د. عز الدين الكومي:

 

 

خطة السادات

 انتهت الحقبة الناصرية بهزيمة مروعة لا تزال الأجيال تعاني منها حتى اليوم، وجاء عهد السادات الذي يمم وجهه شطر البيت الأبيض، وبعد معركة العاشر من رمضان، رأى السادات وضع حداً للصراع العربي الصهيوني، والذي تبلور بعد ذلك في توقيع اتفاقية "كامب ديفيد" والسلام مع الصهاينة، وكان موقف الإخوان واضحاً، وهو المعارضة للاتفاقية، ولذلك غضب السادات من موقف الإخوان المسلمين من الصلح مع الصهاينة!!

وكانت مجلة الدعوة نشرت رسالة بعث بها ريتشارد ميتشل أستاذ تاريخ مصر والعرب في جامعة ميتشجن الأمريكية المتخصصة في الشرق ألأوسط، وله دراسة عن الإخوان المسلمين إلى رئيس هيئة الخدمة السرية بالمخابرات المركزية الأمريكية، قال فيها: " بناء على ما أ شرت إليه من تجمع المعلومات لديكم من عملائنا، ومن تقارير المخابرات الاسرائيلية والمصرية التي تفيد أن القوى الحقيقية التي يمكن أن تقف في وجه اتفاقية السلام المزمع عقدها بين إسرائيل ومصر هي التجمعات الإسلامية، وفي مقدمتها جماعة الإخوان المسلمين بصورها المختلفة في الدول الغربية وامتداداتها فى أوربا وأمريكا الشمالية ، وبناء على نصح مخابرات إسرائيل من ضرورة توجيه ضربه قوية لهذه الجماعة في مصر قبل توقيع الاتفاق ضمانا لتوقيعه ثم لاستمراره "، وشرحت الوثيقة وسائل القضاء على جماعة الإخوان على غرار وثيقة ضرب جماعة الإخوان فى عهد جمال عبد الناصر!!

