رفعت حكومة الانقلاب تقديراتها لسعر برميل البترول بموازنة العام المالي المقبل 2022/2023 -التي يبدأ العمل بها أوائل يوليو المقبل- إلى نحو 80 دولارًا. ومع ذلك لا يزال أقل من السعر العالمي الذي يحوم فوق 110 دولارات للبرميل. في الوقت الذي رفعت فيه الحكومة دعم المواد البترولية بالموازنة الجديدة إلى 28 مليار جنيه. وهنا تطرح التساؤلات: “فلماذا ارتفاع دعم الوقود بعد سنوات من التراجع؟ وهل سيكون هناك تأثير محتمل على تسعيرة بيع المنتجات البترولية في مصر؟”.

 

9.6 مليار جنيه زيادة في دعم البترول

وخلال الأشهر الماضية استغرقت وزارة البترول وهيئاتها التابعة في هيكلة دعم المواد البترولية للعام المالي 2022/2023. حتى خلصت لزيادة الدعم بنحو 9.6 مليار جنيه.

وكشف البيان المالي لمشروع الموازنة العامة للعام المالي 2022/2023 ارتفاع دعم المواد البترولية بنسبة 52.6% وبقيمة زيادة تبلغ 9.68 مليار جنيه على أساس سنوي. ليصل دعم الوقود خلال العام المالي المقبل إلى 28.09 مليار جنيه. مقابل 18.41 مليار جنيه بموازنة العام المالي الجاري -المنتهي في 30 يونيو المقبل.

وافترضت حكومة الانقلاب في موازنة العام المالي الحالي 2021-2022، متوسط سعر خام برنت عند 60 دولارًا للبرميل، إلا أنها تدفع حاليًا ضعف هذا السعر تقريبًا جراء أزمة الإمدادات التي أحدثتها الحرب في أوكرانيا.

 

لماذا ارتفع الدعم بالموازنة الجديدة؟

وأرجع مدحت يوسف، نائب رئيس هيئة البترول السابق، ارتفاع دعم المواد البترولية بموازنة العام المالي المقبل لارتفاع سعر خام برنت لمستويات قاربت ضعف السعر المقدر بموازنة العام الجاري.

ولفت في تصريحات صحفية إلى أن أحد أسباب ارتفاع دعم المواد البترولية هو التغير في سعر صرف الدولار أمام الجنيه. وما شهده من تحرك خلال الفترة الماضية. ما أثر بشكل سلبي مباشر على قيمة فاتورة الاستيراد الشهرية للوقود.

من جانبه أكد طارق الحديدي، رئيس الهيئة العامة للبترول سابقًا، أنه يتم احتساب دعم البترول في الموازنة على أساس متوسط سعر البرميل. ومن المتوقع أن يسهم كل تغير في سعر البترول بمقدار 1 دولار للبرميل إلى تغير في حجم الدعم المخصص لهذا البند بالموازنة بنحو 3-4 مليارات جنيه. ما سيؤدي إلى تدهور صافي العلاقة مع الخزانة وبالتالي زيادة العجز الكلي.

ويمثل الدعم الذي تتضمنه الموازنة قيمة ما تتحمله الدولة نتيجة بيع بعض المنتجات البترولية بأسعار تقل عن تكلفة توافرها للسوق المحلية. سواء عن طريق الإنتاج المحلي أو استيراد بعضها من الخام مثل استيراد الخام وبعض المنتجات البترولية وأنبوبة البوتاجاز والمازوت للمخابز.

كيف سيؤثر دعم البترول على المواطن؟

ووفقًا لتقديرات خبراء الطاقة فإن حكومة الانقلاب قد تلجأ إلى سيناريوهات عدة خلال العام المالي المقبل. وذلك لتدبير دعم المواد البترولية.

وأحد هذه السيناريوهات تحريك أسعار الوقود محليًا لتقيص الضغط على الموازنة وتوفير جزء من فارق الـ9 مليارات جنيه -التي تم زيادتها في موازنة 2022/2023.

وأوضح رمضان أبو العلا، الخبير البترولي، أن حكومة الانقلاب ستلجأ إلى تحريك الوقود محليًا لكبح عجز الميزانية بعد رفع الدعم عن المواد البترولية. لكن ذلك سيعصف بالمواطنين من خلال تأثير تحركات الوقود على مستوى المعيشة وباقي السلع والمنتجات.

ولفت في تصريحات صحفية إلى أن أحد موارد الدولة لسد عجز الموازنة يعتمد على التحركات السعرية للمنتجات. ومنها تسعيرة الوقود -التي باتت محكومة بلجنة التسعير التلقائي للوقود- ومن ثم يكون المواطن أكثر عرضة لتحمل جزء من فارق فاتورة دعم المواد البترولية.

 

كيف تطور دعم الوقود آخر 5 سنوات؟

أظهرت بيانات وزارة المالية أن دعم السلع البترولية انخفض بنحو 84.8% خلال آخر 5 سنوات. حيث خصصت الحكومة نحو 18.4 مليار جنيه لهذا البند في موازنة العام الحالي 2021-2022 مقابل 120.8 مليار جنيه في عام 2017-2018.

وكانت الحكومة المصرية خصصت نحو 28.1 مليار جنيه لدعم المنتجات البترولية في العام المالي 2020/2021 مقارنة بنحو 52.9 مليار في العام المالي 2019/2020.

ووصل دعم المواد البترولية خلال العام المالي 2018/2019 نحو 84.7 مليار جنيه.

وفي 2017/2018 بلغ نحو 120.8 مليار جنيه. وهي النسبة الأعلى خلال السنوات الماضية.

 

زيادة 20% في فاتورة الاستيراد

تأثير ارتفاعات النفط لم تقتصر على أوضاع المواطن. بل طالت فاتورة استيراد الوقود الشهرية التي باتت تتجاوز المليار دولار شهريًا بزيادة تخطت 20% تأثرًا بتقلبات الأسعار العالمية -وفق مصادر بالهيئة العامة للبترول.

وأضافت المصادر أن قيمة المنتجات البترولية التي تم توفيرها للسوق المحلية من الخارج تأثرت سلبًا بحركة أسعار خام برنت التي تخطت 115 دولارًا للبرميل. مقابل سعر كان يتراوح بين 80 و85 دولارًا للبرميل بداية 2022. وبالتالي فإن الموازنة العامة للدولة لا تزال تعاني من تقلبات أسعار النفط وسيزداد الأمر مع رفع قيمة الدعم بالموازنة الجديدة.

وأشارت إلى أن فاتورة الاستيراد الشهرية قبل الأزمة الروسية الأوكرانية كانت تتراوح بين 770 و790 مليون دولار شهريًا. وحاليًا قاربت 1.05 مليار دولار. في ظل لجوء وزارة البترول لتوفير نحو 25% من استهلاك الوقود من الخارج لسد الفجوة الداخلية بالسوق.

ووصل إجمالي ما تم استهلاكه من المنتجات البترولية والغاز الطبيعي خلال عام 2021 إلى نحو 75.8 مليون طن بزيادة نسبتها 6% عن العام السابق.