في عام  1836 صدر أول جنيه مصري، وطرح للتداول بديلا عن العملة الرسمية المتداولة حينذاك وهي الذهب والفضة، وكانت قيمته الشرائية وقتها تساوي أكثر من القيمة الشرائية لـ 20 ألف جنيه في الوقت الحالي.

 

 
ظل الجنيه المصري من أقوى العملات في العالم لفترة طويلة، وكان يفوق الجنيه الإسترليني ويعادل 5 دولارات أميركية، وبدأت قيمته في التراجع منذ سيطرة الجيش على حكم مصر في يوليو 1952 حتى تجاوز سعر صرف الدولار 18 جنيها مصريا، في الوقت الحالي، ومن المنتظر أن تنخفض قيمته خلال الأيام القليلة القادمة لتصل حسب التوقعات بين 22 إلى 25 جنيه للدولار الواحد، متأثرا برفع البنك الفيدرالي الأمريكي للفائدة بنسبة 0.5 في المائة.

 

 
توقعات سلبية للجنيه

 

 
ورغم عدم صدور قرار رسمي من البنك المركزي المصري، فإن رواد مواقع التواصل توقعوا ارتفاعا جديدا في سعر الدولار، يزيد من معاناة المصريين الذين يواجهون بالفعل موجة تضخمية وارتفاعا مستمرا في الأسعار.

 

 
تلك التوقعات السلبية، دفعت نشطاء للتفاعل أيضا عبر وسم "الجنيه المصري" ووسمي الدولار والذهب، حيث سيطر الحديث عن تعويم جديد منتظر في سعر الجنيه أمام الدولار، وتحدث البعض عن سيطرة الدولار على الاقتصاد المصري والعالمي، فيما تحدث آخرون حول ضرورة شراء الدولار أو الذهب تحسبا للانخفاض المتوقع في سعر الجنيه.

 

 
آراء الخبراء
 
ووسط ترقب كبير لرد فعل رسمي مصري في الساعات القادمة على رفع الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لسعر الفائدة، وما إذا كان البنك المركزي سيقرر رفع سعر الفائدة، يرى خبراء اقتصاديون أن البنك المركزي المصري سيرفع سعر الفائدة.

 

 
وتقول الخبيرة الاقتصادية، حنان رمسيس، إن المركزي سوف يلجأ لرفع سعر الفائدة خلال الفترة القادمة، نظرا لأن كل الاقتصاديات حول العالم بدأت بتطبيق هذا الإجراء لكبح جماح التضخم العالمي، الذي بدأ في الوصول إلى معدلات خطيرة جدا لم تصل إليها منذ سنوات طويلة سواء في الولايات المتحدة أو أوروبا، وفقا لـ"سبوتنيك".

 

 
وأضافت: هذا الإجراء سوف يلجأ إليه المركزي المصري أيضا للتغلب على الآثار السلبية لانخفاض قيمة الجنيه مقابل سلة العملات الأجنبية وانخفاض قدرته الشرائية، وموجه التضخم التي تزداد يوما بعد يوم، بسبب ارتفاع أسعار السلع الأساسية والخدمات وغيرها، فكل ذلك يدعو البنك المركزي للتفكير جديا في رفع سعر الفائدة.

 

 
وأوضحت أن الرفع في سعر الفائدة هذه المرة لن يكون بمقدار 1% كما حدث المرة السابقة، لكن سوف ترتفع هذه المرة بصورة كبيرة، ودليل ذلك أن البنك المركزي سمح للبنوك الوطنية بأن تقبل ودائع بفائدة 18%، فلو تم حساب سعر الفائدة مع معدل التضخم الذي يمنحه البنك المركزي للبنوك المتعاملة في الوقت الحالي سنجد أنه في تلك الحالة ستكون الفائدة سلبية، لأننا نتحدث اليوم عن معدل تضخم يتجاوز الـ10%.

