اختتمت، الاثنين الماضي، القمة السداسية التي شارك فيها 4 وزراء خارجية عرب، بالإضافة لوزيري خارجية الاحتلال الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية، في منتجع "سديه بوكر" الصحراوي، حيث دفن مؤسسها ديفيد بن جوريون أول رئيس وزراء للصهاينة، وقالت إسرائيل، إن هذا الحدث سيتكرر ويتوسع لأنه يبني علاقات تجارية وأمنية مع دول عربية متشابهة التفكير.

وشارك في اللقاء، الذي أُطلق عليه "قمة النقب"، وزراء خارجية مصر سامح شكري، والإمارات عبد الله بن زايد آل نهيان، والمغرب ناصر بوريطة، والبحرين عبد اللطيف الزياني، والاحتلال الإسرائيلي يئير لبيد، والأمريكي أنتوني بلينكن.

بلينكن يطمئن

إصابة رئيس الوزراء نفتالي بينيت وقائد الشرطة كوبي شبتاي بفيروس كورونا -  تايمز أوف إسرائيل

وتخشى إسرائيل من عدم وجود ضمانات كافية في الاتفاق الجديد لمنع إيران من تطوير أسلحة نووية، وتعتقد إسرائيل ودول في الخليج أن تخفيف العقوبات الاقتصادية سيسمح لطهران بتكثيف أنشطتها العسكرية في المنطقة، بما في ذلك دعم الجماعات المسلحة الموالية لإيران في اليمن ولبنان والعراق وسوريا.

لكن بلينكن، خلال مؤتمر صحفي مع نظيره الصهيوني يائير لبيد في القدس، طمأن الأخير وقال "عندما يتعلق الأمر بما هو أهم، فنحن على توافق تام، كلانا ملتزم ومصمم على ضمان عدم امتلاك إيران أبداً سلاحاً نووياً".

وأضاف بلينكن أن إدارة الرئيس الرئيس الأمريكي جو بايدن تعتقد أن "العودة إلى تنفيذ الاتفاق بالكامل هي أفضل طريقة لإعادة تقييد برنامج إيران النووي"، ليعود إلى ما كان عليه قبل انسحاب واشنطن منه في عهد الرئيس السابق دونالد ترمب عام 2018.

وكان بينيت ووزير الخارحية الصهيوني يائير لبيد أصدرا بياناً، الأسبوع الماضي، قالا فيه إنهما "يجدان صعوبة في تصديق أن تصنيف الحرس الثوري الإيراني... ستتم إزالته مقابل وعد بعدم إلحاق الضرر بالأمريكيين... نعتقد أن (الولايات المتحدة) لن تتخلى عن أقرب حلفائها مقابل وعود جوفاء من الإرهابيين".

وتتفق دول المنطقة في قلقها بشأن أي تخفيف للعقوبات ورفع "الحرس الثوري الإيراني" من قوائم المنظمات الإرهابية. وهو مطلب إيراني كجزء من الاتفاق النووي. الأمر الذي من شأنه أن يشجع الجماعات المسلحة المدعومة من إيران، من "حزب الله" في لبنان إلى الحوثيين في اليمن، الذين شنوا أخيراً هجمات صاروخية عدة ضد أهداف مدنية في الإمارات والسعودية، وكذلك حركة "حماس" في قطاع غزة.

وتباهى وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد، وهو يقف إلى جانب نظرائه من الإمارات والبحرين والمغرب ومصر والولايات المتحدة، بالتحالف الجديد وقال "هذه البنية الجديدة ترهب وتردع أعداءنا المشتركين، وفي مقدمهم إيران ووكلاؤها".

مسار تنسيقي

إيران تهاجم قمة النقب مبدية الاستعداد للتعاون مع دول المنطقة

ويرى الكاتب الصحفي علي حمادة أن "هذه الحركة الكثيفة في المنطقة تدل على أمرين مهمين: الأول، أنها تشكل رافعة لمسار تنسيقي في المنطقة في ضوء التحولات الخطيرة التي يشهدها العالم، ليس فقط بالنسبة إلى الحرب الميدانية في أوكرانيا، بل أيضاً بالنسبة إلى التداعيات الاقتصادية العميقة التي ستولدها الحرب التي تمثل في مكان ما نهاية مرحلة تاريخية بدأت مع انهيار جدار برلين عام 1989، وبداية مرحلة تاريخية لم تُعرف معالمها بعد، ويجري رسمها من خلال المواجهة الكبرى الحاصلة بين عالمين متصارعين على حافة الهاوية الكبرى، أي باحتمال الانزلاق نحو حرب نووية، وإن محدودة في أوروبا.

