عزت النمر

"والله العظيم لو ينفع انباع انباع" ..
هكذا بلغت الكوميديا مداها .. هكذا على خشبة المسرح .. نعم مسرح الجلاء ..
كلٌ يؤدي دوره ..
المهرج على خشبة المسرح يقف خلف الميكرفون مرتدياً الزي المناسب , يأتي بأفعال مختلفة متنوعة لينتزع آهات الجمهور ..
الاضاءة والكاميرات والديكورات تناسب العرض وتكمل الصورة ..
على الجانب الآخر .. الجمهور محتشد ؛ الكل في كرسيه حسب وزنه أو ثمن تذكرته ..
هنا .. الممثل هـو من اختار الجمهور .. وليس الجمهور من اختار "العرض" ليشاهد المواهب أو يستمتع بالأفشات ..
جمهور التصفيق .. هناك من يصفق بحماس وهناك من يصفق بكسل والبعض بتكلف .. ولا مانع من تبادل المواقع ..
هناك من يصفق لأنه جزء من المشهد .. وهناك من هو مشدوه بـالحفل .. وهناك من يدفعه للتصفيق اعجاب ما بـالـ "العرض" ..
وبعيداً عن كل هذه الكوميديا العبثية .. نجد أسئلة كثيرة تملأ المشهد .. منها :
هل عبد الفتاح السيسي يمثل دوراً وفقط , ويرسل رسائل وحسب ؟!
هل هذا هو المستوى العقلي والفكري للرجل حقاً ؟!
أم أنه شديد المكر لدرجة أنه يصل الى أهدافه وغاياته ولو بالكوميديا الرخيصة والأدوار الهابطة ؟!
هل ما شاهدناه سذاجة سمجة ومسرحية تافهة ؟ , أم أننا في نظر الممثل العاطفي نحن السذج غير الأسوياء , ونستحق هذا الخطاب ؟!
هل السيسي أراد بهذا الخطاب معالجة أخطاء سابقة بأخطاء جديدة مقصودة ؟!
أم أن الرجل فعلاً يتصور أن هذه رؤية تستحق التكريم والأحتفاء ؟!
من أي إناء نضحت تلك التي سماها "رؤية" ؟!
هل شارك في وضعها خبراء ؟!
هل على السياسيين أن يبحثوا عن رسالة ما في هذا الهراء ؟!
هل هذا الذي جاء به هو خطاب سياسي نتوقف عنده بالتحليل والتقصي ؟!
هل هذا خطاب رئاسي كتبته أجهزة ما في مؤسسة رئاسة تمثل الدولة ؟! .. ما هي هذه الأجهزة ؟!..
هل غياب "هيكلهم" قبل أيام هو ما أودي بنا في هذا الوادي السحيق ؟! .. هيكل مات .. ماذا عن المستقبل ؟!
وغير ذلك كثير .. حيرة بادية وواقع أسيف ..
المشهد عبثي برمته وتواجهنا صعوبة شديدة ونحن نحاول أن نأخذ ما جاء فيه مأخذ الجد ..
نظرة الى الواقع الذي نعيشه تدفعنا بعيداً عن التعاطي معه بالفكاهة والألش ..
أياً كانت فصول المسرحية التي استمتع بها البعض على مسرح الجلاء وأداء السيسي فيها ..
علينا أن ننتبه وننبه كل من تندر عليها وأطلق الضحكات أن المسرحية ستنتهي , ومن ثم سنعود جميعاً الى بيوتنا وسنرجع الى واقعنا ونفيق من سكرة الفكاهة والكوميديا والدجل الى تراجيديا الواقع المؤلم الأسيف ..
علينا أن نجيب على تساؤلات الحاضر واشكاليات الواقع ..
كيف سنواجه جفاف النيل وشح المياه ؟ ..
لسنا ننتج من غذائنا الا أقل القليل .. فماذا لو خسرنا في هذا الصدد مليون فدان أو يزيد بغياب النيل ؟
ماذا أعددنا لملف العملة الصعبة وقد فقدنا السياحة وكانت ساترة . وكلنا يعلم ماذا أصاب ايرادات قناة السويس ؟
كيف سنخرج اقتصادنا من غرفة الانعاش ؟ .. الى الحياة لا الى الغسل والتكفين ؟
كيف نواجه نقص الدواء وهي كارثة وليس بين أيدينا حلول ؟
كيف سنعود الى هويتنا وندافع عن أمننا القومي ؟
وغير ذلك كثير ..  
ان سوءات الواقع وخطورته لا تجعلنا نخشى على مستقبل أبنائنا فهذا ترف , إنما أصبح الخوف على حاضرهم وحاضرنا ..
اننا نحتاج الى دفعة بصيرة وحزمة وعي تدفع الى تغيير واقع لا مجال فيه الى الإصلاح أوالتهذيب ..
ليس هناك من حل الا ثورة كامله عاجلة لا تحتمل التأجيل .. ثورة تلقي بمفردات هذا العفن وتعيد صياغة المشهد من جديد ..
ثورة الجد .. لا مكان فيه للتمثيل ولا للتصفيق ولا للهذل  ..
ثورة بها .. نكون أو لا نكون ..
[email protected]
https://www.facebook.com/ezzat.elnemr.9?ref=bookmarks