قام الرئيس السوري بشار الأسد بزيارة نادرة وغير متوقعة إلى إيران في الثامن من مايو الجاري، فتحت باب التكهنات أمام أهداف هذه الزيارة التي فسرها البعض أنه يريد منح إيران مساحة أكبر في الساحة السورية.

هذه الأخبار تأتي بالتزامن مع تقارير نقلتها صحف إسرائيلية وغربية، تفيد بنية روسيا سحب مقاتليها من سوريا من ثلاثة مطارات لزجّهم في المعركة في أوكرانيا.

وتعتبر موسكو حليفًا قويًا لدمشق حيث دعمت الروس قوات الرئيس السوري بشار الأسد بضربات جوية ضد معارضي النظام خلال الحرب الأهلية السورية عام 2015.

وتقول موسكو إن أكثر من 63 ألف جندي روسي يتمركزون في سوريا في السنوات الأخيرة.

وذكرت صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية أن روسيا تنقل وحدات من سوريا لدعم قواتها في أوكرانيا. مضيفة أن "إيران قد تستفيد من سحب القوات الروسية عن طريق نقل وحداتها إلى المناطق التي سينسحب منها الروس".

ولكن الصحيفة شككت بقدرة إيران على سدّ الفراغ الروسي.

صحيفة "موسكو تايمز" الروسية المعارضة، التي أغلقت مؤخرًا في روسيا وتعمل حاليًا في آمستردام، ذكرت أيضًا أن بوتين ينوي سحب جزء قواته، حيث قالت في خبر أن "عملية سحب القوات تأتي بهدف تسريع الحملة المتوقفة لضم دونباس"، محددة الرقم بـ4000 عسكري.

وكان مسؤول كبير في البنتاجون قال إن تقدم الجيش الروسي في الأسابيع الثلاثة الماضية كان ضئيلًا على جبهة الدونباس.

ووفقًا له يعاني الجيش الروسي من المشاكل نفسها التي حدثت أثناء الهجوم على كييف، القيادة الضعيفة، انخفاض الروح المعنوية، ضعف الخدمات اللوجستية، كل ذلك يؤدي إلى تأخُّر الهجوم عن الجدول الزمني.

 

تقوية قبضة إيران

وذكر تقرير لصحيفة "تايمز أوف إسرائيل" نقلاً عن "موسكو تايمز"، أن القواعد التي أخليت نقلت بدورها إلى الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني، وفق ما زعمت الصحيفة.

في المقابل، رأى محللون إسرائيليون أن هذا التقرير إن صح ما جاء فيه يعني تقوية قبضة إيران في سوريا والمنطقة، الأمر الذي يدعو للقلق.

وحذر الخبير في شؤون الشرق الأوسط إيهود يعاري من أنه بدون النفوذ الروسي في دمشق وعلى الأرض، يمكن لطهران بسهولة دفع وحداتها إلى سوريا، فضلاً عن التأثير على نظام الأسد، وفق الصحيفة.

يأتي ذلك في وقت سعت فيه روسيا دائماً إلى تقييد وتقليص موطئ قدم إيران في سوريا، خصوصاً داخل قوات النظام السورية والأجهزة الأمنية، بحسب التقرير.

وحافظت إسرائيل وموسكو في السنوات الأخيرة على ما يسمى آلية عدم الاشتباك والتضارب والتي تعمل على منع القوات الإسرائيلية والروسية من الاشتباك في سوريا.

يذكر أن إسرائيل منذ سنوات شنت حملة من الضربات الجوية استهدفت مقاتلين موالين لإيران متواجدين في سوريا لمنع نقل الأسلحة الإيرانية، من دون أن تعلن مسؤوليتها عن تلك الضربات بشكل رسمي.

 

هل تريد إيران لعب هذا الدور؟

بالنظر إلى واقع الانتشار للقوات من كلا الجانبين، يبدو أن إيران تريد التوسع والانتشار أكثر داخل الأراضي السورية، وترحب في أي عرض بهذا الشأن، فهذا يخدم مصالحها ويعطيها مرونة أفضل للحركة بين العراق ولبنان عبر سوريا.

وربما سيشتت إسرائيل التي وجهت الكثير من الضربات الجوية في سوريا ضد الحرس الثوري الإيراني بمواقعه المعروفة.

في الجانب الآخر يتوقع في حال صحة هذه الأنباء أن تكثف إسرائيل من ضرباتها الجوية، وهذه المرة بحرية أكبر، فغياب الطيران الروسي الذي ربما يشكل "فيتو" في بعض الأحيان على بعض المناطق، حيث على الطيران الإسرائيلي تجنب القوات الروسية، كما هو متفق، بحسب جيروزاليم بوست.

وفقا لهذه التقارير فإن بشار الأسد يبحث عن جهات تستطيع تثبيت حكمه والأقرب لهذه المهمة بعد روسيا هي إيران، الحليف الإقليمي له، فيما يبدو أنها مهمة صعبة للغاية، فبوجود إسرائيل والجارة تركيا المستعدة دائمًا للدخول وتنفيذ العمليات داخل الأراضي السورية وهي التي تملك بالفعل قوات منتشرة في بعض المناطق شمال سوريا.