المركز الثالث.

وخلص تقرير آخر في عام 2018 أصدره بنك أفراسيا إلى أن مصر هي ثاني أغنى دولة في إفريقيا من حيث إجمالي الثروة، ولكنها تحتل المرتبة السادسة من حيث نصيب الفرد من الثروة.

ثروات القارة

ومن المتوقع أن تنمو الثروات الخاصة في القارة بنحو 38% وتصل إلى ثلاثة تريليونات دولار خلال السنوات العشر المقبلة، والتي من المرجح أن تكون مدفوعة بالنمو في التكنولوجيا والخدمات المهنية. وقال أندرو أمويلز رئيس قسم البحوث في شركة نيو وورلد ويلث لمعلومات الثروات في جنوب إفريقيا لوكالة بلومبرج: "نتوقع نموًا قويًا بشكل خاص في ثروات السينتي مليونيرات".

ولكن بشكل عام تقلصت الثروات الخاصة في مختلف أنحاء القارة منذ عام 2011، حيث يبلغ إجمالي الثروات الخاصة في إفريقيا نحو 2.1 تريليون دولار، انخفضت بنسبة 7% في العشر سنوات بين عامي 2011 و2021. ويرجع هذا بالأساس إلى "ضعف العوائد على الثروة" في جنوب إفريقيا ومصر ونيجيريا.

وشهدت مصر وحدها انخفاضًا في الثروات الخاصة بنسبة 23% على مدار العقد الماضي. والأمر نفسه حدث في نيجيريا وجنوب إفريقيا حيث انكمشت الثروات الخاصة بنسبة 27% و12% على الترتيب خلال الفترة نفسها.

وكانت 2020 بشكل خاص سنة صعبة على الثروات في إفريقيا، إذ شهدت تراجع عدد أصحاب الثروات المرتفعة من 138 ألف شخص في 2019 إلى 125 ألفًا في 2020، وهو أكبر تراجع في عام واحد على مدار السنوات العشر الماضية.

نمو الدول الأقل فقرًا

وعلى الجانب الاخر، شهدت الدول الأكثر فقرًا نموًا في الثروات خلال الفترة: يبلغ إجمالي الثروات الخاصة في موريشيوس نحو 44 مليار دولار، وهي أقل بكثير من مصر ونيجيريا وجنوب إفريقيا، لكنها شهدت زيادة بلغت 74% في الثروات الخاصة خلال العقد الماضي. لكن رواندا التي تذيلت تصنيف التقرير بـ 11 مليار دولار من الثروات الخاصة فقط، شهدت زيادة 60% خلال الفترة نفسها.

بعض الدول الكبرى تحقق أداء ضعيفًا في ما يتعلق بنصيب الفرد من الثروة؛ يعد هذا المعيار مؤشرًا أفضل لقياس مدى تركيز الثروة في الدول، وقد تفوقت موريشيوس على كل دول القارة بمراحل، إذ بلغ نصيب الفرد من الثروة 34.5 ألف دولار. واحتلت مصر المركز السادس بنحو 3000 دولار للفرد، بينما تراجعت نيجيريا (التي جاءت ثالثة بعد مصر في حيازة الثروات الخاصة) إلى المركز الحادي عشر بنحو 1100 دولار للفرد.

ما معنى هذا؟

أشار تقرير هينلي إلى عدة أسباب تضع موريشيوس في المقدمة، منها سهولة ممارسة الأعمال التجارية في البلاد، والسلامة، ونمو قطاع الخدمات المالية. وبالإضافة إلى هذا، هناك أيضا عامل عدد السكان القليل الذي لا يتجاوز 1.26 مليون نسمة في موريشيوس، مقارنة بعدد سكان جنوب إفريقيا ومصر ونيجيريا.

من المتوقع أن تقود موريشيوس ورواندا وأوغندا النمو في أسواق الثروة، والتي يمكن أن تصل إلى 60% خلال العقد المقبل، وفق التقرير. بينما يمكن أن تشهد الدول الأخرى في القائمة نموًا معتدلاً بنسبة 20-40% خلال الفترة نفسها.

لا يزال من الصعب تجاهل تفشي عدم المساواة في معظم أنحاء إفريقيا؛ إذ تعد جنوب إفريقيا صاحبة أعلى معدلات عدم المساواة في القارة، حيث يمتلك أغنى 10% من السكان أكثر من 85% من الثروات العائلية، ويكدس نحو 3500 شخص فقط ثروات أكثر مما يملك أفقر 32 مليون شخص في البلاد.

أما في مصر فقد ارتفع معدل الفقر إلى 32.5% في العام المالي 2018/2017، مقارنة بـ 27.8% في عام 2015، بينما يمتلك أعلى 10% من أصحاب الدخل 49.9% من الدخل القومي.