 

 
تأثير رفع سعر الفائدة الأمريكي على مصر

 

 
تقول منى مصطفى محللة في شركة عربية أونلاين، إن تأثير رفع الفائدة على الدولار سيكون ملحوظا على الأسواق الناشئة وبينها مصر، خاصة فيما يتعلق بالديون الدولارية لأن رفع الفائدة يقوي سعر الدولار وهذا سينتج عنه ضعف العملات في الأسواق الناشئة مقارنة بالعملة الأمريكية، إضافة لزيادة فاتورة الاستدانة.

 

 
وأضافت أن "الاستثمار في أدوات الدين الحكومية والسندات السيادية سينخفض بشكل ملحوظ وستتأثر سلبا".

 

 
وأضافت "التأثير السلبي لن يكون فقط على الدين سيطال أيضا الاستثمارات ومعدلات الفائدة ومعدلات الاستدانة وكذلك ارتفاع الأسعار سيرفع من معدل التضخم".

 

 
ويتفق أيمن أبو هند، خبير الاستثمار ومؤسس ومدير الاستثمار بشركة "أدفايزبول ويلث إنجنز، مع توقعات ارتفاع التضخم خلال الفترة المقبلة بسبب عاملين أساسيين.

 

 
وقال أبو هند "التضخم سيكون مرتفعا لأننا بلد مستورد ومع ارتفاع أسعار السلع المستوردة سيزيد معدل التضخم".

 

 
وأرجع أبو هند زيادة الأسعار المتوقعة إلى الأزمة العالمية بسلاسل التوريد، إضافة إلى ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه ما يؤثر على المعروض في السوق المحلي.

 

 
لكن رضوى السويفي،  رئيسة قسم البحوث في شركة الأهلي فاروس لتداول الأوراق المالية، ترى أن قرارات البنوك المركزية هي محاولة لمواجهة التضخم المرتفع.

 

 
وقالت "التحرك في رفع سعر الفائدة يسيطر على التضخم والضغوط الناتجة على سعر الصرف من رفع الفائدة على الدولار".

 

 
مقترحات وخطوات

 

 
من جهته، قدّم الخبير في الشؤون الاقتصادية والكاتب الصحفي مصطفى عبد السلام، نصائح عدة للنظام المصري الحالي للتعامل مع الأزمة المقبلة، مشيرا إلى إمكانية الحد من التأثيرات السلبية لرفع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة.

 

 
وعبر حسابه بالفيسبوك، طالب عبد السلام البنوك بأن تسرع في ملء ماكينات الصرف الآلي بالنقود لطمأنة الناس، كما دعا إلى عدم التكالب على شراء الدولار من قبل الأفراد والمدخرين دون ضرورة، وإيداع الدولارات في البنوك، وعدم التكالب على شراء السلع، ومقاطعة السلع التي يرتفع سعرها وتفضيل المنتج المحلي.

 

 
وأشار إلى ضرورة تشكيل مجموعة اقتصادية محترفة ومستقلة لإدارة الملف الاقتصادي بعيدا عن الحكومة الحالية وعن أي ضغوط سياسية، على أن يتم تنفيذ ما تتوصل له على الفور، مع ترك مهمة إدارة السياسة النقدية للبنك المركزي دون تدخلات سياسية، واتخاذ البنك المركزي خطوات سريعة لطمأنة السوق والمتعاملين مع البنوك.

 

 
ولفت عبد السلام إلى أهمية خفض الدولار الجمركي وتجميد ضريبة القيمة المضافة مؤقتا حتى تهدأ الأسعار، مع طرح أوعية ادخارية جذابة للمتعاملين مع البنوك، وذلك للحد من عودة ظاهرة الدولرة الخطيرة على الاقتصاد وسوق الصرف، على حد قوله.

 

 
واختتم الكاتب المتخصص بالاقتصاد بالقول إن أبرز الخطوات هي لجم الاقتراض الخارجي الذي هو السبب الرئيسي للأزمة التي تمر بها البلاد حاليا.