في يناير عام 2010، أفاق الفلسطينيون والعالم على حدث صادم وهو اغتيال القيادي في حركة حماس محمود المبحوح في عملية نفذتها المخابرات الإسرائيلية "الموساد" في قلب مدينة دبي بالإمارات. لكن الصدمة الأكبر، كانت عندما بدأت تتكشف تفاصيل المخطط السري للعملية، حيث شكّل سيناريو عملية اغتيال المبحوح، أبرز علامات التعاون الأمني بين الإمارات وإسرائيل، والذي يعتبر القيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان أحد أركانه.

وسبق أن نجا محمود المبحوح القيادي في كتائب القسام من أربع محاولات اغتيال.

وبدأت قصة سيناريو الاغتيال، بمتابعة المخابرات الإماراتية للمبحوح الذي كان مسؤولًا عن شراء الأسلحة لكتائب القسام، الجناح العسكري لحماس، والمسؤول عن تحويل الأموال والتبرعات إلى الحركة، حين علمت بنشاطه، واستلم ضاحي خلفان ملف ومحمد دحلان ملف المبحوح الذي كان يعتبر المطلوب رقم 1 للموساد في تلك الأيام.

وحين أقام المبحوح في فندق بستان روتانا بدبي غرفة 103، وصلت المعلومات إلى شرطة دبي، وتم تسريبها إلى جهاز السي آي إيه (المخابرات الأمريكية)، وإلى الموساد الإسرائيلي.

ورغم خروج ضاحي خلفان للإعلام في صورة البطل وهو يعرض فيلما مشوقا وتسجيلات لتحركات المتهمين في عملية اغتيال المبحوح، إلا أن التطورات اللاحقة كشفت عمق تورطه هو ودحلان في العملية.

كان خروج خلفان كل يوم للإعلام أقرب ما يكون لمسرحية لتبرئة الذمة ومنعا للأقاويل التي تحدثت عن تورطه وتورط سلطات الإمارات في القضية التي جرى دفنها لاحقا، دون محاكمات.

في وقت لاحق، نشر مركز الإمارات للدراسات والإعلام "إيماسك" تقريرًا يكشف تورط ضاحي خلفان قائد شرطة دبي في عملية اغتيال المبحوح، واستند المركز في تقريره إلى من وصفهم بمصادر من داخل شرطة دبي نفسها التي قالت إن دحلان كان يملك معلومات تفصيلية عن خطة المراقبة التي كانت تقوم بها الموساد والسي آي إيه، ولكنه لم يتدخل من أجل إيقافها.

كما أشارت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، في تقرير لها، إلى دور ضاحي خلفان وتورطه في عملية الاغتيال ثم القيام بلعب دور البطولة، واصفة إياه بـ"الشرطي الذي لا يتوقف عن النقيق".

وبدوره، أوضح الناشط (مجتهد الإمارات)، على صفحته بموقع (تويتر) أن خلفان كان على علم بالمؤامرة التي تحاك ضد المبحوح من قبل وكالة الاستخبارات الأمريكية "سي أي ايه" وجهاز الموساد "الإسرائيلي".

وكشف أن خلفان قد كلف عناصر أمن إماراتية عالية التدريب لمراقبة المبحوح وجرى تسليم ملف التتبع لـ "السي أي إيه" والتي سلمته جاهزًا على طبق من ذهب لجهاز الموساد، الذي قام بتصفية القيادي في القسام المبحوح". ولفت المصدر نفسه إلى أنه كان لمحمد دحلان دور كبير في اغتيال المبحوح؛ حيث كان يشرف على الملف مع مدير شرطة دبي.

وبالإضافة إلى المتهمين الأجانب، قادت التحقيقات إلى أن الفلسطينيين أحمد حسنين وهو عضو سابق في المخابرات الفلسطينية، وأنور شحيبر ضابط سابق في جهاز الأمن الوقائي الفلسطيني، المتورطين في عملية اغتيال القيادي في حركة حماس محمود المبحوح يتبعان للموساد. وأن الاثنين يعملان موظفين في مؤسسة عقارية تابعة لمحمد دحلان.

وحاول دحلان التوسط لدى السلطات في دبي للإفراج عن عميلي الموساد الإسرائيلي. وقال القيادي في حركة حماس محمد نزال إن حسنين وشحيبر كانا يعملان ضمن الأجهزة الأمنية في قطاع غزة، وأنهما هربا من هناك بعد "الحسم العسكري" الذي نفذته حركة حماس عام 2007 وسيطرت بموجبه على القطاع.

وحسب نزال فإنه تبين لحركة حماس أن الاثنين "يعملان موظفين في مؤسسة عقارية تابعة للعقيد محمد دحلان". وبين أنهما "كانا جزءا من الخلية التابعة لجهاز الموساد التي نفذت الاغتيال والتقيا قائد الخلية التي أعلن قائد شرطة دبي الكشف عنها".

لكن، المنظمة العربية لحقوق الإنسان أعربت في بيان عن دهشتها من أن المتهمين الفلسطينيين حسنين وشحيبر والمقربين من دحلان ما زالا يقيمان في دولة الإمارات ولم يقدما للمحاكمة بتهم تقديم الدعم اللوجستي لفريق الاغتيال.

وأكدت المنظمة أن "السلطات القضائية في دبي لم تقدم المذكورين لمحاكمة عادلة وشفافة تظهر دورهم الحقيقي في عملية الاغتيال وجرى التعتيم على القضية، وتأكد لاحقا أنهما يعيشان أحرارا في دولة الإمارات".

ونبهت "المنظمة" إلى أن "أحد المتهمين في الاغتيال ويدعى، برودسكي، اعتقل في بولندا بتاريخ 4 يونيو 2010، وطالبت السلطات الألمانية بتسليمه وخلال الإجراءات التي استغرقت شهرين لم تتدخل السلطات الإماراتية ولم تقدم طلبا لاستلامه"، وذلك يؤكد تهاون السلطات الإماراتية في القضية.

ولم تحرك السلطات الإماراتية أي ساكن، عقب تسليم برودسكي للسلطات الألمانية بتاريخ 11 أغسطس 2010، إلى أن قام قاض في مدينة كولونيا بتاريخ 13 أغسطس 2010؛ بالإفراج عن برودسكي بكفالة وفق ما أفاد به، راينر فولف، المتحدث باسم النيابة العامة. وقال فولف: "إن مذكرة التوقيف علقت بعد التوصل إلى اتفاق بين المحكمة ومكتب المدعي العام".

مؤكدًا أن "باستطاعة برودسكي العودة إلى إسرائيل، وهكذا تبخر برودسكي وضيعت السلطات الإماراتية فرصة ذهبية في القبض على متهم بجريمة خطيرة، وهذا المسلك غريب على السلطات الإماراتية، فمؤخرا أرسلت طائرة خاصة وضغطت على الحكومة الإندونيسية من أجل تسلم معارض إماراتي (عبد الرحمن خليفة بن صبيح السويدي) قامت باستلامه يدا بيد، وحكمت عليه عشر سنوات"، وفق قوله.