10/06/2011

نشر الصحافيّ، حاييم ليفنسون، في صحيفة 'هآرتس' العبرية تقريرا مطولا عن الأسير القائد القسامي إبراهيم حامد جاء فيه: قبل خمس سنوات ونيّف قامت قواتٌ كبيرةٌ من جيش الاحتلال ووحدةٌ خاصةُ من جهاز الأمن العام (الشاباك) باعتقال إبراهيم حامد، بتهمة قيادة كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، والمسؤوليّة عن قتل وجرح المئات من جنود الاحتلال والمستوطنين في الضفة الغربيّة المحتلّة.

تعذيب خمس سنوات

الإعلام العبريّ، طبّل وزمّر لهذا النجاح الباهر وأغدق المديح على (الشاباك)، ولكن اليوم، بعد مرور كل هذه الفترة الطويلة من الاعتقال، لم يتمكن (الشاباك) من الحصول على اعتراف من حامد بالتهم المنسوبة إليه، لا بل أكثر من ذلك، تصميمه وعزمه ومقاومته للمحققين حوّلتهم إلى أضحوكة، إذ إنّهم لم يتمكنوا من بناء ملف قضائيّ للمناضل الفلسطينيّ، وحتى اليوم لم تُقدّم ضدّه في المحكمة العسكريّة لائحة اتهام.

وبحسب الصحافيّ (حاييم ليفنسون) فإنّ معضلة كبيرة يواجهها (الشاباك)، ويعترف بها؛ فعلى الرغم من التعذيب الشديد، والعزل الانفرادي المتواصل، وكل ما تفتقت عنه الذهنية الصهيونية من فنون الحرب النفسية، إلا أنّه يقر بعجزه التام عن قهر إرادة القائد إبراهيم حامد، وبحسب التقرير في الصحيفة العبريّة، فعلى الرغم مما يعتبره (الشاباك) اعترافات وأدلة قوية تربط حامد بعدد كبير من التهم التي ينسبها إليه، إلا أن الرجل كان وما زال كالصخرة الصماء في مواجهة آلة التعذيب التي تمرس محققو (الشاباك) على توظيفها.

يقول الصحافيّ الصهيوني إنّه على الرغم من مرور خمس سنواتٍ على اعتقال حامد، إلا أنّ كبار محققي (الشاباك)، الذين تمرسوا في التحقيق مع الآلاف مع المعتقلين، يقرون إنه لم يعد أماهم سوى نقل حامد من زنزانته في عزله الانفرادي في سجن (أيالون) في الرملة بين الفينة والأخرى ليمثل أمام المحكمة العسكرية في سجن (عوفر) قرب رام الله لينفي مجدداً التهم الموجهة إليه من قبل النيابة العسكرية.

ونتيجةً لذلك،، فإنّ الجهاز القضائي العسكري لا يجد بدًا سوى تأجيل محاكمة حامد، وهي تكاد تكون المرة الأولى التي يعجز فيها (الشاباك) طوال هذه الفترة عن بناء ملف إدانة يصلح تقديمه لمحكمة عسكرية، لا يعتبر تحقيق العدل من المعايير التي تحرص على مراعاتها.

سيرة القائد الأسير

إبراهيم، من مواليد العام 1965، في بلدة سلواد، شرق رام الله، لعائلة لها أحد عشر ابنًا، توفي أبوه جراء عملية جراحية أجريت له، عندما لم يكن إبراهيم قد تجاوز الثالثة من عمره، وأحد أشقائه قتل ضمن صفوف المقاومة الفلسطينية في غارة صهيونية على أحد المواقع الفلسطينية عام 1984 في لبنان. في العام 1991 أدانته محكمة عسكرية صهيونية بالعضوية في حركة حماس، وقضى في السجن أربعة أشهر.

