تتصاعد الجهود الدولية لإنزال عقوبات على روسيا جراء غزوها لأوكرانيا، وبلغت حدة هذه العقوبات إلى الدعوة لتجريد روسيا من عضويتها الدائمة في مجلس الأمن، كما بدأت أمس وأول أمس إجراءات لعزل موسكو دبلوماسيًا مع طرد الاتحاد الأوروبي عشرات الدبلوماسيين، في محاولة لدفع فلاديمير بوتين إلى إنهاء الحرب التي بدأها، والتي أسفرت عن سقوط آلاف الضحايا وفرار الملايين، وفقًا لـ"يورو نيوز".

ولكن هل يمكن سحب المقعد الذي نالته روسيا خلفًا للاتحاد السوفياتي في العام 1991؟

خرق ميثاق الأمم المتحدة

أدان معظم أعضاء الأمم المتحدة روسيا لهجومها على أوكرانيا. واتخذ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش خطوة نادرة باتهام روسيا بخرق ميثاق الأمم المتحدة.

وقال السفير الأوكراني لدى الأمم المتحدة، سيرجي كيسليتسيا، في اجتماع ليلة الأربعاء، إن المادة 4 من ميثاق الأمم المتحدة تنص على أن الأمم المتحدة مفتوحة فقط للدول المحبة للسلام التي تقبل شروط الميثاق. وذكر أن تصرفات روسيا تظهر أنها لا تستطيع الامتثال لتلك الشروط.

لكنه طلب أيضًا من غوتيرش أن يوزع على مجلس الأمن المذكرات القانونية التي كتبها المستشار القانوني للأمم المتحدة بتاريخ 19 ديسمبر 1991 والتي تسمح للاتحاد الروسي بالانضمام إلى مجلس الأمن خلفًا للاتحاد السوفيتي.

وتدّعي أوكرانيا أن الجمهوريات المكونة لاتحاد الجمهوريات السوفياتية أعلنت في عام 1991 أن الاتحاد السوفيتي لم يعد موجودًا، وكان ينبغي أن يكون معها الحق القانوني لأي من هذه الكيانات، بما في ذلك روسيا في الحصول على المقعد وليس فقط روسيا. ولم يُعرض على الجمعية العامة أي قرار بالسماح لروسيا بعضوية مجلس الأمن. ولم يتم تعديل ميثاق الأمم المتحدة أبدًا بعد تفكك الاتحاد السوفيتي. ولا تزال المذكرة تشير إلى الاتحاد السوفيتي، وليس روسيا، كأحد الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

وعلى النقيض من ذلك في عام 1991، كان انضمام الصين إلى الأمم المتحدة خاضعًا لقرار. ووضع شرطا للانضمام بالقول إنه يجوز للأمم المتحدة (الجمعية العامة) أن تطرد من عضويتها من ينتهك باستمرار المبادئ الواردة في هذا الميثاق بناءً على توصية من مجلس الأمن.

ويزعم الروس أن أفعالهم في أوكرانيا تتماشى مع البند 51 من الميثاق بدعوى الدفاع عن النفس.

"حق النقض لا حق الموت"

طالب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الثلاثاء في كلمة ألقاها أمام مجلس الأمن، بطرد موسكو من المجلس التابع للأمم المتحدة، داعيًا إلى إصلاح نظام الهيئة الاممية بحيث "لا يكون حق النقض يعني حق الموت".

وتساءل زيلينسكي: "أين مجلس الأمن؟ من الواضح أن المؤسسة المهمة في العالم المعنية بحماية السلام لا تستطيع العمل بفعالية".

وتابع الرئيس الأوكراني، في حضور الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، "إما أن تستبعدوا روسيا باعتبارها بلدًا معتديًا ومبادرًا إلى الحرب حتى لا تعرقل القرارات المتعلقة بعدوانها. ثم نبذل كل ما في وسعنا لتحقيق السلام، أو إظهار أنه يمكننا القيام بإصلاح أو تغيير إذا لم يكن هناك بديل أو خيار، سيكون الخيار التالي هو حل أنفسكم".

رغبة أمريكية وبريطانية

كانت بريطانيا قد أعلنت سابقا على لسان الناطق باسم رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون بأنها منفتحة على طرد موسكو من مجلس الأمن الدولي، والمملكة المتحدة هي من بين الأعضاء الدائمين فيه.

وقال المتحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون حينها، إن "جونسون لم يتخذ موقفًا من ذلك بعد، لكن يمكننا القول إننا نريد عزل روسيا دبلوماسيًا، وسندرس كل الخيارات التي تُفضِي إلى ذلك".

وفي سياق متصل، ذكر موقع "أكسيوس" قبل مدة، أن الكونغرس الأمريكي يريد طرد روسيا من مجلس الأمن بسبب غزوها لأوكرانيا، رغم صعوبة هذا التوجه وعدم وجود أي فرص حقيقية لتطبيقه على أرض الواقع.

وبحسب "أكسيوس" كان هناك مشروع قرار متداول في الكونغرس بين أعضاء مجلس النواب من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، وتشرف عليه النائبة كلوديا تيني (الحزب جمهوري)، وأشار "إكسيوس" إلى أن القرار يطالب الأمم المتحدة باتخاذ إجراءات فورية لتعديل المادة 23 من ميثاقها لاستبعاد روسيا من العضوية الدائمة في مجلس الأمن.

وتابع الموقع الأمريكي، أن أحد الأسباب التي دفعت بعض الدول إلى محاولة استبعاد موسكو عن مجلس الأمن، كان تولي المندوب الروسي فاسيلي نيبينزيا منصب الرئيس الدوري للجنة خلال شهر فبراير، مشيرة إلى أن نيبينزيا كان يترأس اجتماعا طارئا للمجلس في اللحظة عينها التي أعلن فيها بوتين عن بدء عملية عسكرية لما أسماه "تحرير إقليم دونباس" في جنوب شرق أوكرانيا.

أمر مستحيل

وردا على إمكانية تجريد روسيا من مقعدها كعضو دائم في مجلس الأمن، قال نيبينزيا في تصريحات أدلى بها لقناة "روسيا 24"، "كلا، بموجب ميثاق الأمم المتحدة.. إنه أمر مستحيل".

أنشأ مجلس الأمن عقب الحرب العالمية الثانية، ويتألف من خمسة عشر عضوًا بينها خمس دول تتمتع بعضوية دائمة، وهي الصين وفرنسا وروسيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية، هذه الدول كانت القوى العظمى التي انتصرت إبان هذه الحرب.

وبحسب ميثاق الأمم المتحدة، لا يحق تجريد أي دولة من عضويتها في مجلس الأمن، حتى لو لم تكن عضويتها دائمة.

وفي حال اتجهت هذه الدول إلى هذه الفرضية، أي تبديل ميثاق الأمم المتحدة، فإن تغيير أي مقترح في نص الميثاق يحتاج إلى موافقة الدول الخمس التي تتمتع بعضوية دائمة، ما يعني أنه يحق لروسيا أن تصوت، وبالتأكيد فهي لن تصوت على تجريد نفسها من عضوية مجلس الأمن، ما يجعل هذا الأمر مستحيلًا.