وقد ذكر الأستاذ عمر التلمساني في افتتاحية الدعوة قائلا : وعندما نشرنا وثيقة منذ عامين أو أكثر أو أقل ترسم الخطة التي تؤدى إلى القضاء على الإخوان المسلمين ، ثارت ثائرة البعض في الداخل والخارج (بحسب ما ذكر الأستاذ إبراهيم قاعود في كتابه "الإخوان المسلمون في دائرة الحقيقة الغائبة") وذلك لأن اليهود لا يشعرون بخطورة من أحدٍ على مشروعهم وكيانهم، سوى الإخوان المسلمين، فقد ذكر الشيخ "نظمي حجة" أن شيخه الشيخ المجاهد "سعيد بلال" رحمه الله وهو من قادة الإخوان المسلمين في الضفة الغربية، قد اعتقلته قوات الاحتلال الصهيوني سنة 1984 في مدينة نابلس، وعندما اعتقل ، وضعوه في قبو تحت الأرض ، ليس فيها إلا (جردل) لقضاء الحاجة، وإبريق ماء فقط، لا حمام ولا فراش ولا طعام ولا يعرف الوقت ولا يسمع صوت إنس، وبقي على هذه الحالة أحد عشر يوماً في وضع مأساوي وظروف قاسية جداً يكاد الإنسان فيها أن يفقد عقله، ولما أخرج للتحقيق، وأدخل على المحقق الصهيوني وأمامه صوبة جاز عليها رغيف خبز يسخنه ويقرمش منه وينظر إلى الشيخ، ثم بعد مدة رمى له بكسرة خبز ساخن وكلمة حقيرة ، ورغم جوع الشيخ الشديد ، إلا أنه تمالك نفسه ورد عليه بعزة المسلم المؤمن الواثق بنصر الله ، وبقي المحقق يحقق معه ثماني ساعات متواصلة ثم صرخ به قائلاً: أيها الشيخ ألم تجع بقيت كل هذه المدة دون طعام ، ثم أحضر وجبتي طعام، وكان أول طعام يأكله الشيخ منذ اثني عشر يوماً، ثم حوله على الزنازين المسماة (الأكسات) وهي من أسوأ (بلكات) السجن يتحاشاها كل المعتقلين، ولكن الشيخ وجدها جنة قياساً مع القبو المظلم لأن فيها حمامات وفراشا وطعاما وبشرا، لذلك قال: عاهدت الله أن أثبت في وجه المحققين حتى الممات، واستمر التحقيق مع الشيخ لمدة ثمانية وستين يوما، في كل يوم يحقق معه من 8 ـ 12 ساعة بحيث لا يتكرر المحقق، ويقول الشيخ وكان آخرهم أعتاهم وأقساهم وأشدهم حتى إنه أرهقني كثيراً، وكان المحقق الصهيوني رجلا كبيرا فوق السبعين وكان يخاطبني بواسطة مترجم، وبعد التحقيق المضني الذي كدت فيه أن أستسلم لشدة ما أرّقني وأتعبني؛ وإذا فجأة بالمحقق ينفجر بالبكاء، وبصوت عالٍ وانهمرت دموعه غزيرة، وبعد أن أعياه البكاء قام وغسل وجهه وأشعل لفافة تبغ، وطلب لي وله شايا وقهوة، وأخذ يتمشى في الغرفة ذهاباً وإياباً مطرقاً رأسه، وفجأة وبعد ساعة من الصمت والتفكير، وإذا به يتكلم بلغة عربية وبلهجة نابلسية قائلاً: شيخ سعيد: أنا مستعد أن آتيك بجواز سفر من أي جنسية تريد وفيزا لأي بلد ترغب!! فقال الشيخ: من أجل ماذا؟ فقال المحقق: لأجل مقابلة قيادة الإخوان المسلمين الدولية، فإذا وافق الإخوان المسلمون على أن إسرائيل دولة يهودية من البحر إلى النهر، فنحن على كامل الاستعداد أن نعطيكم مصر أو السعودية أو العراق أو أي دولة تريدون أن تقيموا عليها دولتكم الإسلامية وتطبقوا النظام الذي تريدون!! فرد الشيخ: لماذا تطلب هذا منا؟! اطلبه من حكام العرب أصحاب السلطة والنفوذ، فغضب المحقق الصهيوني وضرب المكتب بقوة حتى كاد يكسره، وقال: كل حكامك العرب موافقون على هذا!! لا بل موقعون عليه!! أبو عمار بتاعك في جيبتنا الصغيرة .. شيخ سعيد: لا يوجد لنا على هذه الأرض كلها عدو واحد يخالف فكرتنا التي ضحينا لها كثيراً وأقمنا بها مشروعنا في فلسطين إلا أنتم (الإخوان المسلمين).. يا شيخ: خذ هذا رقم هاتفي فإن وافقت على ما أقول اتصل معي وأكون لك من الشاكرين، ثم أمر بإطلاق سراحي.  (مقال بعنوان لماذا الحرب على الإخوان المسلمين؟؟ 17/سبتمبر/2013،للأستاذ أحمد الزرقان.(

ويقول وزير الداخلية الصهيوني الأسبق عوزي برعام في مقال نشره في صحيفة (إسرائيل اليوم). وأنه خلال زيارته للقاهرة بصفته وزيراً للداخلية عام 1995، التقى بعمر سليمان ، حيث تفاخر أمامي بنجاح النظام المصري في توجيه ضربات للإخوان المسلمين . وأن الإخوان المسلمين أقوى بكثير مما هو متصور لدى العالم الخارجي، ونحن نقطع الليل بالنهار في حربنا ضدهم، من أجل وقف تعاظم قوتهم، وهذا أمر صعب، لأن المساجد تعمل في خدمتهم!!  فهي حرب عالمية ضد كل ما هو إسلامي، وإلا ماذا يعنى تصريح هذه المرأة الأمريكية فكتوريا جاكسون، وهى معروفة بمواقفها المعارضة للرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما حيث وصفته بالشيوعي والجهادي المسلم. بعد الانقلاب العسكري تقول: بأنها جلست [ست ساعات] مع رجال المخابرات لكي يكشفوا لها عن خطط الإخوان المسلمين في الاستيلاء على أمريكا، وكأنها لا تعلم أن أوباما الجهادي المسلم ، على حد زعمها، نصّب دكتاتوراً بعد أن استولى على السلطة - قال: أنه لن يكون - فى عهده - خلافة إسلامية ، ولا إخوان مسلمين يعملون في السياسة!!

ومازال كثير من المستغفلين يقولون أنها حرب على الإخوان!!

 

 

 

المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن رأي نافذة مصر