وتزعم المخابرات أنّ إبراهيم سافر عام 1994 للأردن، حيث تمّ تجنيده مجدداً من قبل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، ذلك أنّ الاثنين هما من بلدة سلواد، علاوة على ذلك، يدّعي (الشاباك) أن حامد عندما عاد من الأردن، أصبح الذراع الأيمن لأبرز قائدين في كتائب القسام، الأخوين عماد وعادل عوض الله، واللذين تمّت تصفيتهما من قبل إسرائيل عام 1998. ويدعي ( الشاباك) إن تصفية الأخوين عوض الله دفع إبراهيم إلى قيادة الجهاز العسكري في الضفة الغربية، وبحسب الصحيفة العبريّة فإنّ (الشاباك) يُشدد على حقيقة انّ حامد يعتبر القائد العسكري الفلسطيني الأول الذي خطط للانتقال لتنفيذ عمليات عسكرية إستراتيجية تهدف إلى شل الحياة في الكيان.

تحول إستراتيجي

من هنا، فإن الجهاز يصف إبراهيم بأنه المسؤول عن التحول الإستراتيجيّ في عمل المقاومة الفلسطينية في انتفاضة الأقصى. ومن ضمن ما خطط حامد لتنفيذه، بحسب (الشاباك)، كان المس بخطوط السكك الحديدية، وتفجير مجمع الغاز الضخم في منطقة (بي جليلوت) القريبة من تل أبيب، كما خطط لإنتاج صواريخ، علاوة على دفعه لتنفيذ عمليات استشهادية ثلاثية، وتخطيطه لتنفيذ عمليات اختطاف.

ونقل الصحافي عن مسؤولين في (الشاباك) قولهم إنّ حامد حرص على دراسة خطواته بدقة متناهية، بحيث إنه في كل مرة يتم ضبط خلية عسكرية، فإنّ حامد يقوم بتصور نتائج التحقيق، ويتخذ الاحتياطات بناء على ذلك.

في (آذار) مارس من العام 2009، أصدر (الشاباك) وثيقة عرض فيها أسماء الأسرى الفلسطينيين، الذين يتوجب على دولة الاحتلال عدم الإفراج عنهم، وعلى رأسهم كان حامد، المسؤول عن قتل 82 مستوطنا وجنديا صهيونيًا.

دقة في العمل

وجاء في الجزء المتعلق بإبراهيم في الوثيقة: في العمليات التي أشرف على تنفيذها، وبعقيدة العمل العسكري التي اتبعها، والتي تضمنت الحرص على مستوى عمل عال، وأهلية قيادية كبيرة، وتفانيا في توظيف القوة، كان إبراهيم حامد المسؤول عن نقل العمليات الإرهابية إلى مصاف العمل الاستراتيجي، حيث تمكن من تحديد النقاط التي يؤدي ضربها إلى إلحاق أذى كبير ودمار، علاوة على أثر هذه العمليات في الوعي الجمعي، وقد كان هناك خطر أن يتنافس الفلسطينيون على الاقتداء بحامد في التوجه لتنفيذ مثل هذه العمليات، وحرص على تشغيل خلايا عسكرية، لا تعرف بعضها البعض لتقليل فرص تحديدها وضربها، حيث أن الخلية المسؤولة عن تنفيذ عملات الاختطاف لم تكن تعرف عن الخلية المسؤولة عن زرع العبوات الناسفة.

وأنهى الصحافي التقرير بقصة يرويها محققو (الشاباك): كتب كلاما بناءً على التحقيق، لم يعجب حامد، فما كان منه إلا أن قام بتمزيق الورقة من أمام المحقق بأسنانه، حيث أن يديه كانتا مقيدتين، كما أنّه يرفض الاعتراف بشرعية المحكمة، ويرفض القيام عند دخول القضاة العسكريون، لدرجة أنهم كانوا يدخلون معه بجدل في ذلك بكل جلسة.

وقالت مصادر فلسطينيّة إنّ الدولة العبريّة تعارض إطلاق سراح حامد ضمن صفقة التبادل التي قد تخرج إلى حيّز التنفيذ مع حركة حماس، في حين تُصر الأولى على إدراج اسمه على رأس قائمة الأسرى.

المركز الفلسطيني للإعلام