والأمر الثانية، كما يراه حمادة، هو أن أحلافاً إقليمية بدأت تتبلور بمعزل عن مظلة القوى العظمى، وتأخذ في الاعتبار المصالح القومية القائمة بالتوازي مع السياسة والأمن والدفاع والاقتصاد. وقد نجحت هذه الأحلاف في كسر الحواجز الموروثة عن صراعات القرن الماضي. ويؤكد أن هذا المعطى ظاهر في وجود الشريك الإسرائيلي إلى الطاولة، إلى جانب كبريات الدول العربية المركزية، إما مباشرة أو بالواسطة.

وأدان الملتقى الوطني الأردني لدعم المقاومة وحماية الوطن مشاركة عدد من وزراء الخارجية العرب في قمة التطبيع بالنقب. وقال الملتقى الذي يضم عدداً من الأحزاب السياسية والشخصيات الوطنية ومؤسسات المجتمع المدني، في بيان اليوم الاثنين، إن مشاركة كل من وزراء خارجية مصر والإمارات والبحرين والمغرب في هذا اللقاء المشبوه تمثل استمراراً لحالة هرولة النظام الرسميّ العربيّ للتطبيع مع الاحتلال، وصولاً إلى التحالف معه واعتبار دولة الاحتلال مركزاً أساسياً لترتيبات إقليمية مستقبلية على حساب مصالح الأمة العربية والإسلامية.

واعتبر الملتقى العمليات التي ينفذها الشباب الفلسطيني في الأراضي المحتلة عام 48 تأكيداً على التحامهم في مسيرة النضال والمقاومة ضد الاحتلال رغم عقود من محاولات "الأسرلة"، بما يمثل رسالة للمشاركين في هذا اللقاء التطبيعي بأن الشعوب ستظل عصية على التطبيع وستواصل نهج المقاومة والصمود.

تحالف دفاعي

 

وأكد البيان الختامي للقمة تشكيل لجان أمنية لمواجهة تهديدات إيران في المنطقة، وشبكة أمنية للإنذار المبكر، مشيراً إلى أن القمة ستُعقد بشكل دوري.

وقالت صحيفة "وول ستريت جورنال "إن العلاقات الدبلوماسية والأمنية الجديدة تعيد تشكيل الشرق الأوسط حيث يسعى الأعداء السابقون إلى الوحدة في مواجهة إيران، فيما الولايات المتحدة تعيد التفكير في دورها الأمني في المنطقة، وتسعى روسيا والصين لاستغلال الفجوات التي خلفتها واشنطن.

لكن من غير المتوقع أن تجيب المحادثات يومي الأحد والاثنين على ما إذا كانت اتفاقيات أبراهام يمكن أن تتوسع إلى تحالف دفاعي رسمي والدور الذي ستلعبه الولايات المتحدة في أي علاقة عسكرية جديدة.

وقال أمير حايك، السفير الإسرائيلي لدى الإمارات العربية المتحدة "إن أهم قضية هي الجلوس معاً.. هذا يخبر العالم أن المنطقة متحدة."

وتعمل إسرائيل وشركاؤها العرب الجدد على تسريع المحادثات التي تركز على الصواريخ وأنظمة الدفاع الجوي التي تهدف إلى مواجهة ترسانة إيران الكبيرة من الصواريخ متوسطة المدى والطائرات المسلحة بدون طيار.

 

أسفل سلّم الأولويات

وعن موقع القضية الفلسطينية في القمة، رأى المحلل السياسي يوئيل غوزانسكي من معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي أن استعراض القوة الحاصل يشير إلى أن "القضية الفلسطينية في أسفل سلّم الأولويات على جدول الأعمال"، وأن "المنطقة فيها قضايا أكثر إلحاحاً مثل إيران".

من جانبها، أعلنت حركة "حماس" التي تسيطر على قطاع غزة رفضها القمة الخماسية. واعتبرت أن اللقاء "يشرع جرائم الاحتلال، ويشكل دعماً له".

ومن أصل 22 دولة عربية، ترتبط مصر والأردن مع إسرائيل باتفاقيتي سلام منذ عامي 1979 و1994 على الترتيب؛ بينما وقّعت الإمارات والبحرين والمغرب، في 2020، اتفاقيات لتطبيع العلاقات مع تل أبيب برعاية أميركية، ولحق بها السودان في 2021.