عاشت مصر ، الجمعة، يوما غير عادي بسبب مباراة مصر والسنغال التي يستضيفها استاد القاهرة في التاسعة والنصف مساء، بعد أقل من ساعة من كتابة هذه السطور، حيث تعتبر المرحلة الأولى في تحديد الفريق الذي يسافر إلى قطر في نهاية العام للمشاركة في كأس العالم.

الأجواء المشحونة جماهيريا بشكل متعمد من جانب الأذرع الإعلامية التي قررت حشد الشعب المصري لمساندة الفريق المصري من ناحية، وتوجيه الأنظار بعيدا عن كارثة ارتفاع الأسعار الذي لم يسبق لها مصير في مصر، من ناحية أخرى.

 

تأهب أمني

على الجانب الأمني ارتفعت درجة الاستعداد بشكل كبير في الميادين العامة، لدرجة أن البعض أكد أنه لم يشاهد الأرتال الأمنية بتلك الكثافة منذ فترة طويلة، متسائلين، بخبث، عن السبب في تلك الحشود الأمنية الكبيرة التي تفوق تأمين المباراة بمراحل.

 

من يفوز بالمباراة؟

على صعيد المباراة تباينت آراء خبراء كرة القدم والنقاد والجماهير؛ رغم أن هناك إجماعا على قوة الفريق السنغالي المصنف الأول على القارة الإفريقية، والذي يحترف لاعبوه بشكل كامل في الملاعب الأوروبية، ويصعب تحديد أي نقطة ضعف في أعضاء الفريق، فضلا عن ضمه أحد أفضل لاعبي العالم، ساديو مانيه، الذي يلعب إلى جوار نجم الفريق المصري محمد صلاح في ليفربول الإنجليزي، بالإضافة إلى ثبات طاقم تدريب الفريق منذ سنوات، والدفعة الكبيرة التي حصدها السنغاليون قبل عدة أشهر حين فازوا ببطولة كأس الأمم الإفريقية التي أقيمت بالكاميرون للمرة الأولى في تاريخهم، على حساب المنتخب المصري.

أما الفريق المصري، الذي يعتمد على عنصرين مهمين، هما الجماهير التي وصل عددها إلى نحو 65 ألف متفرج زحفت على ستاد القاهرة قبل عصر اليوم والتي تشكل الحافز الأهم للاعبين للإجادة و"أكل النجيل" وفق التعبير الكروي.

أما العنصر الثاني فهو نجم المنتخب المصري محمد صلاح أحد أهم لاعبي العالم وأكثرهم موهبة والذي يمثل وجوده داعما قويا لزملائه وعنصر رعب للاعبي أي فريق يواجه المصريين.

وتبقى الدقائق التسعون لتحدد الفريق الذي يحصد نقاط المبارة ويقطع نصف الطريق إلى مونديال قطر، وفقا للياقة البدنية والتركيز واستغلال الفرص.

 

رعب لم يوقفه التشجيع

في المقابل ما يزال الشارع المصري يغلي بسبب الارتفاع المستمر في الأسعار، ورغم رغبة الجميع في فوز المنتخب المصري وتخطي عقبة السنغال إلا أن الخوف من استغلال سلطة الانقلاب للمباراة في رفع الأسعار مجددا، وخاصة أسعار الوقود التي أعلن مسؤولون أنها في الطريق لا محالة؛ يسيطر على قطاع واسع من الشعب المصري؛ ما دعاهم إلى التردد في تمني فوز المنتخب المصري!

ولم يخل الأمر من السخرية بالطبع، حيث شهدت توقعات عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي لنتيجة المباراة، والتي يفترض أن تكون فوز أحد الفريقين أو التعادل، تخمينات ساخرة بأنه رفع لأسعار البنزين بنسب متفاوتة، وهي سخرية لها مدلول واضح في كشف توجس المصريين من عواقب فوز المنتخب المصري على نظيره السنغالي.

 

دعوات إلى الغضب

في سياق متصل استمرت حالة الغضب الشعبي العارم في الشارع المصري ضد ارتفاع الأسعار وانهيار الجنيه وبيع الحصص الحكومية في شركات "فوري" و"هيرميس" و"البنك التجاري" وشركة الأسمدة وغيرها للصندوق السيادي الإماراتي بما يعادل 2 مليار جنيه، وسط اتهامات لسلطة الانقلاب بتكرار جريمة التفريط في جزيرتي تيران وصنافير بشكل آخر مع الإماراتيين هذه المرة، عن طريق بيع الأصول المصرية  عبر التخلص من شركات رابحة وتتمتع بسمعة جيدة في السوق، وسط أنباء أيضا عن اعتزام الصندوق السيادي السعودي التقدم بعمليات شراء مماثلة، ما ترجمه بعض متابعي "السوشيال" بأن على عدد من المواطنين حراسة الأهرامات وقت المباراة؛ حتى لا يتم بيعها لأي طرف في سبيل الحصول على سيولة يبحث عنها قادة الانقلاب هذه الأيام بقوة لتدبير فوائد القروض وتوفير السلع الأساسية لتفادي الغضب الشعبي. وهي السيولة أيضا التي نجح بنكا "الأهلي" و"مصر" في الاستحواذ على أكثر من 150 مليار جنيه منها خلال 4 أيام مقابل بيع شهادات الاستثمار الجديدة بنسبة ربح خيالية وصلت إلى 18%.

ويتوقع البعض، في حال هزيمة المنتخب المصري، خروح مظاهرات عقب المبارة للتنديد بالمستوى المتدني من الخدمات التي باتت تقدم للشعب المصري واستمرار البذخ الرسمي في مقابل الشح في توفير السلع التموينية، وعلى رأسها الخبز، للمواطنين، فضلا عن معايرتهم بشكل مستمر بأنهم سبب الأزمات المتتالية التي تعيشها مصر نتيجة الإنجاب، وإنكار دور الفشل الحكومي الذريع في انهيار الطبقة المتوسطة وانسحاق الفقيرة.